المصدر: المدن
الأحد 26 أيلول 2021 17:36:52
كتب نادر فوز في المدن:
قطعت السلطة السياسية الطريق أمام المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار. طلب ردّ صادر عن النائب المدعى عليه نهاد المشنوق، دعوى ارتياب مشروع مقدّمة من الوزير السابق يوسف فنيانوس، وطلبا ردّ آخران صادران عن النائبين المدعى عليهما أيضاً علي حسن خليل وغازي زعتير، اللذين على ما يبدو لم يسدّدا بعد الرسوم القضائية من أجل تسجيل الطلبين.
كل هذا في جهة، وموقف وزير الداخلية والبلديات، القاضي بسام مولوي في جهة أخرى. الأخير، بعيداً عن المسار القضائي والعرقلة الحاصلة في طلبات الردّ والارتياب والتغيّب عن الجلسات، قرّر عدم تبليغ رئيس الحكومة السابق حسان دياب والوزراء السابقين النواب الحاليين بمواعيد مثولهم أمام البيطار. سبق للأخير أن حدّد في 30 أيلول موعداً لاستجواب خليل، وفي الأول من تشرين الأول استجواب زعيتر والمشنوق، وحسان دياب في الرابع من تشرين.
قرار مولوي
جاء قرار مولوي الامتناع عن تبليغ المسؤولين المدّعى عليهم للمثول أمام البيطار، استناداً إلى مادة 210 من القانون رقم 17، قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي. فتشير المادة 120 من هذا القانون إلى أنه "يمكن أن تكلّف قوى الأمن الداخلي استثنائياً بالتبليغات التي تنص عنها القوانين المرعية في ما يتعلق بأصول المحاكمات المدنية أو الجزائية، خاصة عند وجود نقص في عدد المباشرين أو لاعتبارات أمنية. ويعود تقدير ذلك إلى وزير الداخلية". تقدير وزير الداخلية جاء بالامتناع عن التبليغ، على الأرجح لاعتبارات أمنية، لكون لدى المسؤولين المدعى عليهم ترسانة من المسلحين والمرافقين وغطاءات سياسية ومذهبية وطائفية تحميهم.
مخالف للقانون
ولدى مراجعة المواد القانونية، يمكن التيقّن بأنّ الوزير مولوي خالف القانون. هو الآتي من خلفية قضائية، إذ كان رئيس الغرفة الابتدائية في بيروت ورئيس محكمة جنايات الشمال. كما تشير سيرته القضائية إلى أنه كان أول قاضٍ يعقد جلسة الكترونية في تاريخ محافظة الشمال، وذلك بسبب إقفال المحاكم بفعل أزمة فيروس كورونا. يدرك مولوي القانون عن غيب، طبعاً، ويعرف تماماً فحوى المادة 147 من قانون أصول المحاكمات الجزائية. وتنصّ الأخيرة، من بين سائر فقراتها، أنه "على المكلّف بالتبليغ أن ينفذ ما كُلّف به من دون إبطاء وأن يبذل قصارى جهده لتبليغ المقصود بالذات". أي أنّ المكلّف بالتبليغ ملزم بالتنفيذ، بغض النظر عن هويته ومنصبه وموقعه.
قطبة دار الإفتاء
قرار مولوي، الامتناع عن تبليغ المسؤولين المدّعى عليهم، جاء بعد زيارته دار الفتوى ولقائه بالمفتي الشيخ عبد اللطيف دريان. أو قد يكون موقفه لحق بدريان. لكن لا بدّ من التوقف عند "الزيدانية"، التي استغلّ قبل أيام النائب المدعى عليه نهاد المشنوق منبرها لإعلان رفض التحقيق وعدم المثول أمام القاضي البيطار. فهل جاءت زيارة مولوي إلى دار الفتوى في إطار مواكبة قراره وتأمين الغطاء المذهبي والطائفي اللازم له؟ هل بات كل تبليغ وادعاء واستجواب في هذا الملف يستوجب المرور من الزيدانية؟ هل بتنا أمام مقولة جديدة تقول إنّ طريق التحقيق في مجزرة 4 آب يمرّ من الزيدانية؟ الوزير مولوي لا يردّ على هاتفه للإجابة عن هذه الأسئلة والتساؤلات، هو الآتي من خلفيته القضائية تحديداً. هل باتت دار الفتوى عنوان عرقلة التبليغات ومنع مثول المدعى عليهم أمام القضاء؟ هل تقبل هذه الدار بلعب دور "الغطاء" لحماية مدعى عليهم في انفجار المرفأ؟ لمنع الوصول إلى حقيقة من قتل مئات اللبنانيين ودمّر عاصمتهم؟ إلى الآن ظهر الغطاء مرّة واثنتين وثلاث. فمن يحمل رقم المفتي أو مسؤولي مكتبه يمكنه الاتصال بهم لمعرفة ردّهم.
تبليغ البيطار
يوم الجمعة الماضية، وبعد تقدّم وكيل المشنوق بطلب ردّ البيطار، لم يكن الأخير حاضراً في العدلية لتبليغه بالطلب. أي لتبليغه بكفّ يده عن التحقيق، كل التحقيق، بانتظار البتّ بهذا الطلب. مع العلم أنّ مصادر حقوقية توقّفت عند حضور عدد من القضاة والموظفين الذين عادة ما لا يحضرون إلى "العدلية" أيام الجمعة. لكن هؤلاء حضروا مع وصول طلب الردّ ومشوا به في المسار القضائي الطبيعي. من المفترض أن يحضر البيطار يوم غد إلى مكتبه في قصر العدل، على اعتبار أنه سبق وحدّد مواعيد لاستجواب العمداء السابقين في الجيش كميل ضاهر وجودت عويدات وغسان غرز الدين. كما أنه من المقرّر أن يحضر إلى مكتبه يوم الثلاثاء لاستكمال استجواب قائد الجيش السابق جان قهوجي. وسبق وحدّد موعداً لاستجواب مدير إقليم بيروت في الجمارك بالإنابة سابقاً موسى هزيمة، الأربعاء المقبل.
القاضي طارق البيطار، من المفترض أن يكون في قصر العدل يوم غد. حضوره سيكون لاستكمال التحقيقات والاستجوابات، أو للتبلّغ بأنّ الملف توقّف عند هذا الحد؟ هذا ما ستكشفه لنا الساعات المقبلة.