طهران أعلنت وتل أبيب صمتت...هل نفّذت مسيّرة إيرانية عملية في أجواء إسرائيل؟

 أعلن قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني، في كلمة ألقاها خلال مراسم إحياء "يوم القدس العالمي"، عن تنفيذ طائرات مسيرة إيرانية "عملية ناجحة" في أجواء إسرائيل، لكنه لم يشرح  تفاصيل العملية المزعومة، او مهمة المسيرة ومتى دخلت اجواء اسرائيل، وماذا استهدفت، وما هي العملية الناجحة التي نفذتها؟ بدورها، لم تعلق اسرائيل على الخبر لا سلبا ولا ايجابا ولم تُشر وسائل الاعلام الخارجية الى هذا الحدث. فهل حصل هذا الأمر فعلاً ام ان ايران كعادتها تروّج لأخبار غير صحيحة لغايات في نفسها ومن ضمن سياسة اجندتها؟ 

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يقول لـ "المركزية": "حتى اللحظة لا معلومات دقيقة، إنما الأكيد أن ايران لن تتمكن من إرسال مسيرات إلى قلب اسرائيل، رغم ان الاسرائيليين ضربوا منذ فترة قواعد في ايران ومناطق مسيّرات لحزب الله في لبنان وتمّ السكوت عنها"، مشيراً إلى ان إعلان قاآني عن هذه العملية يدخل ضمن احتمالين: الاول، الحرب الاستخباراتية غير المكشوفة حيث لا يستطيع الطرف الاعلان عنها إلا بعد فترة، لأنه يُصبح مطالباً بالرّد وخاصة الايرانيين. والثاني يدخل ضمن حرب البروباغندا السياسية كنوع من التهديد في حال عدم إبرام الاتفاق النووي. والدليل، ان ايران، عندما استهدفت اسرائيل مفاعل بوشهر ونطانز واغتالت العالم النووي محسن فخري زاده وغيرها من العمليات، كان الجواب الايراني ان هناك مسا كهربائيا او انفجارا لقارورة غاز، ولم تعلن عنها فعليا، وهذا يدل على ان العملية اكبر من مسألة ضرب او ارسال مسيرة من هنا او هناك. كما ان كل المسيرات التي ارسلها حزب الله على الحدود الجنوبية تمّ إسقاطها ولم تحقق أهدافها. هذا إلى جانب العملية الكبيرة التي قامت بها اسرائيل ونقلت أطنانا من الملفات والوثائق من ايران الى اذربيجان بسيارات ومن ثم سحبوها الكترونيا، ولم تعترف ايران أيضاً بذلك إلا بعد أن أعلنت وكالة الاستخبارات الاسرائيلية تفاصيل العملية. يومها اعترفت ايران أنه تم اختراقها بالجواسيس". 

ويشير العزي الى ان الصراع الايراني -الاسرائيلي دائم ومستمر، بدءا بالحرب البحرية المتمثلة بضرب وتفجير ناقلات نفط ووضع الغام وسرقة بواخر، إلا أن الاميركيين كانوا يرفضونها ويطلبون التوقف عنها طالما عملية التفاوض النووي جارية. هذا إضافة الى الضربات الاسرائيلية للمواقع الايرانية وميليشياتها في سوريا ومنع تخزين سلاح صاروخي ذكي في سوريا، وكل ذلك على مرأى من الروسي الذي يعتبر نفسه الحامي للتموضع السوري والايراني في سوريا. وبالتالي فإن الضربات المتتالية في سوريا دون رد ايراني او روسي يُعتبر في إطار الصراع والمواجهة غير المباشرة بين ايران واسرائيل على الاراضي السورية. وسمعنا الحرس الثوري يطلق المواقف بأن في حال تم الاعتداء على طهران ستقوم ترسانتنا العسكرية الموجودة في غزة وفي جنوب لبنان بالدفاع عن حماية وأمن طهران وبالتالي اصبح هذا السلاح المنتشر في هذه المناطق الشمالية والجنوبية للدولة العبرية مُهدِّدا فقط لحماية أمن طهران وليس لاسترجاع فلسطين. لذلك، ايران لم تتدخل سوى بالصورة وليس بالفعل، كما أنها تعمل على تسليم موقف حماس والحوثيين والحشد الشعبي والميليشيات الموجودة في سوريا للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله".  

ويضيف: "اسرائيل لم تُفصِح عن هذه العملية اكانت ناجحة ام فاشلة، وهل حققت اهدافها في قلب الكيان الاسرائيلي ام لا وهل تم اسقاطها بواسطة القبة الحديدية. لكن إذا كانت ايران حقيقة أجرت هذه العملية، فإنها ستكون حافزاً مهماً لاسرائيل وستتخذ منها ذريعة واضحة امام الرأي الدبلوماسي العالمي للردّ، الذي سيكون قاسيا جدا، لن يكون من اسرائيل او عبر البحر او دول الخليج انما من أذربيجان. ومن هنا ايران تعلم جيدا ان هذه مغامرة كبيرة سيُحسب لها حساب خاصة اذا اتت المسيرات من الوسط الايراني". 

ويؤكد العزي أن الاحتمال الآخر لإعلان ايران عن هذه العملية يدخل ضمن سياسة دعائية للضغط على الولايات المتحدة من أجل إزالة الحرس الثوري الايراني عن لائحة الارهاب. فالوقت بدأ يضيق أمامها وعليها أن تُنجز الاتفاق قبل نهاية تموز، حيث تبدأ العطلة في أميركا مطلع شهر آب. وفي أيلول يبدأ الصراع السياسي الاعلامي لانتخاب مجلس الشيوخ والكونغرس والبرلمان الاميركي وفي حال نجح الجمهوريون سيكون حكم بايدن معطلا طوال فترة السنتين القادمتين طالما انه لم يحصل على اكثرية في مجلس الشيوخ ولن يستطيع التضحية بالدخول في اتفاقيات جانبية خاصة وان الملف الايراني بات بالنسبة له غير مهم طالما انه اليوم يخوض حربه الفعلية ضد روسيا والهدف منها احتواؤها واحتواء الصين لكي يثبت قيادته في المجتمع الدولي".  

ويختم: "من هنا ارى ان كلام قاآني قد يكون فقط للاستهلاك الاعلامي والسياسي، لأن ايران عادة ما تكشف عن خططها وكيفية تنفيذها، وتحاول ابتلاع ما تريد تنفيذه منها اذا كانت مباشرة من ايران، وتباركها اذا كانت من الأذرع لا بل تسارع في المباركة. لذلك، الانتظار الفعلي هو كيف سيعلن عنها الجانب الاسرائيلي اذا كانت حقيقة ام كذبة. اذا كانت كاذبة لن يتوقف امامها الاعلام الاسرائيلي، اما اذا كانت حقيقة فإننا في ما بعد سوف نشاهد تفاصيل من الموساد الاسرائيلي عندما يتم تحقيق اي ضربة عسكرية".