المصدر: نداء الوطن
الكاتب: مايز عبيد
الخميس 4 كانون الاول 2025 07:36:22
حادثة سقوط عدد من عبوات الغاز من شاحنة على الطريق العام من عكار باتجاه طرابلس قبل أيام، أثناء محاولة السائق تعبئتها، كانت كافية لإطلاق صافرة إنذار حقيقية عن فوضى هذا القطاع وما آل إليه.
فلو لم تكن العبوات فارغة، لكانت النتيجة كارثة حقيقية، تعكس بوضوح مدى الفوضى في نقل الغاز المنزلي وتداوله في معظم المناطق اللبنانية، خصوصًا في الشمال، ومدى تهديده حياة المواطنين اليومية.
ما يبدو حادثًا عابرًا، يخفي وراءه أزمة متصاعدة تهدد المواطنين في أي لحظة. فالظاهرة لم تعد محصورة ببضعة بائعين جوّالين على المنازل والمحال، بل أصبحت شاحنات "البيك أب" المحمّلة بعشرات العبوات تجوب الأحياء السكنية يوميًا، ناقلة الغاز إلى المنازل من دون أدنى مراعاة لشروط السلامة.
طريقة التنقل العشوائية، وغياب التثبيت المحكم للعبوات، والحمولات الزائدة، تجعل هذه المركبات أشبه بـ "قنابل موقوتة" تتحرك بلا رقابة على الطرقات.
الأشهر الأخيرة شهدت حوادث وحرائق عدة ناجمة عن سوء النقل أو التخزين أو التسريب، أدت في بعض الحالات إلى إصابات وأضرار مادية كبيرة. الخبراء يؤكدون أن نسبة كبيرة من هذه الحوادث كان يمكن تفاديها لو التزم الناقلون بالشروط التقنية المعتمدة عالميًا ومحليًا، أو لو اقتصر شراء الغاز على الشركات المتخصصة ومنعت السيارات الجوالة من التعامل بهذه المادة الخطرة.
أين السلطات المعنية؟
هنا يبرز السؤال الأهم: أين دور وزارتي الطاقة والاقتصاد في ضبط هذا القطاع؟ وهل هناك متابعة فعلية لتطبيق القوانين على العاملين في البيع المتنقل، الذين يستخدمون مركبات مهترئة، ويضعون الغاز على الحديد الساخن من دون أي أساليب عزل، وغالبًا ما تفتقر هذه الآليات لأبسط معايير الحماية؟
مسؤولية البلديات واتحاداتها لا تقلّ أهمية، إذ يقع على عاتقها مراقبة النشاط داخل نطاقها، والتأكد من مطابقة المركبات والمستودعات لشروط السلامة، وتحديد العدد الأقصى للعبوات المسموح بنقلها، وتوفير مستلزمات الإطفاء والوقاية.
ترك الأمور على هذا النحو يفتح الباب أمام مخاطر لا يمكن التنبؤ بها، خصوصًا في ظل تعامل يومي مع مادة شديدة القابلية للاشتعال. فسلامة المواطنين ليست تفصيلًا، ولا يمكن أن تبقى رهنًا لاجتهادات الأفراد أو حسن نية بعض التجّار.
حتى تتحرك الجهات المعنية بقرارات واضحة وإجراءات رادعة، ستبقى عبوات الغاز المتنقلة تتجول بين الطرقات كخطر صامت ينتظر لحظة الخطأ ليحوّل المشهد إلى مأساة حقيقية.