عرقلة عمل البيطار... القضاء في مرحلة عدم إحقاق الحق

الاسبوع الماضي، تقدمت العضو في اللجنة التأسيسية لتجمع أهالي شهداء انفجار مرفأ بيروت راغدة الزين زوجة علي صوان أحد ضحايا انفجار مرفأ بيروت، بدعوى ضد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار طلبت فيها تنحيته عن الملف، زاعمة أن الأخير "بات يشكل عائقا أمام كشف الحقيقة في جريمة انفجار المرفأ"، علما أن هذه اللجنة تضم ستة أشخاص انشقوا عن أهالي ضحايا انفجار المرفأ إثر أحداث الطيونة، وتردد أن انسحابهم جاء بضغط مباشر من حزب الله الذي يركز حملة على البيطار لمحاولة "قبعه" وإقصائه عن التحقيق في ملف المرفأ.

الدعوى الجديدة المقدمة ضد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار سلكت مسارها القانوني، حيث أبلغ البيطار من محكمة التمييز المدنية التي يرأسها القاضي عفيف الحكيم مضمون الدعوى، التي تكف يده عن الملف مؤقتا إلى حين صدور القرار بشأنها. ومع إبلاغ البيطار بهذه الدعوى، فقد رفع يده تلقائيا عن الملف ولو مؤقتاً، علما أن التحقيق متوقف منذ أكثر من ثلاثة أشهر بسبب دعاوى مماثلة.

دعاوى الرد والارتياب والمخاصمة هذه التي يعتمدها الفريق المناهض للمحقق العدلي تشل يد البيطار وتمنعه من إصدار القرار الظني بعدما اتهمته قوى سياسية بأنه يعمل لجهة سياسية هي التي توجّهه وتستخدمه لأغراضها السياسية وفق ما قال رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه غامزا من قناة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.

من هنا يُطرح السؤال، ألا يوجد مخرج قانوني لوقف مسلسل هذه الدعاوى من قبل اهالي ضحايا المرفأ والوزراء المتهمين الذين يرفضون المثول امام البيطار؟

وزير العدل السابق ابراهيم النجار يقول لـ"المركزية": "أتمنى أن يتم هذا الامر، لكن لسوء الحظ هناك شغور في أعضاء الهيئة العامة لمحكمة التمييز وهذا الشغور لا يمكن تجاوزه إلا من خلال تشكيلات جزئية، وهذه التشكيلات لا تتحقق. شخصيا، أعتقد ان التشكيلات الجزئية ممكنة طالما رئيس الجمهورية وفريقه مع متابعة التحقيق في قضايا المرفأ، فمن المفترض ان تُثمر التشكيلات القضائية حلولاً. وهذا الحل المطروح من الممكن ان يُبصر النور الليلة ويكون بادرة الخير لهذا الملف".

ويضيف: "أما القوانين، السارية المفعول، فلا يمكن تغييرها إلا من خلال التشريع في مجلس النواب".

إذاً هناك حل لهذه المعضلة؟ يجيب: "بالطبع، لكن لا إرادة سياسية لسوء الحظ. هناك في القانون ما يسمى "عدم إحقاق الحق"، وهذا سبب لتجاوز الاصول العادية، إنما لسوء الحظ تحتاج الى إرادة سياسية وقضائية غير متوافرة. نحن اليوم في خضم ما يسمى "عدم إحقاق الحق".

وعن إرجاء البت بقانون استقلالية القضاء لمزيد من الدرس والذي هو ربما من أهم ما طُرح من قوانين في تاريخ الجمهورية بالنسبة للإصلاحات، نظراً لدوره المحوري في تحصين النظام القضائي من التدخلات السياسية وتأثير السلطة التنفيذية عليه، يقول النجار: "أرجئ لأنه لم يتم عرضه أصولاً على مجلس القضاء الاعلى، بعد ان كان قد أحيل الى اللجان الفرعية وتم تعديله دون أن يطلع عليه مجلس القضاء الاعلى".

ويتابع: "أعتقد ان تعديل بعض المواد بالقانون الحالي اي قانون القضاء العدلي يكفي لتأمين استقلالية القضاء، ولكن هذا يستوجب أخذ رأي مجلس القضاء الاعلى. في المطلق، في يوم من الأيام، لا بدّ من تعديل الدستور كي تتنظم استقلالية القضاء كسلطة. اليوم، تشير المادة 20 الى استقلالية القضاء والسلطة القضائية، كما ان مقدمة الدستور تلحظ بوضوح وجوب التعاون بين السلطات ولكن بدون ان يتم تنظيم القضاء كسلطة بكل معنى الكلمة، ربما عندما تتيح الظروف ويصبح من الممكن تعديل الدستور لا بدّ من إدخال فصل كامل عن القضاء كسلطة متميزة عن السلطتين الأخريين التشريعية والإجرائية".