علوش عن باسيل وزيارته الملغاة الى طرابلس: يفتش عن حليف سنّي للبقاء على قيد الحياة

لا تختلف مدينة طرابلس عن سائر المدن اللبنانية في كونها معقلاً لكل الإشكاليات والتناقضات السياسية والخلافات، ولطالما شهدت في تاريخها محطات مفصلية وأحداثاً وتطورات، من دون إغفال أنها مدينة العلم والتلاقي وقد أنجبت رجالا كبارا على مختلف المستويات.

لكن في كل محطة وعرس لهذه المدينة المسالمة قرص، إنْ على مستوى الخلافات السياسية أو سواها من أحداث وتطورات دراماتيكية، إذ خيضت على أرضها معارك عسكرية محلية وإقليمية، في ظل تعدد التنظيمات والمنظمات من كل الأشكال والألوان.

وكان لافتا قبل يومين تأجيل رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل زيارة كان يعتزم القيام بها إلى طرابلس، مع الإشارة الى أنه يزورها مراراً وسط تساؤلات عن ماهية هذه "المحبة والتعلق" بالفيحاء التي تمثل الأكثرية السنية، وسبق ان حصل صِدام كبير بين باسيل والسنّة، إلى أمور كثيرة من خلافات ومساجلات، في وقت قيل إن تأجيلها جاء بطلب من مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد طارق إمام، وذلك على خلفية التزامات المفتي السابقة في بيروت، تحضيراً لجلسة المجلس الشرعي باعتباره نائباً لرئيسه، ولم يصدق كثر ان هذا السبب هو الذي دفع باسيل إلى إلغاء زيارته للمدينة، في ظل قراءات واجتهادات حول الأسباب الكامنة وراء ما حصل.

ويشار الى أنه منذ فترة لم تتخطّ الشهرين، زار رئيس "التيار البرتقالي" طرابلس والتقى النائب فيصل كرامي الذي تربطه به علاقة متينة. والسؤال: هل كان في نيته أن يلتقي كرامي مجدداً وقيادات أخرى؟ ولماذا يصر على زيارة الفيحاء في هذه الظروف وليس مدينة أخرى؟

النائب السابق مصطفى علوش يقول لـ"النهار" ان "السبب الرئيسي لتأجيل باسيل زيارته إلى طرابلس، ليس إلغاء موعده مع سماحة المفتي، إذ بإمكانه أن يزورها من دون أن يلتقي به، لكن هناك أكثر من سبب ومعطى دفعه إلى إلغائها، باعتبار ان رئيس التيار الوطني الحر يحاول من خلال زياراته المتكررة إلى طرابلس وفي هذا التوقيت، أن يسجل حضوره ليقول أنا موجود بعدما وصل إلى وضع صعب وتحديداً على المستوى الشعبي، فيحاول تبييض صورته من خلال هذه الزيارة، إذ خسر على المستوى المسيحي بشكل لافت ولا مجال له أن يتحالف مع أحد، أكان مع حزب القوات اللبنانية، وهذه مسألة محسومة، في حين ان الضربة الأخرى كانت مع الطائفة الشيعية، حيث علاقته مع حزب الله باتت من الماضي السحيق، وبمعنى أخر، لم تعد قائمة بينهما خصوصاً بعد معركة التمديد لقائد الجيش".

ويتابع علوش: "من هنا يحاول من خلال زياراته المتكررة إلى طرابلس أن يفتش عن حليف وبديل مما حصل معه على الصعيد المسيحي والشيعي من خلال السنّة، وثمة البعض في طرابلس لا قيمة ولا دور لهم يلتقيهم خلال الزيارة لتسلط عليها الأضواء بأنه مازال موجوداً ويلتقي قيادات سنية، في حين ان صفحته مع السنّة سوداء وقاتمة وتحديداً في طرابلس، ولا ننسى كل المعارك التي خيضت من قِبل عمه الرئيس السابق ميشال عون وباسيل نفسه تجاه السنّة، في ظل حملات حاقدة قام بها كل من عون وصهره، من هذا المنطلق، سعى إلى زيارة طرابلس ويحاول دائماً تكرار التجربة بدخول المدينة ولقاء قيادات غير موجودة ولا دور لها".

ويشير علوش إلى أن باسيل "يمتاز بالمناورات والألاعيب وتاريخه معروف في هذا الإطار، إذ سعى لزيارة طرابلس ليواجَه بردة فعل غاضبة من الناس ومن القيادات، ليستثمرها مسيحياً علّه يستعيد شعبيته المسيحية التي خسرها بشكل لا يحتاج إلى أي قراءة، وفي حال قُدر له أن يلتقي بعض القيادات، يقول "ها أنا موجود"، بمعنى أنه يحاول القول أنا مازلت على قيد الحياة في ظل ما يمر به ويجتازه من مطبات وخسائر بالجملة. هذه هي الأسباب الآيلة والدافعة لزيارته مراراً إلى طرابلس، وإلغاء زيارته الأخيرة لا ترتبط وتتعلق بغياب المفتي عنها، بل ثمة أمور كثيرة منها ان ليس هناك أي حماسة لاستقباله والمدينة ترفضه وهو يحاول تعويم نفسه سياسياً بعد المعارك التي خاضها ولم تحقق له سوى الخيبات".

وتقول مصادر بارزة في "التيار" لـ"النهار"، إن مسألة تأجيل زيارة باسيل إلى طرابلس "أعطيت أكثر من حجمها، فالمفتي أوضح موقفه من خلال البيان الذي أدلى به، وبالتالي الزيارة قد تحصل لاحقاً في أي توقيت، إنما ليس هناك أسباب ودوافع سياسية"، من دون أن تخوض في التفاصيل.