على طريق الحرب أو "مفاوضات"السلام: لبنان يحتاج رئيساً

يبدو لبنان مطلع العام 2024 وكأنه "طَبّع" مع فكرة الشغور في منصب الرئاسة الأولى. لا رئيس للجمهورية اللبنانية في زمن سياسيّ واقتصاديّ وأمنيّ شديد الخطورة ينذربـ"انفجار ما"، إن لم يكن الإنفراج سريعاً.

تتعدد الانشغالات، من الواقع الأمني جنوباً وصولاً إلى الضاحية الجنوبية؛ ومن الموازنة غير المتوازنة وصولاً إلى واقع النزوح السوري و"ما كشفت عنه عمليات الدهم والإعتقال، العسكرية والأمنية، من أسلحةٍ وذخائر نوعية في يد النازحين، بما يُشكِّل قنبلة موقوتة وتهديدًا حقيقيًّا للأمن ولسلامة اللبنانيين"، على ما جاء في بيان مجلس المطارنة الموارنة أمس.

الا أن انتخاب رئيس للجمهورية يبقى الهاجس المقيم في بكركي، كما في الأوساط المسيحية.

لذا، ليس مفاجئاً ان يحمل البيان الأول لمجلس المطارنة الموارنة لهذه السنة دعوة "السادة النوّاب، تكرارًا، إلى الوفاء بالاستحقاق الدستوري المُلزِم والقاضي بانتخابِ رئيسٍ جديد للجمهورية، توفيرًا على البلاد مزيدًا من الإنهيارات ومن عدم الإستقرار".

 

رئيس للحرب أو للسلام
تعكس مواقف بكركي، إلى حدّ كبير، توجه "الرأي العام" المسيحي، وتتقاطع مع قناعات معظم النواب المسيحيين الحزبيين منهم والمستقلين.

"إذا كنا نتجه إلى حرب فلا بد من وجود رئيس للجمهورية وما يستتبعه ذلك من اكتمال المؤسسات بشرعية غير منقوصة قادرة على رفع منسوب الوحدة الوطنية؛ واذا كنا على أبواب مفاوضات واتفاقات سلام فلا بد ايضاً من وجود رئيس يضع لبنان شريكا على طاولة أي مفاوضات". هي الخلاصة التي يكررها عدد من النواب المستقلين، في سياق النقاش حول الواقع اللبناني ومآلاته.

يوافق أسقف ماروني على هذه المقاربة التي تسأله عنها "المدن"، ويضيف "وجود رئيس للجمهورية ليس حاجة ظرفية. هو رأس الدولة وحامي دستورها، بالتالي هو رمزها، أي أن الدولة تبقى منقوصة وصورتها مهزوزة بغياب رئيسها. فكيف إذا كان حال الدولة كحالنا نقيم بين منزلتي الحرب والسلم والافقار والصمود وهجرة شبابنا واستبدالهم بنازحين او لاجئين؟".

ويخلص الأسقف إلى تكرار التأكيد: "بغض النظر عن أي ظرف آني ومتطلبات هذه المرحلة الخطيرة، فإن انتخاب الرئيس يجب أن يتم فوراً بعد أن تأخرنا كثيرا".

 

اليوم التالي
يكثر الحديث عن "اليوم التالي" لوقف آلة القتل الاسرائيلية في غزة، لكن ماذا عن اليوم التالي في لبنان؟.

كيف ستنتهي "نصف الحرب" التي تُخاض جنوباً؟ هل تتوسع لتكون "بلا ضوابط" كما حذّر امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بالأمس؟ أم تنتهي بوساطة ديبلوماسية؟ ووفق اي صيغة وسيناريو؟ وباي ضمانة؟

في الحالتين تشتّد الحاجة إلى رئيس للجمهورية. فالحرب تحتاج إلى اسناد سياسي ومواكبة وطنية تنهض بها مؤسسات.
والسلم، كي لا ياتي على حساب لبنان، يحتاج إلى رئيس وحكومة مكتملة المواصفات والصلاحيات للتفاوض ولضمان ان يكون لبنان شريكا في المفاوضات، وله حق القبول والرفض، وليس تابعاً يتم تبليغه تنفيذ الأوامر. والاّ يكون التفاوض والاتفاق حصراً مع حزب الله، مع ما يعنيه ذلك من تصدّع اضافي في البنيان الوطني الهش اصلا.

عليه، يؤكد عدد من النواب أن انتخاب رئيس الآن قد يمكّننا من انقاذ بعض ما تبقى من هيكل الدولة. أما انتظار نتائج المعارك في غزّة، ومراقبة تطورات الميدان في لبنان، وترقّب كل الحراك في المنطقة وحسابات الدول ومصالحها، فلن ينتج عنه الا مزيد من تحلل الدولة وتفكك أوصالها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

واذا كان قرار الحرب قد تتخذه اسرائيل، فلبنان معني بقرار السعي إلى سلمه الأهلي وتحصين دواخله، والمعبر الأول لذلك هو انتخاب رئيس الآن.