عودة النازحين... معالجات موضعية وقوى امر واقع لا تسهّل

 رغم الجهود التي يبذلها لبنان لتأمين عودة طوعية وآمنة للنازحين السوريين الى بلادهم لما يشكّلونه من عبء على الاقتصاد اللبناني، لا زالت عثرات كثيرة تعترض هذا الملف، بدليل ان المرحلة الاولى التي باشرت بها الدولة في 26 تشرين الاول الماضي بإشراف الجيش اللبناني والأمن العام، لم تكن على مستوى التوقعات، حيث بلغ عدد المغادرين 511 نازحًا من أصل 751 كان مقرّرًا عودتهم. كما تراجع العدد في قافلة العودة الثانية التي جرت يوم السبت الماضي حيث بلغ العدد 330 نازحاً. 

أما المعبر الحدودي الأبرز لدخول وخروج النازحين، أي نقطة المصنع، فلم تسجل عبور إلا 12 نازحاً في الدفعة الاولى. كما تراجع العدد في قافلة العودة الثانية التي جرت يوم السبت الماضي عبر البوابة ذاتها، ولم يغادرها إلا عشرة نازحين فقط امن عبورهم الامن العام اللبناني الى الداخل السوري حيث اتخذت إجراءات لوجستية تشرف عليها السلطات السورية في استعادة مواطنيها الراغبين في العودة. 

ولا يقتصر الأمر على العدد الضئيل للراغبين في العودة، إنما تشير المعلومات الى ان عدد الوافدين في ازدياد مضطرد مقارنة مع المغادرين. فما الذي يعيق هذه العودة؟ وهل ان المؤسسات المانحة والمجتمع الدولي تركت لبنان وحيداً يتخبط في هذا الملف، كرسالة مباشرة له بأنه لن يتمكن من معالجة هذا الملف ما لم يتمّ اتخاذ قرار دولي بذلك؟ 

المدير التّنفيذي لـ"ملتقى التأثير المدني" زياد الصّائغ يقول لـ"المركزية": "العودة هي أولويّة، وكلّ مسار يستظل سياسة عامّة متكاملة مرحّب به، لكنّ الإشكالية الأساس ما زالت تكمن في أنّ لا حوكمة رشيدة حتّى السّاعة لأزمة النّزوح، وبالتّالي نحن أمام معالجات موضعيّة وليس بنيويّة، وهذا ليس بتفصيل". 

وإذ يشدّد الصّائغ على أنّ "كان من الأجدى إنجاز مسار تعاونيّ مع المفوّضيّة العليا لشؤون اللاجئين أساسه العودة، مع توفير مساحات آمنة في القلمون الغربيّ، والزبداني، والقُصير، لتسهيل عودة 400000 نازح سوري إليها، بدل الاستناد إلى مشهديّة فولكلوريّة في وقت أنّ هذه الرّقعة الجغرافيّة تتعرّض لانتهاك متماد على كلّ المستويات". 

وعن مقاربته لدور المجتمع الدّولي يشير الصّائغ إلى "أنّ المجتمع الدّولي فشل في المساهمة في إنجاز تسوية في سوريا، وهو في مواجهة أمر واقع شرس، وهو، أيّ المجتمع الدّولي، غير منزّه عن الاعتراف بهذا الفشل، لكن قوى الأمر الواقع في سوريا هي الأساس في عدم تسهيل عودة النّازحين لأسباب استراتيجيّة باتت مَعلومة".