المصدر: نداء الوطن
الكاتب: شربل بو ديوان
الخميس 29 أيار 2025 07:22:09
باتت كرة السلة اليوم أكثر من مجرّد رياضة في لبنان، حيث أضحت متنفّساً حقيقيّاً للشعب ومصدراً للسعادة والفرح في ظلّ الظروف الصعبة. شعبيّتها تتنامى يوماً بعد آخر، بالتوازي مع تطوّر لافت للمستوى المحلّي كما الدوليّ لتغدو جزءاً لا يتجزّأ من هويّة اللبنانيين.
ويُشكّل الإعلام أحد الأعمدة الأساسيّة التي ساهمت في انتشار كرة السلة اللبنانية، إذ أسهم بفعاليّة في تعزيز نجومية اللعبة ونقل شغفها إلى كل بيت وحيّ.
في مقابلة لـ "نداء الوطن"، تحدّث المعلّق الرياضي غياث ديبرا، عن ملامسة هذه اللعبة وجدان اللبنانيين، مؤكداً أنها أكثر من مجرّد رياضة، بل تاريخ يُروى وذكريات راسخة لا تنسى من تتويج فريق الحكمة ببطولة آسيا، إلى الانتصار التاريخي للمنتخب اللبناني على فرنسا في كأس العالم 2006، وصولاً إلى إنجازات نادي الرياضي في آسيا وبطولة دبي وبطولة وصل فالمشاركة في كأس العالم للأندية في العام المنصرم، كل ذلك شكّل محطات مضيئة صنعت مجداً لا يُنسى.
ويرى ديبرا أن كرة السلة أصبحت مصدر فخر واعتزاز ليس فقط للمقيمين في لبنان، بل حتى للمغتربين الذين يتابعونها بشغف ويعتبرونها همزة وصل مع الوطن. وأضاف أنّ التنافس المناطقي الذي تشهده الملاعب اللبنانية يُعزّز حماسة اللعبة بشرط أن يُدار بالشكل المناسب. واستشهد بمباراة بين فريقي الحكمة والرياضي في وصل، حيث قدّم الجمهور لوحة رياضية رائعة رغم التنافس التاريخي الكبير، وأثبت أن كرة السلة توحّد ولا تفرّق.
ولم يُخفِ ديبرا سعادته بالمشهد الجديد على المدرّجات، حيث بات حضور الأطفال والعائلات ظاهرة لافتة، تؤشر على مستقبل واعد للعبة، فهذا الجيل الشاب يواكب المباريات بحماسة ويتأثر بالتعليق الرياضي، ما يعكس عمق تأثير النجوم على الجمهور. وأشار إلى أن منحه ألقاباً مثل "الرهيب" و "الأيرون مان" للاعبين ليس أمراً عابراً، بل وسيلة لتقريبهم من قلوب الناس وزيادة ارتباطهم باللعبة.
وتطرّق ديبرا إلى مسألة الرايتنغ الإعلامي، مؤكداً أن الأرقام لا تعكس الحجم الحقيقي للمشاهدين، لأنّ المقاهي والمنازل تضمّ مجموعات كبيرة من المتابعين لا يمكن احتسابهم في الإحصاءات وعليه يجب ضرب أرقام الرايتنغ بثلاثة أضعاف تقريباً للحصول على تقدير أكثر واقعية، خاصة أنّ المباريات تُبثّ في أوقات الذروة وتحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة.
كما شدّد على أهمية وجود المعلنين في دعم كرة السلة، معتبراً أن التفاعل الجماهيري يُشجّع الاستثمار ويزيد من انتشار اللعبة. وأكّد أن الموسم المقبل سيكون أكثر إثارة وقوة، واعداً الجماهير بمزيد من التألق.
أما عن المدرّب اللبناني، فأشاد ديبرا بتطوّره الكبير، مشيراً إلى أنّ صعوبة الدوري المحلّي ساهمت في صقل مهارات المدرّبين، الذين لا يقتصر دورهم على الجانب الفني والتكتيكي، بل يشمل أيضاً الإدارة النفسية لغرف الملابس، في ظلّ وجود نجوم كبار يحظون بجماهيرية عالية. وأكّد أن التميّز الحقيقي للمدرّب اللبناني يكمن في قدرته على خلق التوازن بين الخطط الفنية وإدارة اللاعبين النجوم داخل غرف الملابس.
وختم ديبرا حديثه بتعبير مؤثر عن علاقته بالجمهور، قائلاً: ردّة فعل الناس هي أكبر تكريم لي. بعد 24 عاماً، يشكل الناس الحافز الأهم الذي يدفعني للعطاء وأحضر كل مباراة كأنها الأولى لي، وآراء الجماهير هي المقياس الحقيقي لنجاحي.
هكذا تبقى كرة السلة اللبنانية قصة شغف متواصلة، تُكتب على وقع التصفيق وصيحات التشجيع، وتُرسم في وجوه الأبطال، كباراً وصغاراً، داخل الملاعب وخارجها.