فرصة جديدة مُهدَّدَة بالضّياع... مظلّة لا تتغيّر مهما حصل!

كتب الزميل أنطوان الفتى في وكالة أخبار اليوم:

ها نحن أمام أرضيّة جديدة، لبَدْء عمل أكثر جديّة، في ملف التحقيقات المرتبطة بانفجار مرفأ بيروت.

فمجموعة من المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية، حثّت الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على تشكيل لجنة تحقيق في الانفجار الضّخم. فيما ذكرت "هيومن رايتس ووتش" أن الدّعوة وردت ضمن رسالة مشتركة لـ 53 منظمة لبنانية وإقليمية ودولية، إضافة إلى 62 ناجياً، وعائلات الضحايا.

تدخُّل سياسي

وأشارت المنظمة إلى أنها وثّقت العديد من أوجه القصور في التحقيق المحلي في الانفجار، من بينها التدخّل السياسي الصارخ، وعدم احترام معايير المحاكمة العادلة، وانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة.

فكيف يُمكن الاستفادة من تلك الأرضيّة بطريقة عمليّة، من خلال تواصُل فريق لبناني مع روسيا والصين، لتأمين سلوك هذا الدّرب، بموازاة إقناع القوى الغربيّة الكبرى بضرورة فصل هذا الملفّ، عن أي ملفّ إقليمي آخر.

جديّة مفقودة

شدّد مصدر مُطَّلِع على أن "تحرّك المنظّمات الحقوقيّة في هذا الملف ما كان ليحصل، لولا أن جديّة التحقيقات اللبنانية غير متوفّرة، بنسبة لا يُستهان بها".

ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أنه "تبيّن أن المحقّق العدلي الذي تمّ عزله عن الملفّ، القاضي فادي صوان، كان ذاهباً باتّجاه استدعاء وزراء ونواب، وطلب مثولهم أمامه من أجل التحقيق معهم، مع إمكانية إصدار مذكّرات في حقّهم. فاستفاقت السلطة السياسية من غيبوبتها، وقرّرت مواجهة القضاء والمحقّق العدلي، وكمنت له بحيث تمكّنت من الإيقاع به، وعزله، ضمن إطار سيناريو قضائي مركّب".

حماية سياسية

وأكد المصدر أن "المعطيات المتوفّرة حتى الساعة تُثبت أن المجتمع الدولي مقتنع بأن التحقيق المحلي لن يصل الى نتيجة، بموازاة استحالة إمكانيّة الوصول الى تحديد مسؤوليات كبرى. ومن هذا المُنطَلَق، لا بدّ من لجنة تقصي حقائق دولية، تحدّد كيفية حصول المجزرة، كمقدّمة لتحقيق دولي في ما بَعْد".

وأضاف: "تحرُّك المنظمات الحقوقية يصبّ في الإطار الصّحيح، لكَوْن السلطات المحلية غير قادرة على استكمال التحقيق، والمسار الصحيح مع المسؤولين الحقيقيين عن الانفجار. فلا أحد يتوقّع أكثر من إدانة صغار القَوْم في النّهاية، بموجب التحقيقات اللبنانية، وإبقاء المسؤولين الكبار جانباً، نظراً للحماية السياسية التي يتمتّعون بها".

ضياع الحقيقة

وحذّر المصدر من "استنزاف الوقت، لإرساء مزيد من التخاوي  الشعبي مع الكارثة. فهذا ما تعوّدنا عليه في لبنان، مع الأسف، طوال عقود من تمييع ملفات كثيرة، وتجهيل المرتكبين الحقيقيين للكثير من التجاوزات والكوارث. فسياسات التجهيل، متّبَعَة منذ سنوات طويلة".

وتابع: "إذا لم نتدارك الأمور بالإصرار على المطالبة بلجنة تقصّي حقائق دولية، كبداية، ستضيع الحقيقة بأبخَس الأثمان".

 لا يتغيّر

وعن ضرورة التواصُل مع الصين وروسيا، كمقدّمة للنّجاح في الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، أجاب المصدر:"الحقيقة لا ترتبط بمروحة من الإتّصالات مع الحكومات الفاعلة، ومع البلدان الدائمة العضوية في مجلس الأمن، فقط".

وقال:"مصالح تلك الدّول في المنطقة، هي التي ستؤثّر على سلوكها. ولذلك، لا بدّ من توفير الإطار الداخلي القادر على السّماح بالوصول الى الحقيقة، وإعلانها، بمساعدة دوليّة هي أكثر من ضروريّة".

وختم:"عندما تجمع المصالح بين دولة كبرى، والدولة هذه أو تلك في المنطقة، فإن ذلك سيستولد حُكماً مظلّة لتلك القوى الإقليميّة، تحميها داخل الأمم المتحدة، ومجلس الأمن. وهذا الواقع لا يتغيّر مهما حصل".