قانون الإيجارات المعدّل سيلزم الدولة دفع بدلات مرتفعة هل ستعتمد الحكومة مخرجاً للإشكالية أم سيصبح نافذاً؟

من المقرر أن يطرح مجلس الوزراء في جلسته الأولى في السنة الجديدة المقررة غداً الجمعة القانون الجديد لإيجارات الاماكن غير السكنية التزاماً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بقراره في آخر جلسة عقدها في 26 كانون الأول الماضي بعدم نشر ثلاثة قوانين بينها هذا القانون ليتسنّى له، إثر مراجعات تلقاها، عرض القرار المتصل بإصدارها من الحكومة مجدداً على أول جلسة لمجلس الوزراء للبحث في الخيارات الدستورية المتاحة أمامها، وذلك بعد أن قررت الحكومة في 19 كانون الأول الماضي على عجل إصدار سلة من القوانين بينها القوانين الثلاثة التي تقرّر عدم نشرها.

أحدث قانون الإيجارات المعدل ارتياحاً في أوساط المالكين لدى إقراره من مجلس النواب في الجلسة التي عقدها في14 و15 كانون الأول الماضي واعتبروا أنه يحفظ ماء وجه حقوقهم بعد 40 عاماً من عقود إيجار غير متوازنة قضمت حقوقهم والتهمت الأزمة الاقتصادية وتدنّي سعر صرف قيمة النقد الوطني مردودها بعدما عوّلوا على أن أملاكهم ستكون سنداً لهم في الكبر. ولكن فرحة المالكين لم تأخذ طريقها بعد الاعتراضات بالجملة التي لقيها من المستأجرين تحت عنوان أن المشرع لم يراع التدرّج الزمني في القانون. وشكلت هذه الفئة عبر الهيئات التي تمثلها الجزء الأكبر من المراجعات التي تلقاها رئيس الحكومة. ودخل رئيس مجلس النواب نبيه بري على خط الأخذ في الاعتبار إعادة عرض قرار إصدار هذا القانون على جدول البحث من جديد. برر المستأجرون أماكن غير سكنية إعلاء الصوت بعلة أن قانون الإيجارات المعدل لا يوازن بين المالك والمستأجر وألزم تحرير عقود الإيجارات القديمة بعد أربع سنوات من نفاذه، على أن يتم تصحيح الإيجارات من السنة الأولى برفعها بمعدل 25 في المئة من بدل المثل، ما يوازي 8 في المئة من قيمة المأجور، ثم رفعها في السنة الثانية بمعدل 50 في المئة، فمئة في المئة في السنتين الثالثة والرابعة.

وفي تشريحه لقانون الإيجارات اعتبر رئيس تجمع الحقوقيين للطعن وتعديل قانون الإيجارات المحامي أديب زخور، عبر "النهار"، أن زيادة 8 في المئة من قيمة المأجور مبالغ فيها، ويقتضي أن تتراوح بين واحد و3 في المئة، وكذلك الحفاظ على تعويضات المستأجر وحصر إلزام الأخير بالتصليحات العادية للمأجور الذي يشغله فحسب من البناء برمّته حيث مأجوره، وحفظ حقه في التنازل عنه وأن يكون قرار الزيادة على المأجور مشتركاً بوجود عقد متوازن بينه وبين المالك. واستطراداً دعا الحكومة الى رد القانون الى مجلس النواب تماماً كما طالب الرئيس بري، على أن تكون مهلة تعديل القانون سريعاً بعد الوقوف على رأي جمعيات التجار والنقابات وفي مقدمهم نقابة المحامين التي لم يؤخذ برأيها. وأشار زخور الى أنه التقى نقيب المحامين في بيروت فادي المصري حول هذا الموضوع. وذكر في السياق أن حوالى 25 في المئة من مكاتب المحامين قائمة على إيجارات قديمة وسبق أن دفع قسماً منهم خلوّاً ليتمكنوا من تسلم المأجور في الثمانينيات. والزيادة على المأجور غير السكني، بحسبه، ستشمل عقارات مستأجرة من الدولة من مبانٍ مدنية وغير مدنية تشغل قسماً منها مدارس رسمية ومبانٍ جامعية وبلديات وما الى ذلك، فيما أعلن رئيس الحكومة أمس أن الدولة عاجزة عن دفع رواتب الموظفين، فكيف ستسدد الدولة، التي تعاني عجزاً مادياً، زيادة بدلات المأجور المرقومة؟

ولتلافي المأزق القانوني الحاصل كان على الحكومة تقرير عدم إصدار القوانين الثلاثة لتبقي على المهلة القانونية المعطاة لرئيس الجمهورية، ممثلاً بالحكومة حالياً، لإصدار القوانين والمحددة بثلاثين يوماً في المادة 19 في الدستور الذي خوله طبقاً للمادة 57 منه أن يعيد القانون الى مجلس النواب لإعادة النظر فيه على أن يقرّه الأخير بالأغلبية المطلقة، علماً بأن الدستور منع رئيس الجمهورية من إدخال أي تعديل على القانون خلال المهلة المعطاة له لإصداره أو لإعادته الى المجلس. وتبعاً لهذا الواقع سبق أن اقترح القانوني الدكتور هيثم عزو عبر "النهار" مخرجاً لهذه الإشكالية القانونية بسحب قرار إصدار هذا القانون بقرار إداري من الحكومة لأن المستقر فقهاً واجتهاداً أن أي قرار إداري يمكن سحبه واسترداده وإلغاء مفاعيله شرط أن يكون القرار الإداري المطلوب سحبه مخالفاً للدستور أو مشوباً بعيب من عيوب عدم المشروعية أو أن تكون الغاية من سحبه ابتغاء الصالح العام، إذذاك يجوز للحكومة مجتمعة وليس رئيس الحكومة منفرداً أن تعود عن قرارها بأثر رجعي قبل نشره في الجريدة الرسمية وقبل اكتمال المدة المحددة للنشر.

وثمة مخرج آخر بحسب المحامي عزو بسن قانون جديد من مجلس النواب يحمل صيغة المكرر المعجل يعلق بمقتضاه أحكام قانون نافذ أو يعدله أو يلغيه كلياً إذا ما ارتأى وجود مبررات وضرورة تبتغيها المصلحة العامة كأن يكون القانون الذي تم إقراره سابقاً ثم ألغي لأنه يضر بشريحة كبيرة من العامة أو بمصالح الدولة.