قرار "تاريخي" ينزع الغطاء عن سلاح "حزب الله"... هل بدأ لبنان رحلة استعادة الدولة؟

كتب المحرر السياسي:


في سابقة لم يشهدها لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية، اتخذت الحكومة اللبنانية قراراً يُعدّ نقطة تحوّل في مسار العلاقة بين الدولة وسلاح "حزب الله". فقد قرّر مجلس الوزراء تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية قبل نهاية العام الحالي، على أن تُعرض الخطة على الحكومة قبل نهاية الشهر الجاري، في جلسة حاسمة تُعقد في السابع من آب.

ليس هذا القرار مجرد إجراء إداري أو بند من بنود النقاش الدائر حول الورقة الأميركية، بل هو إعلان سياسي واضح بسحب الغطاء الرسمي والشرعي عن سلاح "حزب الله"، وتحويله من قوة كانت تُدرج في خانة "المقاومة" إلى مجموعة خارجة عن القانون، يجب التعامل معها كتهديد للأمن الداخلي وسيادة الدولة.

وزير العدل عادل نصار شدد في حديثه الإعلامي على أن "السلاح جرّ البلاد إلى حروب ولم يحمِ لبنان منذ العام 2000"، مضيفاً أن "حصرية السلاح بيد الدولة ليست مطلباً خارجياً فحسب، بل حاجة لبناء دولة مكتملة الأوصاف". وقد ذهب نصار أبعد من ذلك حين اعتبر أن على "حزب الله أن يفهم أن سلاحه لم يعد مقبولاً، وأنه يتنافى مع مبدأ الدولة الحديثة".

أهمية هذا القرار لا تقف عند حدّ تكليف الجيش أو تحديد المهلة الزمنية. هو قرار ذو أبعاد استراتيجية، يشكّل إعلاناً صريحاً بانتهاء شرعية "سلاح المقاومة"، وخسارته للمظلّة السياسية التي حمت وجوده لعقود. وما من مبالغة في القول إن هذا التطور يُعدّ هزيمة سياسية للحزب، تأتي على وقع انتكاسات عسكرية في الجنوب، وضغوط خارجية متصاعدة، وتبدّل جذري في المزاج الإقليمي والدولي.

ما جرى يفتح الباب أمام تحول جذري في المشهد اللبناني:

للمرة الأولى منذ اتفاق الطائف، تقر الدولة رسمياً أن "السلاح خارج الدولة" يجب أن يُنزع.

بات هناك غطاء حكومي للانتقال من منطق "التسويات مع السلاح" إلى منطق المواجهة القانونية والدستورية.

القرار يشرّع الباب أمام مصادرة الأموال غير الشرعية ووقف شبكات التهريب والتمويل التي تدعم الحزب.

يُعطي شرعية دولية لأي تحرك مستقبلي تحت مظلة الفصل السابع في حال عدم التزام الدولة بتنفيذ خطتها.

أما لمن يستخفّون بالقرار أو يسعون إلى تقزيمه بشعارات من نوع "سلاحنا ما حدا بيطالوا"، فعليهم إدراك أن المسألة لم تعد مجرّد مزايدة إعلامية، بل تحوّلت إلى مسار مؤسساتي له تبعات قانونية، وأكلاف سياسية، وارتدادات محلية ودولية.

قد تكون الطريق طويلة ومعقّدة، وقد تعترض التنفيذ صعوبات وتحديات، لكن المؤكد أن لبنان الرسمي، ولأول مرة منذ عقود، قالها بصوت عالٍ: "لا سلاح خارج الدولة".