قمة الصين.. ما دور "بريكس" في عالم ما بعد حرب أوكرانيا؟

في ظل تصاعد الاستقطابات الدولية الحادة على وقع الأزمة الأوكرانية، عُقدت قمة مجموعة "بريكس" برئاسة بكين عبر تقنية الفيديو، والتي ضمت قادة كل من روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا .


وجاء في إعلان بكين للقمة 14 لدول "بريكس"، والذي نشر على موقع الكرملين: "تمكين وإصلاح النظام المتعدد الأطراف، يتمثل في جعل أدوات الحوكمة العالمية أكثر شمولا وتشاركية، وتعزيز مشاركة أكثر نشاطا وذات مغزى من البلدان النامية، في عمليات وهياكل صنع القرار العالمية".

وحول الأزمة الأوكرانية، جاء في البيان الختامي: "ناقشنا الوضع في أوكرانيا واستذكرنا مواقف بلداننا، التي تم التعبير عنها في أماكن متخصصة، وبالتحديد في مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، نحن ندعم المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا".
ويرى مراقبون أن هذا التجمع الضخم يشكل تكتلا دوليا مهما تستند له موسكو وتلوح بورقته، في وجه الغرب، معتبرين أن ما يشهده العالم من بروز وصعود لأقطاب وقوى دولية متنافسة، يضع مجموعة بريكس في قلب تفاعلات المخاض العالمي الحالي .

وللحديث عن آفاق تطور مجموعة البريكس وتأثيراتها على الأزمة الأوكرانية وتفاعلاتها الدولية، يقول أستاذ العلاقات الدولية وفض النزاعات حسن المومني: "بلا شك منظمة البريكس تشكل واحدة من أبرز ملامح التحول والتغيير التي تعصف بالعالم، لكنها لا يمكن أن تتحول لحلف مضاد للحلف الغربي".

وأوضح المومني في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": " أن الأحلاف تؤطرها جملة مصالح اقتصادية وسياسية وتطابق في الرؤى وقيم مشتركة تجمع أركانها، والبريكس لهذا تبدو تجمعا شبيها بمنتدى شنغهاي، بمعنى أنها تجمع إقليمي في المحصلة، ولا يمكن النظر له على كونه حلفا عالميا قائما بذاته".

وأضاف: "ربما تكتسب قمة البريكس في ظل الحرب الأوكرانية وتداعياتها خاصة على أمني الطاقة والغذاء حول العالم أهمية استثنائية، لكن مع ذلك من المبكر الحديث عن تحول البريكس لتحالف دولي كبير، حيث لا زالت هناك نقاط خلافية بين أعضائه، كما وترتبط بعض دوله كالهند والبرازيل وجنوب إفريقيا بعلاقات قوية مع الغرب خاصة في المجال الاقتصادي".
وأكمل قائلاً: "صحيح أن الهند مثلاً عضو بالبريكس، لكنها في الوقت عينه عضو في تحالف كواد الرباعي مع اليابان والولايات المتحدة وأستراليا، ولهذا في مرحلة التحولات الدولية الحالية العاصفة والمتذبذبة هذه، لا يمكننا الجزم بإن البريكس سيتحول لتحالف متماسك وقوي في وجه الغرب".

بدوره يقول الباحث والخبير في الشؤون الروسية، مسلم شعيتو، في حديث مع "سكاي نيوز عربية":"مجموعة البريكس قد تلعب دورا موازيا لمجموعة السبع وحتى المنظومة الأوروبية، وهناك الآن ظروف موضوعية مواتية لتفعيل هذه المجموعة وتطوير مضامير نشاطها خاصة في مجالات التبادل التجاري والمالي، في ظل العقوبات الغربية على روسيا وما يشهده العالم من انهيار لنظام القطبية الأحادية".

وأضاف: "كل المقومات التنافسية متوفرة لدى بريكس، وأهمها امتداد دولها على مختلف قارات العالم وقوتها الديمغرافية والاقتصادية والعسكرية والسياسية الضاربة، علاوة على قدرتها على التوسع واستقطاب وضم بلدان ومجموعات أخرى كمجموعة شنغهاي".

ومجموعة بريكس أبصرت فكرتها النور في العام 2006، لتشكيل تحالف دولي في وجه السيطرة الغربية على العالم، وتحولت لمجموعة سياسية واقتصادية متكاملة.

وعقدت أول قمة لها في يوم 16 يونيو من العام 2009، تحت اسم "بريك" في مدينة يكاترينبورغ الروسية، بمشاركة كل من البرازيل وروسيا والهند والصين أولاً، ثم انضمت لها لاحقا جنوب إفريقيا في العام 2010، ليصبح اسم التحالف الدولي "بريكس"، وهي كلمة مشكلة ومشتقة من الحروف الأولى من اسم كل دولة عضو .

ويشكل عدد سكان دول "بريكس"، نحو 45 بالمئة من سكان العالم، وتغطي مساحة الدول الأعضاء فيه، ما يزيد على 39 مليون كيلومتر مربع، أي ما يعادل 27 في المئة من إجمالي مساحة اليابسة .

ويتجاوز حجم اقتصادات بلدان بريكس الناتج المحلي الإجمالي لدول مجموعة السبع الصناعية الكبرى، الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا واليابان وفرنسا وكندا وإيطاليا.