كانت عم تلعب معي الصبح ورجعتها جثة... تفاصيل ما جرى مع ابنة الـ7 أشهر!

كتبت ليلي جرجس في النهار:

مؤلمٌ الموت عندما يطرق باب أحدهم، لا مفرّ منه، ولكنّ الموت المفاجئ أشبه بصاعقة كهربائيّة تفطر القلب. منذ يومين انتشرت قصّة الطفلة رشا شمص ابنة الـ7 أشهر، بعد أن كتبت والدتها تفاصيل ما جرى معها منذ أسبوع "كانت عم تلعب معي الصبح ورجعت فيها جثة".

 

يصعب تصديق ذلك، هذه الطفلة التي كانت بصحّة جيّدة ولا تشكو من شيء، غابت من هذه الحياة. تختلف أسباب وتفسير حقيقة الوفاة، فبينما تؤكّد والدة الطفلة لـ"النهار" أنّ "التأخير في إيجاد سرير في العناية الفائقة للأطفال أدّى الى وفاتها"، ينفي طبيب الأطفال في مستشفى الهرمل أن يكون هذا سبب وفاتها، مشيراً إلى أنّ "الطفلة وصلت متوفّاة إلى المستشفى".

 

فما الذي حصل؟ وما هو واقع الاستشفاء في المنطقة، لاسيّما أنّ هجرة الأطباء والممرّضين تفرض واقعاً خطيراً في الوصول إلى مرحلة لن نجد فيها طبيباً لمعالجة حتّى الحالات الطارئة.

 

العودة إلى بداية القصّة حيث تروي والدة الطفلة فاطمة ناصر الدين لـ"النهار" تفاصيل ساعات طفلتها الأخيرة بالقول "كانت تلعب ولم تكن تشكُو من شيء، أطعمتها كالعادة (رضّعتها) ومن ثمّ نامت. كانت الساعة نحو الـ9 صباحاً عندما أنهت طعامها ومن ثمّ خلدت إلى النوم. وكنتُ أتفقّدها كلّ فترة ولم يبدُ عليها أيّ شيء. لكن عند الساعة الثانية عشرة إلّا عشر دقائق، وبينما أتفقّدها كانت عيناها إلى فوق وشاحبة ومن دون نبض. توجّهنا بها إلى مستشفى البتول حيث عادت نسبة الأوكسجين إلى طبيعتها".

 

برأي الوالدة "لو تأمّن سرير في غرفة العناية الفائقة في مستشفى المنطقة لما كانت توفّيت طفلتي. لقد أكّد لنا طبيب الطوارئ في مستشفى دار الأمل الجامعيّ أنّ الطفلة متوفّاة، وتأخّرنا عليها لأنّه كان من المفترض أن تكون في العناية منذ 4 ساعات".

 

ليس سهلاً على والدتها التعامل مع هذه الخسارة، تخونها دموعها بين الحين والآخر "بعد اتّصالات و"تبويس" أيادٍ نجحتا في تأمين سرير في مستشفى دار الأمل، لكنّ الآوان قد فات. الطفلة متوفّاة ولا يمكن فعل شيء. في هذا البلد علينا أن نلجأ الى الوساطة وتشغيل المعارف حتّى نحكِّم أولادنا، خصوصاً أنّنا على حساب الجيش حيث تهرّبت المستشفيات من استقبالنا".

وفق والدتها، إنّ "غياب العناية الفائقة عند الأطفال وعدم وجود أسرّة كافية تودي بحياة أطفال كثيرين. كنتُ أسمع قصص أطفال توفّوا نتيجة غياب غرف غناية فائقة خاصّة، اليوم تذوّقتُ كأس هذه الخسارة. لم أكن أتصوّر أنّني سأعيش المأساة نفسها، اليوم طفلتي توفيت ولا يمكن لأحد أن يعوّض هذه الخسارة".

 

تتّجه العائلة إلى اللجوء إلى القضاء للتحقّق من سبب الوفاة كما تشير الوالدة في حين أنّ للطبّ تفسيره العلميّ بعيداً عن العاطفة.

 

كان لا بدّ من الاستماع إلى الرأي الطبّيّ والبحث في الأسباب الطبّية المسؤولة عن الوفاة. وقد تواصلنا مع طبيب الأطفال في مستشفى الهرمل الدكتور عماد مخ الذي أكّد لـ"النهار" أنّ " الوفاة ناتجة عن اختناق بسبب الحليب. فالطفلة وصلت إلى طوارئ مستشفى البتول متوفّاة، لم يكن هناك نبض، وكان هناك توسّع في حدقة العين، وتوقّف في القلب. ومع ذلك، حاولتُ بمساعدة 3 أطباء آخرين على إنعاشها، وكان الوالد حاضراً معنا في الغرفة. ولقد نجحنا في إنعاش القلب بعد 28 دقيقة من CPR، لكن للأسف كان دماغها متوقّفاً".

برغم الجهود الطبّية التي بُذلت، إلّا أنّ حالة الطفلة كانت صعبة وأمل نجاتها ضئيل. ومع ذلك كما يشرح مخ "لم نتوانَ عن المحاولة وفعل المستحيل لإنقاذها. وخلال إنعاشها، خرج الحليب من الرئة ما يرجّح فرضية الاختناق بالحليب أثناء النوم. وأثناء محاولات تأمين سرير لها في العناية الفائقة في مستشفى آخر صارح الأهل ( الجدّ والوالد) أنّ أمل نجاتها ضيئل ولكن افعلوا كلّ ما يلزم".

 

يشدّد مخ على أنّ هذه الحالة "تحدث عند الصغار نتيجة اختناقهم بالحليب أثناء نومهم." لكن للطبيب صرخة أخرى إذ يؤكّد أنّ "المشكلة ليست في وجود غرف للعناية الفائقة للأطفال، وانّما بغياب الطواقم الطبّية والتمريضيّة المختصّة بعناية الأطفال. وما أتخوّف منه أن نصل إلى مرحلة حتّى الحالات الطارئة لن تجد من يعالجها. فالأطباء والممرّضين يواجهون صعوبات عدّة منها الواقع الاقتصاديّ الصعب والمعاينة الطبّية المتدنّية (60-100 ألف) بالإضافة إلى التعدّيات والانتهاكات الجسدية والمعنوية واللفظية التي يتعرّضون لها يوميّاً خلال عملهم. نواجه هجرة طبّية مخيفة بدأنا نلمس مخاطرها وعدم القدرة على معالجة بعض الحالات الصحّية".