كلفة الإعمار: تضارب في الأرقام ولا تبنّي رسمياً من الحكومة

عشرة أشهر مرّت على قرار وقف إطلاق النار بعد حرب إسرائيلية على لبنان انطلقت مع إعلان "حزب الله" حربه لـ"مساندة غزة". مرّت كل هذه الأشهر دون إعادة إعمار فعلية وحتى دون أن تُحصي أجهزة الدولة اللبنانية حجم الأضرار الفعلية لمعرفة مجمل المبلغ الذي يجب أن تؤمّنه للتعويض على الناس.

جهتان لا علاقة لهما بالدولة أصدرتا تقارير في هذا الخصوص، الأولى مؤسسة "جهاد البناء" وهي الذراع الهندسية لـ"حزب الله" وقد عملت على معاينة الأضرار بكشوفات ميدانية استمرت بدورها لأشهر، أما الجهة الثانية فهي "صندوق النقد الدولي" الذي أصدر تقريراً بعنوان "التقييم السريع للأضرار والاحتياجات في لبنان" في آذار/مارس الماضي بناءً على صور الأقمار الاصطناعية (دون أي معاينة ميدانية) ولحظ أن حجم الأضرار المباشرة التي لحقت بالأصول المادية نتيجة للحرب الإسرائيلية الأخيرة بلغ 6.8 مليارات دولار (مبانٍ، محالّ تجارية، ومستودعات، سيارات…)، فيما بلغت الخسائر الاقتصادية (خسائر غير مباشرة كالأرباح المتوقع تحقيقها في القطاع السياحي مثلاً) 7.2 مليارات دولار، ما يعني أنّ كل الخسائر بلغت 14 مليار دولار. أما "جهاد البناء" فقد اعتبرت أن الخسائر المباشرة، أي كلفة الإعمار لا تتعدى 4 مليارات دولار. تباين واضح بين الجهتين، هذا عدا عن شركات الإحصاء الخاصة التي تصدر تقارير وتصرّح على وسائل الإعلام بين الحين والآخر و"ترمي" أرقاماً متناقضة تراوح بين 3 و20 مليار دولار!

 

في هذا السياق، يشير مصدر من الفرق الهندسية التي كشفت ميدانياً على مئات المباني في الضاحية الجنوبية لبيروت لـ"النهار" إلى أن "البنك الدولي عمل على تضخيم الخسائر للقول إن الحرب كانت أكثر كلفةً على لبنان، وعلى الأخير المسارعة في تنفيذ الإملاءات الخارجية كي يحصل على القروض"، مضيفاً "هذا عدا عن أن تقريره لم يلحظ المبلغ الذي سدّده الحزب وحده للترميم، والذي وصل أخيراً إلى نحو 800 مليون دولار".

من جهته، الباحث في "الدولية للمعلومات" الدكتور محمد شمس الدين أشار في حديثه مع "النهار" إلى أن "الرقم المنطقي لإعادة الإعمار مع تجهيز بنى تحتية جيدة في المناطق المتضررة قد يصل في أعلى تقدير إلى 10 مليارات دولار، وكل رقم أكبر من ذلك لإعادة الإعمار فيه مبالغة".

لا يُمكن لهذا الجدل أن يحسم سوى بتبنّي الدولة رقماً لتكلفة الإعمار، وخاصة الحكومة اللبنانية التي ألزمت نفسها بإعادة الإعمار في بيانها الوزاري. وليس مستغرباً القول إن هذه الخطوة هي المدماك الأساس في عملية التي لم توضع إلى حد اليوم في مستهل أجندة مجلس الوزراء.