المصدر: نداء الوطن
الكاتب: أمل شموني
الجمعة 19 أيلول 2025 07:48:49
مع الاستعداد لانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2025، تُسلّط الأضواء على الخطابات الرسمية والاستعراضات الدبلوماسية العلنية. غير أن نبض صنع القرار الدولي الحقيقي يخفق خلال الاجتماعات الخاصة عالية الأهمية بين قادة العالم، إذ من المتوقع أن تلعب هذه الجلسات المغلقة، البعيدة من أعين الجمهور ووسائل الإعلام، دورًا حاسمًا في كيفية معالجة الأزمات العاجلة وصياغة الحلول الدبلوماسية لها. مئات الاجتماعات مدرجة على جدول أعمال القادة السياسيين والأمميين الحافل بالقضايا الملحة، بدءًا من الصراعات المستمرة في غزة وأوكرانيا والسودان، وصولًا إلى محادثات حول الإصلاحات المؤسسية والالتزامات المناخية. غالبًا ما تُشكّل هذه اللقاءات ركيزة أساسية لتوافق الآراء وتعزيز التهدئة، لا سيما في ما يتعلق بالنزاعات طويلة الأمد.
توازيًا، يلوح على الجمعية العامة طيف عدم القدرة على التنبؤ بالأزمات العالمية، ما يعني أن التفاوض الفعال وإدارة الأزمات سيكونان في غاية الأهمية، فيما التداعيات التشغيلية لتخفيضات التمويل الأميركية الأخيرة لبرامج الأمم المتحدة ستتطلب اهتمامًا فوريًا. قد يحتاج القادة إلى تشكيل تحالفات مرحلية لتوفير دعم موَقت للعمليات الإنسانية الأساسية في دول مثل لبنان وجنوب السودان. ويمكن أن تؤدي إلحاحية هذه المحادثات إلى حلول تمويل مبتكرة.
المفاوضات الثنائية ودبلوماسية الممرات
مع إدراج قضايا حساسة، مثل طموحات إيران النووية، وحرب أوكرانيا، والترتيبات الأمنية في لبنان وسوريا، على جدول الأعمال، ستصبح الاجتماعات الثنائية منصات مهمة للتفاوض. تُعدّ الدول الأوروبية محادثات حول العقوبات تهدف إلى الحد من أنشطة إيران النووية، بينما سيدرس مسؤولو الولايات المتحدة وإسرائيل والأمم المتحدة السيناريوات الأمنية في لبنان وسوريا. ومن المرجح أيضًا أن يجتمع قادة من أفريقيا والشرق الأوسط لمناقشة تداعيات تصويت مجلس الأمن المحتمل المتعلق بحظر الأسلحة المفروض على جنوب السودان، وصياغة استراتيجيات إقليمية في مواجهة المشهد الجيوسياسي المتغيّر.
غالبًا ما تنبثق الإنجازات الحقيقية خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة من لقاءات غير رسمية، إذ تتيح هذه المحادثات غير المعلنة للقادة التفاوض على الدعم التجاري، والتوصل إلى اتفاقيات تُعرض لاحقًا على أنها "إجماع" خلال الجلسات الرسمية. من هنا، تبرز أهمية ديناميكيات دبلوماسية الممرات، كالعلاقات الشخصية والتفاعلات خلف الكواليس، في المفاوضات الدولية.
حوار حول سوريا
ومن أبرز النقاشات الخاصة التي تشهدها نيويورك على هامش الجمعية العامة، اللقاء الذي دعا إليه "معهد الشرق الأوسط"، حيث سيستضيف الرئيس السوري أحمد الشرع وسيحاوره الخبير في الشأن السوري ومدير "مبادرة سوريا" في المعهد، تشارلز ليستر. هذا اللقاء سيشكل مناسبة للتعرف إلى الشرع، خصوصًا من قبل متخصصين في الشؤون السياسية. يشار إلى أن زيارة الشرع إلى نيويورك تشكل المشاركة الأولى لرئيس سوري في اجتماعات الجمعية العامة منذ حوالى ستة عقود، وتأتي بعد تسعة أشهر من الإطاحة بنظام بشار الأسد، وفي ظل المرحلة الانتقالية الهشة في سوريا. وقد شدد رئيس "معهد الشرق الأوسط"، السفير السابق ستيوارت جونز، على أن لحظات مماثلة ليست كثيرة، في وقت تزداد فيه المخاطر على سوريا وتتفاقم التحديات في منطقة الشرق الأوسط. ومن المرجح أن يتناول الحوار عملية الانتقال في سوريا، والمشاركة الاقتصادية والاستثمار، والعلاقات مع الولايات المتحدة وجيرانها الإقليميين والعالم أجمع، وقضايا السلام والأمن الأوسع نطاقًا. يشار إلى أن عددًا من الدبلوماسيين والصحافيين دعوا الرئيس ترامب إلى أن يصر على أن يواجه الرئيس السوري ماضيه ويقف أمام العالم ويدين تنظيم "القاعدة" وفروعه إدانة قاطعة قبل أن يسير في شوارع نيويورك. غير أن إدارة ترامب ترى في حضور الشرع إلى الأمم المتحدة فرصة لتحقيق الاستقرار في سوريا، ومواجهة النفوذ الإيراني، وتحقيق نصر دبلوماسي.
ترتيبات جدول الأعمال
يشار إلى أن أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة تبدأ باستضافة قادة الدول الثلثاء المقبل. وستفتتح البرازيل كعادتها خطابات الجمعية، فلأكثر من 60 عامًا، دأبت البرازيل على افتتاح المناقشة العامة للجمعية العامة، بعدما تطوعت بالتحدث أولًا عندما كانت الدول الأخرى تحجم عن ذلك في السنوات الأولى للأمم المتحدة، وقد أصبحت هذه الممارسة تقليدًا راسخًا.
أما الولايات المتحدة، فهي المتحدثة الثانية في الجمعية العامة، كونها الدولة المضيفة لمقرّ الأمم المتحدة. ويُعدّ هذا التفويض بالتحدث تقليدًا راسخًا أيضًا، يعود تاريخه إلى عام 1955 على الأقل.
أما بالنسبة إلى باقي الدول، فيُحدَّد جدول الخطابات بناءً على مجموعة من المعايير، أبرزها مستوى التمثيل، فعادة ما يتحدث رؤساء الدول قبل رؤساء الحكومات، الذين يتحدثون بدورهم قبل الوزراء ورؤساء الوفود الآخرين. كما أنه تتم مراعاة التوازنات الجغرافية، إذ يصار إلى ترتيب جدول الأعمال لضمان توازن التمثيل الإقليمي أيضًا.
أما بالنسبة إلى لبنان، فمن المقرر أن يلقي الرئيس جوزاف عون كلمته في اليوم الأول. وهذه المرة الأولى منذ سنوات التي يتمثل فيها لبنان برئيس جمهورية وليس برئيس حكومة تصريف أعمال.