كيف تواجه السفن الحربية الأميركية تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر؟

تواجه السفن الحربية الأميركية عددا متزايدا من الهجمات التي تشنها جماعة الحوثيين في اليمن خلال الأسابيع القليلة الماضية في البحر الأحمر، فما الأسلحة التي يستخدمها الجيش الأميركي لمواجهة هذه الهجمات؟

وهددت الهجمات التي يشنها المتمردون اليمنيون المدعومون من إيران بمسيرات وصواريخ منذ أواخر نوفمبر، بتعطيل الملاحة الدولية مع توقف شركات الشحن الكبرى عن عبور مضيق باب المندب وتحويل سفنها وناقلاتها إلى رأس الرجاء الصالح.

والمواجهات الأميركية مع الحوثيين، الذين يقولون إنهم يستهدفون السفن التجارية المتجهة إلى إسرائيل بعد الحرب في قطاع غزة، قد تتسع بعد أن أعلن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الإثنين، عن عملية جديدة بقيادة الولايات المتحدة تركز على حماية السفن التجارية العاملة في البحر الأحمر وخليج عدن، وفق تقرير لشبكة "سي إن إن".

وعقد أوستن اجتماعا وزاريا افتراضيا "مع الوزراء ورؤساء الأركان وممثلين رفيعي المستوى من 43 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، لمناقشة التهديد المتزايد للأمن البحري في البحر الأحمر".

وخلال الاجتماع أطلع الوزير "المشاركين على أن الحوثيين نفذوا أكثر من 100 هجوم بمسيرات وبصواريخ بالستية استهدفت 10 سفن تجارية على ارتباط بأكثر من 35 دولة مختلفة".

وشدد على أن الحوثيين "احتجزوا السفينة التجارية غالاكسي ليدر وطاقمها الدولي المكون من 25 فردا كرهائن في 19 نوفمبر وما زال الطاقم محتجزا ظلما في اليمن".

كيف يمكن التعامل مع تهديدات الحوثي؟

يسيطر الحوثيون على مساحات شاسعة من الأراضي في اليمن بعد سنوات من الحرب.

ومع الإجراءات البحرية الأميركية الأخيرة سألت "سي إن إن"، خبراء البحرية عن كيفية تعامل السفن الحربية مع التهديدات وما هي المشكلات التي قد تواجهها في المستقبل.

ولم تذكر البحرية الأميركية ما هي أنظمة الأسلحة التي تستخدمها سفنها ضد هجمات الحوثيين، لكن الخبراء قالوا إن لديها مجموعة من أنظمة الأسلحة تحت تصرفها.

وقال الخبراء إن هذه تشمل صواريخ أرض جو وقذائف متفجرة من المدفع الرئيسي للمدمرة مقاس 5 بوصات وأنظمة أسلحة قريبة. 

وقالوا أيضا إن السفن الأميركية لديها قدرات حرب إلكترونية يمكنها قطع الروابط بين الطائرات بدون طيار ووحدات التحكم الخاصة بها على الشاطئ.

وقال جون برادفورد، زميل الشؤون الدولية في مجلس العلاقات الخارجية، إن الطائرات بدون طيار بطيئة ويمكن ضربها بالصواريخ الأرخص أو حتى بمدفع السفينة. 

ويجب اعتراض الصواريخ الأسرع بـ"صواريخ اعتراضية أكثر تطورا"، حسبما يضيف.

ارتفاع تكاليف التأمين

ومنذ بدء الهجمات ومع ارتفاع تكاليف التأمين، علق الكثير من كبرى شركات النقل البحري المرور عبر مضيق باب المندب إلى حين ضمان سلامة الملاحة فيه. 

ومن بين هذه الشركات الدنماركية ميرسك والألمانية هاباغ-ليود والفرنسية سي ام إيه سي جي إم والإيطالية السويسرية إم أس سي، والبريطانية "بريتيش بتروليوم" (بي بي).

والثلاثاء، أصدرت ميرسك بيانا أكدت فيه أن "لأسباب تتعلق بالسلامة، سيعاد الآن توجيه جميع السفن التي كانت متوقفة موقتًا ومن المقرر أن تبحر عبر المنطقة حول إفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح" وهو أطول بكثير".

وأضافت أن اعتبارا من 18 ديسمبر، "كان لدى ميرسك تقريبا 20 سفينة متوقفة عن العبور، نصفها كان ينتظر شرق خليج عدن والباقي ينتظر جنوب السويس في البحر الأحمر أو شمال السويس في البحر الأبيض المتوسط".

ووفق البيان، يمر في الوقت الحالي 10 إلى 15 بالمئة من التجارة العالمية عبر البحر الأحمر، وبسبب الهجمات، تضطر شركات الشحن الدولية إلى إعادة توجيه مسارها عبر رأس الرجاء الصالح، ما يؤخر عمليات تسليم السلع والمواد الأساسية أسابيع، بما في ذلك النفط والغاز.

وقال ديفيد بتريوس، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي ايه"، "هذا أحد أهم الشرايين في العالم عندما يتعلق الأمر بالشحن البحري".

وأكد أن الوقت والتكلفة لنقل البضائع حول إفريقيا سيكونان كبيرين، مضيفا "سيكون لهذا في الواقع تأثير حقيقي على الاقتصاد العالمي".

ومع تصاعد هجمات الحوثي، قالت البحرية الأميركية إنها ستهب لمساعدة السفن التجارية التي تجد نفسها في ورطة.

ما الأصول الأميركية بالبحر الأحمر؟

والأصول الأميركية الرئيسية المشاركة في البحر الأحمر لمواجهة الهجمات على السفن هي مدمرة الصواريخ الموجهة من طراز (Arleigh Burke) مثل المدمرة (USS Carney) التي أسقطت 14 طائرة بدون طيار للحوثيين، السبت.

والصاروخ القياسي 6 (SM-6)، وهو سلاح متطور يمكنه إسقاط الصواريخ الباليستية في ارتفاعات عالية في الغلاف الجوي.

وهناك وصواريخ أخرى ذات مسار منخفض والتي يصل مداها إلى 370 كيلومترا، وفقا لمشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS).

وتبلغ تكلفة كل منها أكثر من 4 ملايين دولار.

وهناك كذلك الصاروخ القياسي 2 (SM-2)، وهو أقل تقدما من الصاروخ (SM-6) وبمدى أصغر يتراوح من 185 إلى 370 كيلومترا، اعتمادا على الإصدار، وفقًا لمركز (CSIS).

وتبلغ تكلفة كل منها حوالي 2.5 مليون دولار.

وهناك أيضا صاروخ Evolved Sea Sparrow" (ESSM)" المصمم لضرب صواريخ كروز المضادة للسفن والتهديدات ذات السرعة المنخفضة مثل الطائرات بدون طيار أو المروحيات على مدى يصل إلى 50 كيلومترا، حسبما يقول مركز (CSIS).

وتكلفة كل واحد منها أكثر من مليون دولار..

ويعتقد الخبراء أن الولايات المتحدة تستخدم صواريخ (SM-2 و/أو ESSM) ضد تهديدات الحوثيين حتى الآن.

تكلفة باهظة؟

الذخائر باهظة الثمن ونسبة التكلفة إلى الفائدة، ولكن بما أنهم يواجهون طائرات بدون طيار يمكن إنتاجها ونشرها بأعداد كبيرة بأسعار أقل من 100 ألف دولار، فإن الحملة المطولة قد تؤدي في النهاية إلى استنزاف الموارد الأميركية، كما يؤكد الخبراء.

وقال أليسيو باتالانو، أستاذ الحرب والاستراتيجية في كينجز كوليدج في لندن: "هذه قدرات اعتراض جوي متقدمة تبلغ تكلفتها المتوسطة حوالي مليوني دولار".

ويجعل هذا من اعتراض الطائرات بدون طيار غير فعال من حيث التكلفة"، حسبما أضاف.

ويشير الخبراء إلى أن قوات الحوثيين تمول وتدرب من قبل إيران، لذا فإن لديهم الموارد اللازمة لقتال ممتد.

وقال الخبراء إن الأمر يتعلق أيضا بالمدى الذي تريد الولايات المتحدة أن تذهب إليه لحماية الشحن التجاري.

قال كارل شوستر، وهو كابتن سابق في البحرية الأمريكية إن نظام أسلحة فالانكس التابع 
للمدمرة الأمريكية، يضم بنادق جاتلينج التي يمكنها إطلاق ما يصل إلى 4500 طلقة في الدقيقة.

ويمكنه التعامل مع تهديدات الطائرات بدون طيار أو الصواريخ التي تصل إلى مسافة ميل واحد من السفينة الحربية. 

وهذا دفاع "منخفض التكلفة نسبيا"، ولكن إذا اقتربت الطائرات بدون طيار إلى هذا الحد، فهذا هو خط الدفاع الأخير وقد يؤدي الخطأ إلى خسارة حياة الأميركيين.

وقال برادفورد: "لا يؤدي صاروخ واحد أو طائرة بدون طيار إلى إغراق سفينة حربية أمريكية، لكنه يمكن أن يقتل أشخاصا و/أو يلحق أضرارًا تتطلب انسحاب السفينة لإجراء إصلاحات في الميناء".

ولا يستطيع "نظام فالانكس" حماية السفن التجارية التي قد تكون المدمرة الأميركية تراقبها، وتبحر على بعد أميال من السفينة الحربية.

وقال سيدهارث كوشال، زميل أبحاث القوة البحرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن: "لتوفير دفاع جوي واسع النطاق (بدلا من الحماية الذاتية)، تعتمد السفن بشكل أساسي على الصواريخ المضادة للطائرات".

وأشار كوشال إلى أن الصواريخ الأميركية الاعتراضية المضادة للطائرات الموجودة على السفن الحربية، يتم إطلاقها من خلايا نظام الإطلاق الموجودة على سطح السفن.

وقال سلفاتوري ميركوجليانو، الخبير البحري والأستاذ بجامعة كامبل في ولاية كارولينا الشمالية، إنه إذا تمكن الحوثيون من استنفاد مخزون السفينة بهجمات متتالية، فقد تجد السفينة الحربية نفسها تعاني من نقص في الذخائر اللازمة لحماية السفن التجارية التي تراقبها.

وأضاف: "في حين أن القوات البحرية مجهزة تجهيزا جيدا لدحر ما يطلقه الحوثيون حاليا، فإن الخوف هو أن النطاق والحجم يتزايدان وأن المرافقين لن يتمكنوا من الحفاظ على مستوى الدفاع لحماية الشحن التجاري".

وقال الخبراء إن الحوثيين لم يجربوا بعد هجوما حقيقيا بسرب طائرات بدون طيار، على غرار ما نشرته روسيا مرارا وتكرارا في أوكرانيا.

وهو هجوم يمكن أن يتضمن عشرات التهديدات الواردة في وقت واحد.

وقال ميركوجليانو: "يمكن للسرب أن يرهق قدرات سفينة حربية واحدة، ولكن الأهم من ذلك، أنه قد يعني أن الأسلحة تتجاوزها لتضرب السفن التجارية".

وأضاف أن السفن الحربية الأمريكية تواجه أيضا مسألة كيفية تجديد مخزون الصواريخ في المنطقة.

والموقع الوحيد لإعادة تحميل الأسلحة هو في جيبوتي التي تضم قاعدة أميركية، حسبما أشار.

مساعدة الحلفاء

وقال باتالانو إن العملية التي تقودها الولايات المتحدة لزيادة عدد السفن الحربية التي تحمي السفن التجارية ستساعد الجهود الدفاعية.

والإثنين، أعلن أوستن، تشكيل تحالف دولي يضم عشرة بلدان للتصدي لهجمات الحوثيين المتكررة على سفن يعتبرونها "مرتبطة" بإسرائيل في البحر الأحمر.

وجاء في بيان لوزير الدفاع الأميركي أن "البلدان التي تسعى إلى ترسيخ المبدأ الأساسي لحرية الملاحة عليها أن تتكاتف لمواجهة التحدّي الذي تشكله هذه الجهة".

وقال أوستن إن التحالف الأمني سيعمل "بهدف ضمان حرية الملاحة لكل البلدان ولتعزيز الأمن والازدهار الإقليميين".

ويضم التحالف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنروج والسيشل وإسبانيا، بحسب "فرانس برس".

وقال باتالانو: "يبدو أن المزيد من السفن (ستكون) في وضع يمكنها من دعم بعضها البعض، مما يؤدي في الواقع إلى توسيع نطاق وحجم القدرات المتاحة في المنطقة للتعامل مع التحدي".

التهديدات المحتملة في ساحة المعركة 

وفي حين أن زيادة التعاون بين الحلفاء يمكن أن يساعد، إلا أن الخبراء قالوا إن نشر صواريخ كروز أو صواريخ باليستية مضادة للسفن قد يمثل "تحديا جديدا".

يمكن لصواريخ كروز المضادة للسفن أن تصل إلى مستوى منخفض وتخترق هيكل السفينة.

وقال ميركوجليانو: "هذا هو نوع الأسلحة التي أغرقت العديد من السفن البريطانية خلال حرب فوكلاند وضربت السفينة الأميركية ستارك في الخليج عام 1987".

وأضاف أن الصواريخ الباليستية يمكن أن تشكل خطرا أكبر.

وأشار إلى أن السرعة النهائية للسلاح وحمولته يمكن أن تلحق أضرارا جسيمة بسفينة حربية أو سفينة تجارية، وقد تحتاج إلى أفضل الصواريخ الاعتراضية الأميركية، مثل (SM-6) لإسقاطها.

وأكد الخبراء أن الولايات المتحدة قد تقرر في مرحلة ما أن عليها أن تتجه نحو الهجوم.

وقال باتالانو:"هناك مسار آخر للعمل بضرب مصدر التهديد لمنع الاستخدام في المقام الأول".

وقال شوستر: "مع توفر الاختيار والقدرة، يكون القضاء على الرماة أرخص دائما من اعتراض السهام".