كيف يستفيد لبنان من زيارة البابا وطنياً؟ خطة عمل في طريقها إلى مجلس المطارنة

انتهت زيارة البابا التاريخية التي حوّلت لبنان، مدى ثلاثة أيام، إلى منصة عالمية أبرزت صورة السلام والحوار والانفتاح. ولكن، ماذا بعد؟

كيف يمكن أن يستفاد من هذا الزخم الوطني، الكنسي والروحي، الذي جاء به  البابا لاوون الرابع عشر، لئلا تبقى الزيارة مجرد مناسبة فولكلورية انتهت فور مغادرته أرض لبنان؟

قد يكون لبنان من أكثر البلدان التي تضيّع الفرص السانحة له ولمستقبله. إنما هذه المرة لم يعد يملك ترف الوقت وضياع الفرص.

فأي ترجمة يمكن أن تتبلور لهذه الزيارة؟
يكشف رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام المونسنيور عبده أبو كسم أن "البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي سبق أن تحدث عن نتائج ما بعد الزيارة أو متابعتها، حين قال: لا يمكن أن تكون حدثاً عابراً. وبالتالي، فإن ثمة توجيهات عملية بدأت تعطى على هذا الصعيد، وستتضح الصورة لاحقاً".

لعلّ البابا سمح، من خلال زيارته لبنان، بإعطاء أفضل صورة عن هذا البلد، حتى على الصعيدين الوطني والسياسي، حيث الشوائب والعيوب لا تزال كثيرة. فقد بدا لبنان جسما متماسكاً سياسياً من خلال النسيج الجامع الذي رحب بالزيارة ورافق أبرز محطاتها، فوضعت الخلافات أو المماحكات جانباً، وشاركت كل الفئات السياسية.

أما روحياً، فقد تجلّى ذلك المشهد الانفتاحي بين الأديان والطوائف، ليظهر لبنان موحداً بتعدده الديني والطائفي.

يكشف أبو كسم أنه "بعد نحو أسبوع قد تتضح بعض الأطر أو آليات المتابعة، عبر لجان قد تتشكلّ ويكون لكل منها شق معيّن".

في الأساس، لقد سبق للبطريرك الراعي أن تحدث عن "وضع خطط تنفيذية بناء على رسائل البابا، تتضمن الدعوة إلى السلام والمصالحة وطي صفحة الماضي، وإعادة قراءة كلمات البابا من أجل وضع خطة عمل وتقديمها لمجلس المطارنة الموارنة توصلا إلى نهضة حقيقية".

وإذ يشير إلى أن "قيمة الزيارة تكمن في ما تتركه من أثر، خصوصاً في ظل حاجة لبنان إلى السلام"، يعتبر أن "هذه الزيارة يجب ألا تمر كحدث عابر".

يرتكز أبو كسم على هذا الكلام ليلفت إلى أن الأمور ستتضح بناء على هذه التوجيهات، وقد تتألف لجان وغيرها من الأطر.

هكذا، قد تقسم "الارتدادات" إلى ثلاثة أقسام: كنسياً وشبابياً وسياسياً.

على الصعيد الكنسي، يبدو أن الاتجاه يميل إلى تأليف لجان تكون مهمتها متابعة ما أرسته الزيارة، ويدخل في هذا الإطار "تفعيل الحوار الإسلامي – المسيحي"، والهئيات الناشطة في هذا السياق.

شبابياً، لا شيء حتى الآن، على الرغم من أن لجان الشبيبة عملت بزخم، تحت لواء "اللجنة الوطنية لراعوية الشبيبة في الكنائس الكاثوليكية"، والتي ضمت عدداً من لجان الشبيبة الملتزمة. ولكن حتى الساعة لم تتبلور أي متابعة لما بعد الزيارة، وفق معلومات "النهار".

أما سياسياً، وهو العنوان العريض الذي يختصر كل عناوين الزيارة، فينتظر اللبنانيون الترجمة العملية للزيارة، ولاسيما أن البابا ركز في كل محطة له وكل خطاب على السلام، حتى إن البطريرك الراعي اعتبر أن زيارة البابا قد تساهم في تهدئة طبول الحرب، في إشارة إلى خطوات إيجابية نحو السلام".

وعلمت "النهار" أن ثمة نية وإرادة حقيقيتين لتحويل زخم زيارة البابا عملاً ملموساً وتغييراً حقيقياً داخلياً في لبنان، عبر وضع آليات لمتابعة وتطبيق لما حملته من رسائل إيجابية. يكفي أن عبارة "السلام" وردت أكثر من 50 مرة في خطب البابا وكلماته التي ألقاها من لبنان. وقد توقف بعض المتابعين عند أول خطاب رسمي له من القصر الجمهوري، حين وردت كلمة السلام 27 مرة. وثمة معلومة تتردد بقوة عن زيارة ثانية سيقوم بها البابا للبنان، وستكون مخصصة للجنوب، على أن هذه المسألة لن تصبح واقعا قبل تأكيدها من الفاتيكان حصراً.

فهل يستفيد لبنان فعلياً من هذه "الفرصة الذهبية" لئلا تتحول الزيارة مجرد تاريخ ومناسبة فولكور وبروتوكول لبناني، يبرع فيه لبنان جيدا أكثر من الشق العملي؟!