المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الثلاثاء 23 كانون الاول 2025 14:04:07
مع اقتراب عام 2026، وهو الموعد المحدد لانتهاء مهام قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل"، تتقدم مؤشرات ميدانية وسياسية تعكس تحولًا عميقًا في وظيفة هذه القوات ودورها، خصوصًا في ظل بدء مغادرة عناصرها لبنان بشكل تدريجي منذ أسابيع، وتسجيل تخفيض في ميزانيتها اعتبارًا من شهر آب الماضي.
بالتالي، هذه التطورات لا تُقرأ بمعزل عن السياق الأوسع الذي فرضه وقف الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل، وما تلاه من إعادة رسم للوقائع الأمنية جنوبًا.
في هذا الإطار، أشار رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبور، في حديث لموقع kataeb.org، إلى أن عمل اليونيفيل في الجنوب قد انتهى منذ وقف الاشتباكات بين الحزب وإسرائيل، أي بعد اتفاق وقف إطلاق النار، معتبرًا أن ما كانت تقوم به القوات الدولية لم يتجاوز إطار "مهام شكلية".
وذهب جبور أبعد من ذلك، حين قال إن إسرائيل أنهت الحزب وانتصرت عليه، معتبرًا أن الكلام عن إعادة بناء قدراته غير واقعي، وبالتالي هو انتهى، كما لفت إلى أن ما يمكن بناؤه يقتصر على عناصر بشرية فقط على صعيد القيادات، إلا أن الحزب، بحسب تعبيره، تحت ضغط النار وجغرافيته مقطوعة أساسًا من سوريا إلى لبنان.
وانطلاقًا من هذا التوصيف، شدد جبور على ضرورة النظر إلى اليونيفيل من زاويتين مترابطتين: الزاوية الأولى أن هذه المرحلة انتهت، وأن الصراع حسم لمصلحة إسرائيل، ما يستوجب التفكير بأدوات أخرى، معتبرًا أنه لم يعد هناك شيئًا اسمه حزب الله على الحدود”.
كما أشار إلى أن إسرائيل لن تخرج من النقاط الخمس قبل أن تضمن أمن الحدود، لافتًا إلى أن ما بين لبنان وإسرائيل ليس هناك إشكال في العودة إلى اتفاقية الهدنة، وبالتالي فإن الترتيبات المستقبلية ستذهب في هذا الاتجاه.
أما الزاوية الثانية، فتمثلت في تقييم أداء اليونيفيل منذ إقرار القرار 1701 عام 2006، حيث رأى جبور أنها لم تلعب الدور المطلوب منها، إذ كان من المفترض أن تمنع الحزب من بناء قوته وقدراته في جنوب الليطاني، بالتالي لم يفعل شيئًا، على حد تعبيره، معتبرًا أن التقارير التي تقدمها القوات الدولية تثبت ذلك، ومخلصًا إلى نتيجة مفادها أنه لا يجب الخشية من رحيلها.
وفي مقاربة موازية، أشار النائب الدكتور بلال الحشيمي، في حديث لموقعنا، إلى أن القرار المتخذ يتمحور بشكل أساسي حول أمن إسرائيل بالدرجة الأولى، والانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة الجيش، متسائلًا كيف سيتم صرف هذه الخطة في الداخل اللبناني طالما أن حزب الله لا يريد تسليم سلاحه.
وطرح الحشيمي سلسلة أسئلة مباشرة: ماذا يريد الحزب؟ وما هي المكتسبات التي يسعى إليها؟ داعيًا إياه إلى طرحها علنًا بدل الذهاب نحو إدخال البلد في فتنة.
واعتبر الحشيمي أن مهاجمة اليونيفيل بشكل مستمر منحتها حجة الرحيل من الجنوب، متسائلًا عن الهدف من إعادة بناء المنصات، وهل يضحك علينا وعلى الدولة بالقول إنه سلّم سلاحه في منطقة جنوب الليطاني.
وفي المقابل، شدد على أن إسرائيل واضحة في موقفها، إذ تريد منطقة عازلة اقتصادية لمساحة 40 كلم بموافقة علنية للإدارة الأميركية، متسائلًا ما إذا كان الحزب يرى أن بيئته الشعبية التي تريد العودة إلى قراها بات هذا الأمر مستبعدًا.
وخلص إلى توصيف ما يجري بأنه ما يبدع بعمله إثارة غرائز الناس على حساب معاناتهم، منتقدًا ظهور أمين عام الحزب نعيم قاسم ليطلع علينا ليصيح كل يوم والتاني.
بهذا المعنى، يتقاطع البعدان السياسي والأمني عند نقطة واحدة مفادها انتهاء مرحلة، وبدء إعادة صياغة للمعادلات جنوبًا، حيث لم تعد اليونيفيل في نظر شريحة واسعة من القوى السياسية عنصر توازن أو ضمانة، بل شاهدًا على مرحلة لم تنتج ما وُعد به، فيما تبقى الأسئلة الكبرى معلقة حول مستقبل الحدود، وسلاح الحزب، وحدود القدرة اللبنانية على الإمساك بمسار التحولات المقبلة.