المصدر: الراي الكويتية
الخميس 16 تشرين الأول 2025 02:02:28
رغم الارتياح الخارجي لـ «وحدة المسار والمصير» التي أرساها رئيس الجمهورية العماد جوزف عون بين واقع لبنان ومستقبله وما يُرسَم للشرق الأوسط انطلاقاً من «سلام غزة»، فإنّ بيروت بدتْ مُتَهَيِّبةً التحدياتِ التي تعترض شقَّ «ممرٍّ آمِنٍ» يقيها شرَّ أي «شرارةِ» مواجهةٍ داخلية على جبهة سحْب سلاح «حزب الله» وفي الوقت نفسه يجنّب البلاد أن تتحوّل «الحلقة الأخيرة» المانعة اكتمال قوس «الفجر الجديد» للمنطقة وما ينطوي عليه ذلك من مخاطر الحاجة إلى معالجتها على قاعدة «آخِر الدواء... التفجير».
من هنا بات لبنان يَرصد على مَدار الساعة مآلَ اتفاقِ غزة الذي تقود واشنطن ودول الرعاية العربية والغربية، خطوةً خطوةً، مساعي إيصاله إلى «خطّ النهاية»، في ظلّ انكشافِ قضية سلاح «حزب الله» على خطةِ الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول القطاع «المنزوعِ السلاح» كما الدور السياسي لـ «حماس» في حُكْمه، وذلك من ضمن الرؤية الشاملة لـ «عصر ذهبي» في الشرق الأوسط يسود فيه السلام والازدهار وتُرسّم فيه خريطة النفوذ على أنقاضِ عقودِ «التوسّع الإيراني» في ساحاتِ الإقليم حتى المتوسّط.
وبقيتْ في صدارة المشهد اللبناني دعوةُ عون إلى مفاوضاتٍ مع إسرائيل لحلّ المسائل العالقة على أن يتحدّد شكْلًها «في حينه»، وتأكيده أن «بلاد الأرز» لا يمكنها أن «تعاكس مسارَ تسوية الأزمات لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة»، وسط اقتناعٍ بأنّ هذه الدعوة التي استحضرتْ المسارَ الذي اعتُمد لبلوغ اتفاق الترسيم البحري مع تل أبيب برعاية أميركية وأممية (خريف 2022) ظَهَّرَتْ قابليةَ بيروت وجاهزيَّتَها للتكيّف مع المتغيرات الجيو - سياسية في الإقليم وإن من دون ضماناتٍ بأن هذا كافٍ لاستبعادِ سيناريو حربٍ جديدة، سواء بفعل حساباتِ «هروبٍ إلى الأمام» لبنيامين نتنياهو من اتفاق غزة التي بدا أنه «اقتيد إليه مخفوراً» من ترامب، أو حسابات خاطئة من «حزب الله» المقيّد بمقتضياتٍ إيرانية في أي خطوات... إلى الوراء.
وفي موازاة الاحتضانِ الأميركي من ترامب نفسه ثم الفرنسي من الرئيس إيمانويل ماكرون لِما يقوم به عون في ملف سحب سلاح الحزب، والذي اعتُبر إشارةً تشجيعٍ على المضيِّ بهذا المَسار وبسرعةٍ تُعَطِّل أي سيناريوهاتٍ تصعيدية إسرائيلية، لن تكون واشنطن بعيدةً عنها في حال أَظْهَر لبنان الرسمي أنه يُناوِر أو نَجَحَ الحزب في تقويض هذه العملية، فإنّ غموضاً لفّ دعوةَ التفاوض التي أطلقها رئيس الجمهورية، وسط إشاراتٍ من قريبين من الأخيرة نقلتْ أن الأولوية حالياً هي لتنفيذ اتفاق 27 نوفمبر ووقف إسرائيل اعتداءاتها وانسحابها وإعادة الأسرى وبعدها يُحدَّد إطارالتفاوض حول حلول مستدامة وشكله.
في المقابل، اعتبرتْ أوساطٌ مطلعة أن تل أبيب ربما ستسعى إلى استنساخِ مَسارِ غزة لجعْل التفاوضِ مَدْخَلاً شَرْطياً ومنصةَ ضغطٍ دبلوماسي، في موازاة «الضغط بالنار» المستمرّ يومياً، في اتجاه ضَمانِ نَزْعِ سلاح «حزب الله» وربْطِ الانسحاباتِ ومَراحلها بتفكيكٍ مُلازِمٍ لترسانةِ الحزب وليس الاكتفاء بإستراتيجية سحب الذرائع التي تعتبر أنها لم تكن فعّالة بعد انسحاب العام 2000 ولا في أعقاب مرحلة القرار 1701، ولو اقتضى إطلاق هذا المَسار تسخيناً سيكون هذه المرة «موْصولاً» بأفقٍ سياسي أكثر رسوخاً منه إبان حرب الـ 65 يوماً في 2024.
لقاء رئاسي
وفي الإطار، نقلتْ «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر سياسية مطلعة أن حركة اتصالات تجري بين عون ورئيسيْ الحكومة نواف سلام والبرلمان نبيه بري تتركز على امكان عقد لقاء يجمعهم ويُخصص للبحث في ملف التفاوض الذي أثاره رئيس الجمهورية، يوم الأحد.
خريطة طريق موحدة
وذكرت «ان ملفاً على هذا المستوى من الأهمية لابدّ أن يكون موضع تشاور بين الرؤساء ليحددوا خريطة طريق موحدة تسير البلاد في هديها»، مشيرة إلى «أن الحركة هذه ستتكثف في الأيام القليلة المقبلة لتواكب التحولات الإقليمية ومسار التسويات الذي انضمت إليه غزة، والذي لا يمكن أن يبقى لبنان خارجه كما قال الرئيس عون».
وقد أعلن الوزير السابق مروان شربل بعد لقائه عون، أنه بحث معه «مسألة التفاوض لحل المواضيع الأساسية على غرار ما حصل في ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل الذي تم برعاية أميركية وأممية».
وقال «هذا الموقف يؤسس في رأيي لمرحلة جديدة من العمل لتكريس السيادة الوطنية على كل الأراضي اللبنانية»، مؤكداً «أن لموقف الرئيس عون وقعاً إيجابياً».