لبنان "سَرَطانياً" يتفوَّق على منطقة غرب آسيا... نسبة الوفيات تجاوزت الـ 45% والإصابات الى ارتفاع!

لم يكن ينقص اللبنانيون سوى المعاناة من الامراض المزمنة والخطرة لا سيما السرطانية. فقد كثر في الآونة الاخيرة الحديث عن ارتفاع عدد المصابين بالمرض الخبيث، ويبدو ان هذا الداء بات مهلكا أكثر من أي وقت مضى بسبب الضائقة المادية وارتفاع ثمن الادوية، خاصة تلك المخصصة للاعتلالات المستعصية، وعدم قدرة المواطن على شراء أي منها. فوزارة الصحة تؤمن الدواء للمرضى لمرة واحدة، لكنه يكون غير متوافر لمرات. ووفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية في العام 2020  اشار الى انه يوجد 5 أنواع من مرض السرطان تعد الأكثر شيوعا في لبنان وهي: سرطان الثدي، الرئة، البروستات، القالون والمثانة يأتي في المرتبة الأخيرة.

بالموازاة، يجمع الأطباء والمتخصصون في مجال امراض الدم والتورّم الخبيث، على ان الأسباب المؤدية للإصابة بهذا الوباء متشعبة. فقد كشفت الدراسات في هذا السياق، ان العوامل الوراثية تساهم بنسبة تتراوح بين 10 و30% من الإصابات، بينما العوامل البيئية والاجتماعية تساهم بنسبة تتراوح بين 70 و90%. ناهيكم بالتلوث البيئي والغذائي، وهذان العاملان يرتبطان بقوة بالحالات السرطانية. فكلما تضخمت نسبة التنجّس تضاعفت معها اعداد الإصابات بالسرطان، في ظل غياب الجهات المسؤولة المعنية بمراقبة سلامة الغذاء.

واستنادا الى إحصاء محدود أجرته "الديار" مع عدد من مرضى السرطان، "تبيّن ان أكثر من 60% من المصابين غير قادرين على شراء الدواء، او اجراء الفحوصات الدورية او حتى الذهاب الى المستشفى، ومنهم من سلم امره لله لان وزارة الصحة غير مكترثة او مهتمة او حتى مسؤولة عن تأمين الادوية المنتشرة في السوق السوداء، بينما مفقودة من صيدلية الوزارة".

الاعداد الى ارتفاع

في موازاة ذلك، أوضح الاختصاصي في أمراض الدم والتورّم الخبيث في مستشفى اللبناني الجعيتاوي الدكتور احمد خليل لـ "الديار" ان "نسبة الإصابة بمرض السرطان ارتفعت مؤخرا بشكل مخيف، ويعود ذلك الى 3 أسباب:

  1. كثرة مسببات الإصابة بهذا البلاء.

 

  1. ازدياد عمليات الكشف المبكّر، سواء على المستوى الفردي او المبادرات الطبية وحملات التوعية، التي نقوم بها للكشف عن المرض خاصة بالنسبة لسرطان الثدي والقولون، حيث بدأت ترتفع نسبة الكشف المبكر جراء وعي الانسان واطلاعه الواسع ويقينه بأن اكتشاف الداء في مراحل مبكرة يسهل آلية العلاج. لكن هناك فئة لا بأس بها تجري الفحوصات الضرورية الدورية، وطبعا ليس بمقدور الجميع القيام بمثل هذه التحاليل، التي تؤدي دورا في ابانة النتيجة.

 

  1. التصريح عن الإصابة بات أكبر، كما ان وزارة الصحة تطلب من المستشفيات لوائح بعدد المرضى، بهدف إجراء إحصاء دقيق لأعداد المصابين، ويتم تنفيذ ذلك بشكل دوري. والمهم في كل ما تقدم ان المصاب بات لا يخجل من الحديث عن مرضه، لذلك فإن هذه العوامل مجتمعة، أدت الى رفع اعداد ضحايا مرض السرطان.

المسببات هي الأساس

واوضح خليل "ان السبب الأساسي لانتشار هذا المرض هو زيادة مسوّغاته، ففي آخر إحصاء لمنظمة الصحة العالمية احتل لبنان المرتبة الاولى في منطقة غرب آسيا بنسبة 240 لكل 100 ألف نسمة، وهذه النسبة خطرة لا بل تفوّق لبنان على سوريا وفلسطين. فالإحصاءات التي أجريت في هذا الإطار خلال العامين 2019 و2020 بينت وجود حوالى 19 ألف حالة جديدة مصابة بالسرطان".

الأنواع الأكثر انتشاراً

واشار الى "ان السرطان يقسم ما بين (MALE) و (FEMALE)، فسرطان الثدي هو الأكثر بطشا عند النساء يليه الرئة فالقولون. اما لدى الرجال فالأكثر فتكا هو سرطان البروستات فالقولون ثم المعدة". أضاف: "بشكل عام الامراض الشائعة في لبنان مثل تلك المتفشيّة في معظم دول العالم، لكن يأتي سرطان الثدي في المرتبة الأولى ثم الرئة فالبروستات والقولون".

الموجبات

وتطرق خليل الى الحوافز، معددا التأثيرات السلبية المباشرة واهمها: "المواد الكيميائية، الاشعة والمواد الشعاعية، العوامل الوراثية بالإضافة الى دوافع أخرى مجهولة. فالمواد الكيميائية تتضمن البلاستيك، والذي يعتبر من أبرز مسببات الإصابة بمرض السرطان، ويجهل كثُر هذا العامل البسيط وفداحته، بدءا من استخدام زجاجات المياه واكواب البلاستيك، وخاصة تلك التي تتعرض لحرارة مرتفعة أو اشعة الشمس، بحيث ان المواد الكائنة في داخل البلاستيك والتي تؤدي الى الإصابة بالسرطان، تصبح أكثر ضررا خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يشربون القهوة بأكواب بلاستيكية او وضعها بـ "الميكرو ويف" بهدف إعادة تسخينها. أيضا بعض المواد التجميلية وصبغات ومستحضرات العناية بالشعر، تحتوي على مواد مسرطنة وقد أثبتت الدراسات هذه الفرضية".

وتابع: "أيضا المواد الكيميائية القائمة في أماكن العمل، مثل محطات البنزين او العاملين بالفحم والموبيليا، فان استنشاق الروائح المتطايرة من الأدوات المستخدمة يحمل مخاطر جسيمة على المدى القريب والبعيد. الى جانب التلوث البيئي كالأدخنة المتصاعدة من السيارات والمصانع ومولدات الكهرباء المنتشرة بين المنازل وفي كل حي وشارع ومنطقة ومؤسسة. ناهيكم بتلوث مجاري الأنهر، وهذه الافة منتشرة على نطاق واسع في لبنان، أيضا الخضار والفواكه المروية بمياه مدنّسة تؤثر سلبا في صحة المواطنين كبارا كانوا او صغارا، وخاصة المحاصيل الزراعية المزروعة على ضفاف نهر الليطاني او على مقربة منه أو تسقى من مياهه".

ارتفاع في معدل الوفيات

واكد خليل ان "معدل الوفيات ارتفع بنسبة 45 في المئة جراء عدم توافر الادوية اللازمة في العلاج، الى جانب الازمة المادية وتأخير التشخيص الطبي والذي يعدّ من اهم العوامل، على الرغم من ان وعي المواطنين زاد في هذا المجال".

وختم قائلا: "لا يمكننا استخدام البروتوكولات الحديثة وحتى تلك القديمة، بسبب تضخم أسعار الادوية الى جانب العلاج الذي يتطلب التشخيص ودخول المستشفى واخذ خزعة وصور. طبعا لا يوجد حلول قريبة في المنظور القريب، فالمريض الذي يأخذ دواء عن طريق الوزارة قد يحصل عليه مرة، في حين انه قد لا يستطيع الحصول عليه لثلاث مرات وأكثر، كما ان المريض قد يشتري بلسما مدعوما مرة ويضطر مرات الى شراء غير المدعوم، وقد لا يتمكن من حيازته كليّاً".