لبنان على حافة النار ومَخاوف من انزلاق المنطقة إلى... "وبعدي الطوفان"

ساد حبسُ الأنفاسِ لبنان أمس، وهو يرصد إعلان إسرائيل رسمياً وللمرة الأولى منذ 1973 حالة الحرب، فيما كانت جبهته الجنوبية تتحرّك عبر «عملية تذكيرية» نفّذها «حزب الله» داخل مزارع شبعا المحتلة وقام بـ «توقيعها رسمياً» على طريقة «نحن هنا» وأن المواجهة الشاملة على مرمى «إصبع على الزناد»، بحال اختارتْ تل أبيب شنّ هجوم بَري واسع على قطاع غزة ولم تقرّ بنتائج «الصدمة الأولى» بعد عملية «طوفان الأقصى» وعاندتْ دخولَ مَسار تَبادُل عشرات وربما مئات الأسرى الإسرائيليين، بالمعتقلين في سجونها.

وفيما انغمستْ وسائل إعلام عالمية وكبار المحلّلين العسكريين والاستخباراتيين في محاولةِ «فك شيفرة» كيفية نجاح «حماس» في تفعيل عامل المباغتة الشاملة و«صعْق» إسرائيل من حيث لم تكن تتوقّع حيث «دَخَلوا عليها من الباب الأمامي» هي التي توقّعتهم من «تحت الأرض وفي الأنفاق»، لم يتأخّر «حزب الله» في إحداث «ربْط نزاعٍ» أوّلي مع «طوفان الأقصى» عبر تنفيذه عملية بالصواريخ والقصف المدفعي على 3 مواقع إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة، متعمّداً في هذه المرحلة توجيه رسالة «مدوْزنة» لمَن يعنيهم الأمر في المقلب الإسرائيلي تفادى فيها كسر قواعد الاشتباك المعهودة تَجَنُّباً لاستدراج حربٍ شاملةٍ لا شيء يوحي حتى الساعة بأن «محور الممانعة» يريدها، وإن كانت سياقاتُ المواجهة في غزة ومحيطها قد تفرضها أو تُفْضي إليها.

وإذ كانت إسرائيل تحاول لملمةَ خسائرها الهائلة وغير المسبوقة في يوم واحد والتقاط الأنفاس، لم يكن ممكناً معرفة هل سيقتصر الردّ الذي تعدّ له، في هدفه النهائي، على العودة إلى ستاتيكو ما قبل 7 تشرين الاول، أي استعادة السيطرة على المستوطنات التي سقطت في «غلاف غزة» واسترداد الأسرى، وهو ما يصعب تَصَوُّره في ضوء الأبعاد فوق العادية لـ «الجراح العميقة» التي أصيبت بها هيْبتها وصورة جيشها والرعب الذي «تَمَكّن» من سكانها وارتسم بأقوى صورة في مشهد «الهروب الكبير» عبر مطار بن غوريون.

وهذا الغموض الكبير، عزّز المخاوف التي سادت في بيروت من المخاطر العالية لخوض «حزب الله» لعبة «حافة النار» مع إسرائيل ولو عبر تحريكٍ محسوب للجبهة الجنوبية ولكنه مدجَّج بخطر جرّ البلاد برمّتها إلى فوهة البركان ولا سيما في ظل وقائع يُخشى أن يُحشر معها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في زاوية الخيارات المستحيلة التي تدفعه الى سلوك «أنا وبعدي الطوفان».

ورغم إعلان حركة «حماس» أمس، أن الهجمات المباغتة على إسرائيل التي بدأت صباح السبت «ستشتد وتتمدّد لتشمل الضفة ولبنان»، فإن أوساطاً سياسية تعاطت مع هذا الكلام على أنه امتداد لعملية «حزب الله» في مزارع شبعا، بمعنى أنه في سياق «الحرب النفسية» مع إسرائيل ومحاولةِ تشتيت قواها وتوزيعها على جبهات عدة «ملقّمة» وجاهزة للتفجير وذلك تخفيفاً للضغط عن غزة، من دون أن يُسْقِط ذلك قراءاتٍ تخشى وجود خفايا وراء الانفجار الذي لم تتكشّف كل أبعاده بعد وتجعل انفلات الوضع إلى معركةٍ متعددة الجبهة مصلحةً لأكثر من طرف قطعاً للطريق على مساراتٍ في المنطقة أطلّت في الاقتصاد والسياسة ولا يستسيغها محور الممانعة.

وعلى وقع تأكيد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة، أن بلاده طلبت من دول عدة إبلاغ حكومة لبنان «أننا سنحملها مسؤولية أي هجوم لـ حزب الله»، بالتوازي مع إعلان وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن «أننا نبذل كل ما في وسعنا لضمان عدم نشوء جبهة أخرى في الصراع بما في ذلك مع حزب الله في لبنان»، استوقف الأوساط كلام رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين الذي شدد فيه على أنّ «المقاومة وجّهت صباحاً رسالة في كفرشوبا، لتقول إنّ من حقنا أن نستهدف العدو الذي مازال يحتل أرضنا، وهذه رسالة يجب أن يتمعّن بها الإسرائيلي جيداً. هناك رسالة للأميركي والإسرائيلي بأنّ ما حصل في غزّة له خُلاصة بأن حماقاتكم المتمادية واستخفافكم أوصل إلى طوفان الأقصى وإذا تماديتم اليوم ستشهدون طوفان الأمة الذي سيُغْرِق كل الكيان».