"لجنة بكركي" تدرس نقاط الوثيقة.. وتحضيرات للمرحلة اللاحقة

ترتّب اللجنة المتابعة مهمّة إعداد "وثيقة بكركي" تفاصيل الورقة مع انطلاق اجتماعاتها من جديد، بعدما كانت توقّفت اللقاءات في الأسابيع الماضية نتيجة الأوضاع السياسية والأمنية.

ولم يكن قد انتهى كلّ شيء حينذاك على تخوم تحضير ورقة المبادئ المتّخذة طابعاً دستورياً في الصرح البطريركي، إنّما كانت تلك بمثابة صياغة بآفاق حيث يطمح المتابعون للوثيقة أن تلقى الأصداء البنّاءة عندما يحصل التشاور في مضامينها مع القوى السياسية على تنوّع مشاربها.

ولا تزال "وثيقة بكركي" قيد التحضير مع التحضير للتشاور الإضافيّ في مضمونها خلال الاجتماعات المتلاحقة المقبلة ما يجعل منها ورقة على مسافة من التنقيح النهائيّ بحبر التأنّي قبل الانتقال للتداول بها مع الأحزاب السياسية الرئيسية. إذ لن تنحصر الوثيقة في المكوّنات السياسية المسيحية التي يحضر قياديّون من طاقمها الحزبيّ اللقاءات التشاورية في بكركي، ستكون في متناول النسيج السياسيّ الإسلاميّ أيضاً من برلمانيين وحزبيين كخطوة لاحقة بعد وصول اجتماعات بكركي إلى خواتيمها.

وينتَظَر أن تخرج الطروحات إلى العلن بعد اكتمال الترتيبات، ما يبقي الأصداء مرجأة حتّى تظهير الوثيقة والتداول في الحلول الممكن اتباعها. ولن يتوانى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عن تدعيم السبل الهادفة لإنجاح الوثيقة، مع حرصه خلال اجتماعات الصرح البطريركي على اعتبارها بمثابة وثيقة وطنية.

ويريد البطريرك أن تستقرّ مندرجات الورقة على قواسم مشتركة بين المكوّنات اللبنانية على تنوّعها من أجل إنقاذ البلد، وهذا ما كان أكّد عليه في شتّى الاجتماعات الماضية بحسب المعطيات المستقاة حول فحوى المشاورات. وتطرح بكركي فكرة التداول في الوثيقة مع كافّة الأحزاب اللبنانية، على أن يتبلور التلاقي على نقاطها، أو بعضٍ منها أقلّه، ثمّ الإعلان الصريح عن تفاصيلها في غضون لقاء وطني.

يعمل المجتمعون تحت سقف الصرح البطريركي على تحضيرات هادفة حالياً إلى دراسة الملاحظات التي كانت وضعت حول الوثيقة سعياً للانتقال إلى مرحلة بلورتها النهائية، بعدما كانت انقطعت الاجتماعات في الأسابيع القليلة الماضية نتيجة توترات الأوضاع السياسية والأمنية، قبل أن يلتقي الموكلون مهمة متابعة المشاورات الأسبوع الماضي في اجتماع خصّص للصلاة عن روح باسكال سليمان حصراً من دون التداول في الوثيقة.

وانطلاقاً من المعطيات التي استقتها "النهار"، فإنّ التداول في الوثيقة من جديد حصل بعد ظهر هذا الثلاثاء من خلال اجتماع انعقد لاستكمال دراستها والتشاور في مضمون الملاحظات التي كان أعرب عنها الحاضرون في مرحلة سابقة والتي شملت خصوصاً موضوع اللامركزية الموسّعة وسط تعدّد في الاقتراحات بين الحاضرين حول الهامش الإنمائي الذي لا بدّ من اقتراحه. وكانت الاختلافات في وجهات النظر قد ظهرت بين المجتمعين في الاجتماعات السابقة حول نقطة خاصّة في حصرية السلاح وضرورة تطبيق القرارات الدولية أيضاً، حيث اقترح عددٌ من الحزبيين الحاضرين ضرورة إلزام "حزب الله" تسليم سلاحه، بينما طرح آخرون أن يتولّى المجتمع الدولي بنفسه العمل على بلورة حلول خاصّة بهذه المقرّرات. هكذا انطلق البحث في مضامين الوثيقة من جديد من حيث كانت انتهت المناقشات قبل أسابيع، بحثاً في الملاحظات التي كانت أعربت عنها القوى السياسية حول بعض نقاطها. لكنّ المعطيات تؤكّد أنّ اجتماع الثلاثاء لم يتوصّل إلى نتائج إضافية في انتظار أن يتشاور كلّ ناشط حزبيّ حضر في بكركي مع مرجعيته السياسية في تفاصيل الملاحظات والمقترحات التي طرحت في الاجتماع. ويتأكّد أنّ التشاور في بكركي قد انتقل من مرحلة المناقشات الخاصة في الوضع المسيحيّ الداخليّ إلى العناوين الوطنية الشاملة. ويحرص المجتمعون تحديداً على ضرورة الاتفاق على مقترحات مؤكّدة أهمية تطبيق القرار 1701 ضمن الوثيقة مع التعويل على إمكان أن يشكّل هذا القرار الدوليّ إجماعاً لبنانياً.

ثمّة اقتناعٌ من الناشطين الحزبيين الذين يواظبون على حضور الاجتماعات في بكركي بضرورة أن تصل الوثيقة إلى الخواتيم الوطنية، ولا يزال المتابعون لتفاصيلها هم أنفسهم، مع الإشارة إلى أنّهم يحضرون شخصياً أو يرسلون مندوبين عنهم. وانطلاقاً من معطيات "النهار"، كان حزب الطاشناق قد انضمّ أيضاً إلى جلسة بكركي الأسبوع الماضي، على أن يتابع إرسال مندوبٍ عنه بشكلٍ دائم لحضور الاجتماعات اللاحقة. ويعرب غالبية من ناشطي الأحزاب الحاضرين في اللقاءات عن انطباعات جيّدة هادفة للوصول في الوثيقة إلى نتائج وطنية، خصوصاً أن المناقشات بين الحاضرين لم تظهر عن تباينات جذرية إنّذما اختلافات شكليّة أو حول كيفية الطرح التنقيحيّ خصوصاً في النقطة الخاصّة بسلاح "حزب الله" وتنفيذ القرارات الدولية. ويرتاح المتابعون الأساسيون للوثيقة في حزب الكتائب اللبنانية وحركة "الاستقلال" للهدف منها ولمضمونها في اعتبارها مستقاة من المبادئ التي تأسّست عليها الدولة اللبنانية. وتنصّ على ضرورة انتظام عمل مؤسسات الدولية واحترام التعددية والمواثيق الوطنية. من ناحيتها، تنتظر "القوات اللبنانية" أن تبلور الوثيقة حلولاً عملية، لا نظريّة فقط، انطلاقاً من الآليات والثوابت الوطنية. وكان رئيس "القوات" سمير جعجع أعرب عن توجّسه وسط استفهامات يطرحها حول مدى جهوزية "التيار الوطني الحر" للعمل على بلورة تفاصيل "وثيقة بكركي". ويأتي حذر رئيس "القوات" انطلاقاً من تأكيد الحرص على إنجاح الوثيقة في مرحلة تحديات لا يمكن الاستهانة بها داخلياً وإقليمياً في منطقة تعيش أزمات سياسية وأمنية وعسكرية.

في المحصلة، بلغت المشاورات حول "وثيقة بكركي" مرحلة التداول في ملاحظات الناشطين السياسيين الحاضرين للاجتماعات حول بعض نقاطها. ثم سينتقل المجتمعون إلى مرحلة الإعداد النهائيّ الذي سيسبق التداول في مضمون الوثيقة مع المكوّنات السياسية والروحية الإسلامية. ولا تزال اللجنة التي تشكّلت تتولّى المشاورات وحضور الاجتماعات أو مواكبتها، شمولاً بحضور كنسيّ يضمّ المطارنة بولس مطر، بولس صيّاح، وأنطوان بو نجم، فضلاً عن حضور سياسيّ حزبيّ يتولّاه نوابٌ وناشطون أو بعض المندوبين عنهم في حال تغيّبهم شمولاً في "القوات اللبنانية"، حزب الكتائب، "التيار الوطني الحرّ"، حركة "الاستقلال"، حزب الوطنيين الأحرار، مشروع "وطن الإنسان"، كما انضمّ حزب الطاشناق حديثاً بهدف حضور الاجتماعات.