المصدر: النهار
الكاتب: اسكندر خشاشو
الثلاثاء 2 كانون الاول 2025 07:10:16
اختار البابا لاوون الرابع عشر بكركي للقاء الشبيبة في لقاء لا يشبه اللقاءات الاخرى، حاملاً معه رسالة خاصة إلى شباب لبنان، واخرين قدموا من سوريا والعراق. لقاءٌ يتجاوز طابعه الروحي التقليدي، ليكتسب أبعاداً اجتماعية ووطنية في بلد يبحث شبابه عن دور ومعنى وسط أزمات متتالية. ولأنّ الفاتيكان يدرك حجم الدينامية التي يملكها هذا الجيل وقدرته على إحداث التغيير، يأتي اللقاء بمثابة تثبيت لأهمية حضور الشباب، وتعزيز لصمود المسيحيين في ظل موجات الهجرة والضغوط الاجتماعية، والاقتصادية إضافة إلى تأكيد جديد على مكانة بكركي ودورها في الحياة الوطنية، وشراكتها مع الفاتيكان.
أكثر من 22 الف شابة وشاب اضافة الى عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية حملوا الاعلام اللبنانية واعلام الفاتيكان انتظروا بتنظيم لافت ومميز ساعات لدخول البابا، الذي وصل قرابة الساعة السادسة مساء ودخل على اصوات قرع الاجراس والاناشيد الدينية حيث فاجأهم، مستعملا سيارة مكشوفة، من دون زجاج عازل وجال بينهم في رسالة الى قربه منهم.
عروض عديدة ركزت على احداث السنوات الأخيرة من ازمة اقتصادية وانفجار مرفأ بيروت والحرب الأخيرة وكيفية تعامل الجيل الجديد مع هذه الاحداث قدمت بطريقة ان لبنان لا يزال وطنا يستطيع احتضان جميع ابنائه وان هناك من لا يزال يؤمن به رغم كل ما جرى.
و رحّب البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بالبابا قائلاً:
"أهلاً بكم في لبنان، هذا البلد الصغير بمساحته والكبير برسالته، الأرض المقدّسة التي التقت عليها الحضارات والأديان، وفيها اختار الله أن يلتقي الشرق بالغرب".
وأضاف أنّ حضور البابا "نفحة روح لشعب مُتعب، وفجر جديد لوطن يبحث عن النور"، مؤكّدًا أن اللبنانيين يسمعون في زيارته صدى المسيح السائر على الطرقات المعذَّبة قائلاً: نحن معكم.
وختم بالتأكيد على تطلّع اللبنانيين إلى "بناء لبنان جديد، حيث الإيمان هو القوة، والنور أعظم من الظلام، وصوت الكنيسة صوتُ أمل لا خوف، وسلام لا عنف".
أما الابرز كان خطاب البابا المطول للشباب فكان تشدّيده على الدور الحيوي الذي يؤدّيه الشباب في صناعة مستقبل أكثر عدالة وسلامًا، قائلاً إنهم "عصب الرجاء والقادرون على رسم خارطة طريق ملزِمة وجميلة في آن". ودعاهم إلى التزام شخصي عميق في سبيل العدالة، وإلى عدم التوقّف عند الأفكار والمبادئ المتناقضة، لأن "النقطة الحقيقية للثبات من أجل السلام هي الرجاء، هو المسيح الذي مات وقام من أجل خلاصنا، وهو أساس الثقة والشاهد للرحمة التي تشفي العالم من كل شر".
وأكّد أنّ السلام لا يمكن أن يكون نتيجة مصالح شخصية، بل ثمرة تعاون منفتح مع الآخر، مستشهدًا بكلام البابا يوحنا بولس الثاني: "لا سلام من دون عدالة، ولا عدالة من دون غفران". وفي حديثه عن الصداقة والمحبة، شدّد على أن الحب لا يكتمل إن لم يشمل العطاء حتى النهاية، وأن الصداقة الحقيقية تقوم على قول: "أنت قبلي". فالمحبة، كما قال، ليست مثالا نظريا، بل تاريخا معاشا كما في حياة المسيح والقديسين.
ودعا البابا الشباب إلى النظر نحو الذين لم يستسلموا للظلم، بل فتحوا طرقا جديدة بحثا عن ملكوت الله، قائلاً: "ابنوا عالما متجدّدا أفضل مما وجدتموه”.
وحضّهم على الصلاة وقراءة الإنجيل والمشاركة في القداس، لأن "الصداقة مع يسوع تُبنى بقوة الصلاة"، مشيرًا إلى جمال التأمّل بالمسيح بعيني مريم، ورفع النظر نحو سيدة لبنان برجاء وثقة. وطلب منهم أن يحملوا صلاة مار فرنسيس الأسيزي: "يا رب، استعملني لسلامك”"، لتبقى حيّة في قلوبهم وتزرع فيهم فرح الإنجيل.
وختم البابا بدعوة إلى التشبّث بالرجاء، واصفا إياه بـ"الفضيلة الفقيرة التي تتقدّم بالأيدي الفارغة"، لكنه رجاء يفتح الأبواب أمام حياة تشقّ طريقها رغم الصعاب. وقال للشباب: "رغم التحديات المصيرية، ستزهرون من جديد. اكبروا، كونوا أقوياء كالأرز، وازرعوا زهور الرجاء في العالم".
في المحصلة رسم الخطاب خارطة طريق البابا معرية لشباب لبنان وهو أقر أنهم مروا بصعوبات إنما قال لهم أن هناك حلولا وتبنى على الصدق والأخلاق والصلاة والعبادة وأعطاهم أمثلة عن حياة القديسين.