لقاح مجاني للنساء من وزارة الصحة للوقاية من سرطان عنق الرحم

بشّرت وزارة الصحة النساء اللبنانيات بأنّها ستوفّر لقاح "الورم الحليمي البشري" للمرة الأولى ضمن اللّقاحات التي تقدّمها مجاناً، في خطوة تأتي في إطار جهود الوزارة للوقاية من الإصابة بسرطان عنق الرحم وتعزيز الصحة العامة.

وفي المعلومات تتفاوض الوزارة مع تحالف "غافي" للقاحات الذي وافق على تقديم دعم تقنيّ لها في المرحلة الأولى. وسيكون اللقاح في مرحلة لاحقة من ضمن البرنامج الوطني للقاحات المدعوم من الوزارة، لاستهداف فئة الفتيات المراهقات. وستوفّر الوزارة اللقاح في مراكز الرعاية الصحية الأوّلية وبإشرافها.

 

لقاح باهظ لكن فعّال

الكثير من النساء لم يسمعن بهذا اللقاح ولا يعرفن أهميته، لا سيما أنّه لقاح اختياري. كما أن سعره مرتفع جدّاً في السوق اللبنانية ويتراوح بين 200 و400 دولار أميركي للجرعتين. وتوفيره بشكل مجاني غير كاف، بل يحتاج اللقاح إلى حملة توعوية وعرض فوائده لصحة المرأة. وبدأت الخطوة بورشة عمل تثقيفية للإعلاميين في وزارة الصحة للوقاية من سرطان عنق الرحم، افتتحها الوزير ركان ناصر الدين بغية كسر الجهل المرافق لهذا اللقاح والتشديد على أهميته وفعاليته.

 

فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) عدوى واسعة الانتشار عالميًا، ويؤدّي إلى مشاكل صحية خطيرة لدى النساء، لأنه يسبب أنواعاً عدة من السرطانات، أبرزها سرطان عنق الرحم. والطريقة الأكثر شيوعًا لانتقال الفيروس هي عبر الاتصال الجنسي. كما يمكن أن ينتقل عبر ملامسة الجلد أو من خلال مشاركة الأدوات الشخصية.

 

يؤكد رئيس قسم الجراحة النسائية في مستشفى أوتيل ديو الجامعي، والاختصاصي في جراحة الأورام النسائية، البروفيسور دافيد عطاالله أن فعالية اللقاح عالية جدّاً وتصل إلى 90 بالمئة بتجنّب الإصابة بسرطان عنق الرحم. ويشرح لـ"المدن" أن حوالى 12 بالمئة من النساء في لبنان معرّضات للإصابة بهذا الفيروس ويعانين من خلايا متحوّلة في عنق الرحم، ما يعني أنهن مهدّدات بالإصابة بسرطان عنق الرحم. والأخطر أن ثلثهنّ مصابات به ولا تظهر النتيجة في الفحص الزجاجي.

 

ويلفت عطالله إلى أن نسبة الإصابة بسرطان عنق الرحم تصل إلى 5.7 في الألف، بحسب بيانات وزارة الصحة العامة. وينبّه السيدات أنه عندما يكتشفن إصابتهن بالفيروس، فعليهن إجراء المزيد من الفحوص من خلال التنظير الداخلي، وأخذ خزعة، بغية الوقاية والتأكد من عدم الإصابة بالسرطان. فهذا الفيروس قادر على تفعيل ذاته بعد سنوات من الإصابة. والأمر مرتبط بمناعة السيدة. ففي حال كانت مناعتها قوية تستطيع القضاء عليه، أما في حالات المناعة الضعيفة فهي بحاجة لاستشارة الطبيب لأن العلاج المبكر ينقذ حياتها.

 

أهمية تلقيح الفتيات

لقاح الورم الحليمي، على أهميته، غير مخصص لجميع السيدات، بل يعطى للفتيات في أعمار معينة. ففعالية اللّقاح تقل عند السيّدات اللواتي يزيد سنّهن عن 25 عاماً. وإعطاء هذه الفئة اللقاح يدرس بحسب الحالة ومدى ضرورته والاستفادة منه. وفي هذا السياق يفضّل رئيس قسم الأطفال والعناية بحديثي الولادة في مستشفى "الجعيتاوي"، روني صياد إعطاء اللقاح للفتيات بين 9 و15 سنة لفعالية أكبر، وبجرعتين يفصل بينهما ستة أشهر. وبعد إتمام الفتاة عامها الخامس عشر تعطى جرعة ثالثة، ثم رابعة بعد ستة أشهر. يمكن إعطاؤه للفتيات بين 18 و25 عاماً، لكن العمر المثالي للتلقيح بين 9 و15 سنة.

 

ويؤكّد صياد أن اللقاح يحمي من سرطان عنق الرّحم لمدى الحياة. ويفضّل أخذ اللقاح قبل تعرّض الفتاة للفيروس وقبل أية علاقة جنسية. لذا ينصح الأمّهات بتلقيح بناتهن بلقاح Gardasil  المتوفر في لبنان بهدف حمايتهن، لا سيما إذا أصبح مجانياً. وإذ يؤكد أن فعالية اللّقاح عالية جداً، يشدد على عدم إصابتهن بأي أعراض سلبية جراء التلقيح.

 

التوعية والوقاية

يعدّ سرطان عنق الرحم أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء حول العالم. ووفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية، يسجّل سنوياً أكثر من 600 ألف إصابة، ويؤدي إلى وفاة نحو 340 ألف امرأة. ورغم أن هذا المرض من أبرز التحدّيات الصحية التي تواجه النساء، إلا أنه من الأمراض التي يمكن الوقاية منه، والذهاب للعلاج المبكر في حال الإصابة. وهذا يستدعي نشر المعلومات الدقيقة عنه، واستهداف الأمّهات بنوع خاص من حملات التوعية، بغية تعزيز فرص الفتيات في الحصول على اللقاح. فالكثير من النساء في لبنان ما زلن يواجهن تحديات سواء لناحية الجهل ونقص المعلومات عن السرطان واللقاح، أو لناحية غلاء اللقاح، الذي بات متوفراً بشكل مجاني. على أنه على النساء عدم الاعتماد على الفحص الزجاجي فحسب، بل عليهن إجراء فحص الكشف عن فيروس HPV بغية محاربة سرطان عنق الرحم قبل الإصابة به.