المصدر: النهار
الكاتب: ابراهيم بيرم
الأربعاء 19 تشرين الثاني 2025 08:43:19
في الأيام القليلة الماضية عادت إسرائيل في الخطاب اليومي لقادتها ومحلليها العسكريين لتلوّح بصوت عال بـ"حرب لأيام عدة" على وشك أن تطلق إشارتها الأولى ضد "حزب الله" في كل لبنان.
المعلوم أن مصطلح "حرب لأيام عدة" ليس طارئا على القاموس العسكري اليومي لتل أبيب، فقد أدخلت هذه المفردة إلى صلب خطاب قادتها ومحلليها، تلوّح بها خيارا حاضرا بقوة في سياق حربها المفتوحة على "حزب الله"، وتحديدا في الأعوام التي سبقت "حرب إسناد غزة" التي أطلقها الحزب، انطلاقا من خلفيتين:
الاولى: لتقول إنها ليست في وارد إشعال حرب واسعة من شأنها أن تشرّع أبواب الاحتمالات المفتوحة، في زمن كان عدوها الأساسي يعلن أنه راكم من الإمكانات العسكرية وقدرات الردع ما هو كاف لخوض غمار مواجهات مفتوحة، يمكن الإسرائيلي أن يبدأها، لكن مفتاح التحكم في مسارها ومآلها ليس بالضرورة عنده.
الثانية، أن الإسرائيلي كان حتى ذلك الحين يوحي بأنه من "هواة" نوع الحرب القصيرة التي يحسم فيها الموقف الميداني حسما عاجلا، على غرار "حرب الأيام الستة"، وهو الاسم الذي أطلقه على حرب عام 1967 التي أنزل إبانها ضربات قاصمة بجيوش ثلاث دول عربية مجتمعة، هي مصر والأردن وسوريا، وهي الحرب التي أظهرته محققا لانتصار كاسح .
وحيال كل ذلك، فإن السؤال الفارض نفسه هو: ما الذي يدفع الإسرائيلي في الآونة الأخيرة للعودة إلى إشهار هذا المصطلح والتلويح به كخيار قائم في حساباته الميدانية، هو الذي يعلن أنه قد أجهز على نحو 80 في المئة من قدرات "حزب الله" العسكرية إبان مواجهات حرب الإسناد، وخصوصا في الـ66 يوما الأخيرة منها؟
يجيب الخبير في القضايا الإستراتيجية العميد الركن المتقاعد الياس فرحات في اتصال لـ"النهار": "لأن الإسرائيلي لا يريد أن يتراجع عن سرديته الأولى التي أطلقها متباهيا فور سريان اتفاق وقف النار قبل نحو عام، وذكر فيها أنه قضى على أكثر من 85 في المئة من قوة الحزب العسكرية والتي راكمها على مدى أكثر من عقد ونصف عقد، يلجأ أخيرا إلى التلويح بخيار قديم هو خيار "حرب الأيام"، ويهدد بأنه عائد إليه ربما في القريب العاجل".
ويضيف: "من منظور العلم العسكري، يلوّح فريق ما باللجوء إلى خيار "حرب الأيام" بعد أن يكون متحققا عنده أن ثمة هدفا أو مجموعة أهداف من طبيعة استراتيجية، وأن حسابات الميدان الإستراتيجية والتكتية عنده تفرض توجيه ضربة ساحقة وسريعة لها".
وردا على سؤال يجيب: "الإسرائيلي أوجد الممهدات من الناحية النظرية والعملانية لمثل هذه الحرب، عندما ركز في الأسابيع الماضية على أن الحزب يعمل على استعادة قدراته العسكرية، وقد نجح في الحصول على أسلحة جديدة، أضافها إلى ما تبقى في المخازن من أسلحة. وهذا يعني من الناحية الإستراتيجية أنه توافر للإسرائيلي بنك أهداف محدد في منطقة ما في البقاع أو سواه، وأنه يمهد الأسباب لتوجيه ضربة تفوق مستوى ضرباته التي لم تتوقف منذ سريان اتفاق وقف النار، على رغم التزام الحزب التام مندرجات هذا الاتفاق".
والمؤكد بحسب فرحات، "أن الإسرائيلي لن يطلق حرب الأيام ما لم يكن متيقنا مسبقا من أمرين:
أن معلوماته عن الهدف متحققة بنسبة عالية (هدف مضمون) لكي لا يظهر بمظهر الخاسر معلوماتيا والجاهل بتفاصيل الميدان.
أن عدوه ليس في وارد استدراجه إلى حرب مفتوحة، لديه مقومات التحكم في مسارها ".