لماذا وصل "داعش" إلى منطقة عمل "اليونيفيل"؟

تتزايد المخاطر الأمنية مع تفاقم الأزمات التي تصيب لبنان، لا بل تقتنص الجماعات الارهابية الفرص السانحة للانقضاض على الواقع اللبناني، وأخذ الأدوار باتجاه مسارات خطيرة جداً. واذا كان العمل الأمني لا يتوقف ولا يهدأ، ومن ميزاته الاستمرارية والديمومة ومتابعة ورصد الأحداث والتطورات بشكل آني ولحظوي، وتوقع الانعكاسات والنتائج، فإن ما يجعل هذا الجهد المبذول ذا مردود وطني كبير، أنّه يأتي بنتائج مهمة من ضمن الامن الاستباقي الذي يُعتبر من أهم الأعمال التي تقوم بها الأجهزة الأمنية والعسكرية.

قد يُظن أنّ خطر المنظمات الارهابية المتطرفة قد تلاشى، بعد لجوء الشباب المغرر بهم أو المقتنعين بالعقائد الظلامية إلى «أرض جهاد جديدة»، الا أنّ فلول بعض هؤلاء في لبنان يعملون بشكل طبيعي وهم يحملون هذا الفكر التكفيري واصرارهم على مبادئه وأهدافه، الأمر الذي تواجهه مديرية المخابرات في الجيش بجهد أمني استباقي يُفشل مخططات الارهابيين.

الجديد الذي يُنظر اليه بعين الخطورة، هو تمدد هؤلاء الى جنوب لبنان، وتحديداً إلى منطقة عمل قوات الطوارئ الدولية المعززة (يونيفيل). اذ وبتاريخ 3/5/2023 في بلدة عيتيت الجنوبية أوقفت دورية من مديرية المخابرات السوري (م. ع) من حلب، للإشتباه بانتمائه إلى تنظيم داعش الإرهابي في سوريا ودخوله الأراضي اللبنانية خلسةً.

وتبيّن في التحقيقات معه أنّه «في مطلع العام 2014 إنتمى إلى تنظيم داعش الإرهابي في بلدته «مسكنة» وخضع لدورات شرعية على يد الشيخ الملقب «أبو قتيبة» حول الصلاة والصوم والجهاد في سبيل الله وكيفية نصرة الإسلام» وأخرى عسكرية حول تفكيك وتركيب الأسلحة في قاعة مسجد البلدة، وقام بمبايعة التنظيم المذكور برفقة آخرين، وتابع دورة في مجال الأمن والشرعية على يد الملقب «أبو عدنان». وتمّ تسليمه دراجة نارية، وعُيّن في ما يسمى بدوريات الحسبة كمسؤول عن القطاع الشمالي لقريته، ومهمته مراقبة الأشخاص الذين يخالفون قوانين التنظيم لناحية التدخين واحتساء المشروبات الروحية وارتداء اللباس غير الشرعي والإستماع إلى الأغاني ليصار إلى محاسبتهم وفقاً لشرعية التنظيم، وتنفيذ الأحكام من إعدام وضرب وجلد وغيرها من الأمور، حيث كانت تتم معاقبة المخالفين أمام الجموع وسط القرية وقد شاهد في إحدى المرات برفقة غالبية سكان قريته عملية إعدام أحدهم على يد عناصر التنظيم المذكور».

ووفق التحقيقات أنّه «في العام 2017 أعلن تنظيم داعش الارهابي النفير، وتم حشد عدد كبير من الأشخاص أمام ساحة المسجد، ومنهم الموقوف، وجرى تسليمهم بنادق حربية لقتال الجيش السوري النظامي، الذي كان حينها يقوم بشن هجوم على مناطق نفوذ تنطيم داعش، وبعد عدة أيام من إعلان حالة النفير تمكن من مغادرة قريته برفقة ذويه وأقاموا في مخيمات الأكراد في بلدة غرة في ريف حلب الشرقي، وبعدها إنتقلوا إلى بلدة الماشي في ريف حلب الشرقي أيضاً، وقاموا باستئجار منزل وأقاموا لمدة ثلاثة أشهر، ومنها تابعوا طريقهم إلى الشام ومن هناك دخل الأراضي اللبنانية عن طريق التهريب عبر أحد المعابر غير الشرعية القريب من معبر المصنع الحدودي».

وأضاف في التحقيق «أنّه بعد دخوله الأراضي اللبنانية تنقل بالإقامة في عدة بلدات لبنانية، حيث توجه بادئ الأمر إلى مخيم برج البراجنة مكان إقامة شقيقه وأقام برفقته لحوالى ثمانية أشهر، وعمل في مجال كهرباء المنازل، ومن ثم تنقل بين بلدات بيت مري والمنصورية وعمل في مجال البناء، ومطلع العام 2020 إنتقل إلى بلدة عيتيت الجنوبية وتابع عمله في مجال البناء».

واعترف أيضاً أنّه «بايع تنظيم داعش الارهابي في سوريا وكان ولا يزال من مؤيدي التنظيم المذكور، وهو يتابع باستمرار إصداراته وأخباره عبر مواقع التواصل الإجتماعي ويقوم بتحميل الأناشيد الجهادية لهذا التنظيم من خلال تطبيقات الماسنجر والتيك توك وغيرها».

وفي المعلومات أيضاً، أنّ مديرية المخابرات «اوقفت في منطقة البقاع السوري (خ.ح)، الذي اعترف بنشاطه في مجال تمويل المجموعات الارهابية بين عامي 2014 و2017، والتي تواجدت في جرود بلدة عرسال لا سيما تنظيم داعش الارهابي، واعترف بتواصله مع أبرز قادة التنظيم المذكور من خلال جمعيات ولجان غير مرخصة انشأها مع آخرين في المنطقة».

ما يجدر التوقف عنده بحسب مصدر معني، «أنّ انتقال الموقوف الى منطقة عمل اليونيفيل، يشكل خطراً كبيراً، نظراً لحساسية المنطقة، اذ إنّ محاولة تنظيم داعش الارهابي انشاء خلايا في هذه المنطقة يهدف إلى تحقيق أمور عديدة أبرزها:

1- استغلال اي حادث يحصل بين اليونيفيل والاهالي والدخول على الخط لأخذ الأمور إلى مسار تصعيدي خطير.

2- رصد وربما استهداف كوادر «حزب الله» في المنطقة والعمل على إحداث توترات ذات طابع طائفي.

3- أما الأخطر، فهو استغلال الحالات الحربية العدائية التي تنفذها اسرائيل والذهاب إلى استخدام الجنوب في عمليات اطلاق صواريخ وغيرها مما يدفع الامور الى مسارات خطيرة».

ويشدد المصدر على «أهمية التنسيق والتعاون الوثيق بين الأجهزة العسكرية والأمنية وقوات اليونيفيل، لتفويت الفرصة على الجماعات الارهابية للعبث بالساحة الجنوبية وفي كل المناطق اللبنانية».