لودريان ينزل عن "شجرة" فرنجية: التشاور في أيلول

رست لقاءات المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في زيارته الثانية للبنان على ثلاثة مؤشّرات:
1- إصرار فرنسي على الإمساك بموازين وزمام المبادرة والإدارة العملانية والتكتيكية في حلّ الملفّ اللبناني الآنيّ، على الرغم ممّا عنونه البيان الخماسي الأخير في الدوحة لجهة عدم تبنّيه أيّ وجهة نظر فردية لا تعبّر عن جوهر وروحيّة البيان الثلاثي الذي اتّخذ من الطائف والدستور اللبناني أساس الحلّ.
2- تمظهر المنافسة الفرنسية القطرية، ضمن مساحة توزيع الأدوار لدول خليّة الأزمة كافّة، والتي تمسك بأطراف الحلّ النهائي بين كلّ من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، مع الإشارة إلى أنّ حركة قطر في الملفّ اللبناني لا تتخطّى إجماع دول مجلس التعاون الخليجي والنظرة السعودية للحلّ، وهو ما تأمن له المملكة، وكذلك أميركا التي لا تمانع الحركية القطرية المفيدة لها على مستوى الوساطة وإيصال الرسائل.
3- استبدال طاولة الحوار بدعوة إلى التشاور وفقاً للمصطلح الفرنسي "table de travail"، حيث استند المبعوث الفرنسي إلى أنّ المفيد يُستخدم وغير المفيد يُترك، ولذلك تتقدّم فرنسا بحذر في ما يتعلّق بنوع اللقاء وطريقة إدارته رافضةً رفضاً مطلقاً لحوار كلاسيكي شامل، وحاصرةً التشاور بانتخاب رئيس للجمهورية وملء سريع للشغور الرئاسي وعدم تخطّي هذا البند مع الاحترام الكامل لما يفرضه الدستور.

الخيار الثالث يتقدّم
أشارت مصادر خاصّة بـ"أساس" إلى أنّ "ما جرى في اجتماع الدوحة الخماسي حتّم على الفرنسي ترك عربته القديمة التي تمثّلت في ثنائية السلطة بين سليمان فرنجية ونواف سلام، لصالح الخيار الثالث، لكن من دون طرح أيّ اسم محدّد في هذه المرحلة، ولا سيّما أنّ الفرنسي توجّس من اللقاء القطري الإيراني الأخير بين المبعوث القطري ووزير خارجية إيران وطلب قطر من إيران المساعدة في الملفّ اللبناني، وهذا ما يعني الطلب من إيران المساعدة ضمن روحيّة التقارب السعودي الإيراني (وهي الكوّة)، وهذا ما يعني بداية الخيار الثالث جديّاً أكثر من أيّ وقت مضى، ولذلك ركبت فرنسا عربة الحلّ بالمفهوم الجديد من دون ترك القديم وإعلانها ذلك في العلن، لكنّ هذا يؤكّد البدء الجدّي بفكرة الخيار الثالث".

وختم المصدر: "فقدت فرنسا حيويّة نظريّتها للحلّ، وهذا يعني تصفير كلّ خطواتها ومسوّداتها السابقة، وبالتالي تجميد مساعيها الفردية إلى حدّ الشلل، مع الإبقاء على تفويض لها ضمن ما توصّل إليه البيان الخماسي، وهو ما دفع الفرنسي إلى استغلال هذا الوقت الميت إنتاجياً كفترة ملائمة لزيارة لبنان، بعد الزيارات القطرية، كي لا يولد انطباع بفقدان فرنسا لدورها التنفيذي".

بالمقابل، علم "أساس" أنّ الحزب أبلغ عبر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد المبعوث الفرنسي لودريان بعد لقاء دام لـ45 دقيقة أمس الخميس، وهو أقلّ زمنياً من اللقاء الذي جمع لودريان مع النائب فيصل كرامي، "تمسّك الحزب بترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية مع ترحيبه بالحوار أو التشاور تحت أيّ عنوان لحلّ مسألة الشغور الرئاسي بروح التوافق مع تأكيد التمسّك باتفاق الطائف وعدم المسّ به في هذا الاستحقاق وأيّ استحقاق مقبل". وأبلغ النائب رعد لودريان أنّ "الحلّ يجب أن يكون لبنانياً على أن يحظى بمباركة ودعم خارجيَّين ولا يمكنه أن يكون خارجياً فيما المطلوب أن يحظى بمباركة ودعم داخليَّين".

من جهتها أشارت مصادر النائب فيصل كرامي إلى أنّ "الوزير لودريان طرح موضوع التشاور خلال شهر أيلول المقبل، فأبلغه النائب كرامي تمسّكه بترشيح الوزير سليمان فرنجية مع الترحيب بأيّ دعوة إلى التشاور أو الحوار حول الملف الرئاسي، وتحديداً تحت سقف الطائف".

لفتت المصادر إلى أنّ النائب كرامي أكّد للودريان أنّ "الحلّ يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية لكنّه ليس كلّ الحلّ، بل هو مفتاح الحلّ ويجب أن يُستكمل بتكليف رئيس للحكومة وتشكيل حكومة وإجراء الإصلاحات الضرورية اقتصادياً وسياسياً بناءً على خطّة اقتصادية".