المصدر: Kataeb.org
الأربعاء 30 تموز 2025 15:50:09
أشارت 3 تحقيقات نشرتها "لوفيغارو" الفرنسية عن ايران اليوم إلى أنه بعد مرور شهر على الحرب التي شنّتها إسرائيل ضد إيران بين 13 و24 حزيران 2025، والتي استمرت اثني عشر يومًا، تشهد الجمهورية الإسلامية واحدة من أكثر مراحلها السياسية حساسية منذ قيامها عام 1979. ثلاث مقالات تحليلية نشرتها "لو فيغارو" ترسم صورة شاملة لمجتمع إيراني منقسم، ونظام يحاول البقاء عبر أدوات غير مألوفة، وأصوات إصلاحية تطالب بتغيير جذري.
وخلصت هذه التحقيقات إلى:
1. النظام يروّج للوحدة القومية: من الإسلام إلى "إيران أولًا":
يُظهر المقال الأول، بقلم جورج مالبرونو، كيف يحاول النظام الإيراني تحويل تركيزه من الخطاب الديني التقليدي إلى خطاب قومي يرتكز على حماية "الأمة الإيرانية".
للمرة الأولى، يُلاحظ تحول رمزي عندما طلب المرشد الأعلى علي خامنئي خلال احتفال ديني إنشاد النشيد الوطني بدلًا من التراتيل الدينية، ما فُسّر بأنه اعتراف ضمني بتآكل الشرعية الدينية للنظام.
2. المعارضة تطالب بانتقال ديمقراطي:
في مقاله، تنقل دلفين مينوي التحركات المتصاعدة للمعارضة المدنية والإصلاحية، التي استغلت فرصة ما بعد الحرب لطرح مشروع تغيير جذري للنظام.
قائد «الحركة الخضراء» مير حسين موسوي أصدر بيانًا في 10 يوليو طالب فيه بإجراء استفتاء وكتابة دستور جديد. سرعان ما وقّع أكثر من 800 شخصية سياسية على البيان، تلاه بيان ثانٍ مدعوم من نشطاء حقوقيين كبار، منهم نرجس محمدي ونسرين سوتوده.
البيان شدد على خيار "الطريق الثالث": لا ولاء للنظام، ولا ارتهان للقوى الخارجية، بل طريق شعبي سلمي نحو جمهورية ديمقراطية.
هذه الدعوات، وإن بدت رمزية، تُظهر عمق الأزمة داخل إيران، حيث تتكسر هيبة «ولاية الفقيه» وتتصاعد مطالب التغيير من الداخل.
3. نتائج الحرب: ضربة غير قاتلة، لكن الجرح عميق!
بحسب تحليل مالبرونو في مقاله الثالث، فإن الضربات الإسرائيلية – بدعم أميركي – التي استهدفت منشآت نووية في نطنز وفوردو وأصفهان، أخّرت البرنامج النووي الإيراني لبضعة أشهر فقط، لكنها لم تُنهه.
ومع ذلك، كشفت الحرب عن هشاشة النظام داخليًا. اختراق أمني واسع، اغتيالات داخل الحرس الثوري، وضغوط اقتصادية هائلة. الخطر الحقيقي اليوم لا يأتي من الخارج، بل من الداخل:
احتجاجات على انقطاع الكهرباء والماء (كما في مدينة سبزوار).
انهيار ثقة شعبي بالحكومة.
شحّ في النقد الأجنبي يدفع النظام لتجميد الاستيراد وتوجيه الموارد للجيش والنووي.
الرئيس الجديد مسعود بزشكيان بدا أكثر واقعية من سلفه، واعترف بوجود أزمة حقيقية. حتى النظام اضطر إلى اتخاذ إجراءات شعبوية مثل تأجيل زيادة أسعار الوقود وتخفيف الضغط الضريبي.
4. نحو نموذج "كوريا الشمالية"؟
يحذر المحللون من أن إيران قد تنزلق نحو النموذج الكوري الشمالي: دولة معزولة تمتلك سلاحًا نوويًا لضمان بقاء النظام. ومع تآكل تحالفاتها مع الصين وروسيا، وانعدام الثقة الشعبية، فإن النظام الإيراني اليوم يقف بين خيارين:
الانفتاح التدريجي وتقديم تنازلات.
أو الانغلاق المطلق وخوض لعبة الردع النووي، مهما كلّف الأمر.
في لحظة فارقة من تاريخها، تبدو إيران ممزقة بين استمرارية نظام لم يعد يقنع شعبه، ومعارضة تنادي بسلمية التغيير، في بيئة دولية شديدة التوتر. مستقبل الجمهورية الإسلامية سيتوقف على كيفية تفاعلها مع الداخل لا الخارج، ومع الواقع لا الأوهام الأيديولوجية.