مؤتمر كوب28 في دبي.. العالم يضع مستقبل الوقود الأحفوري في الاعتبار

تجتمع وفود من حوالى 200 دولة هذا الأسبوع لحضور مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) في دبي حيث تأمل الإمارات الدولة المضيفة للمؤتمر والعضو بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في الترويج لرؤية مستقبل ينخفض فيه الكربون دون التوقف عن استخدام الوقود الأحفوري.
 
هذا الاتجاه الذي تدعمه أيضا الدول الكبرى الأخرى المنتجة للنفط سوف يسلط الضوء على الانقسامات الدولية في القمة حول أفضل طريقة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري: فالبلدان منقسمة حول إذا كان يجب إعطاء الأولوية للتخلص التدريجي من استخدام الفحم والنفط والغاز، أو توسيع نطاق استخدام التكنولوجيا مثل التقاط الكربون للتخلص من تأثيره على المناخ.
 
تُعقد قمة الأمم المتحدة السنوية في الفترة من 30 تشرين الثاني إلى 12 كانون الأول في الوقت الذي يستعد فيه العالم لكسر رقم قياسي آخر لأكثر الأعوام ارتفاعا في درجة الحرارة في عام 2023. وتأتي القمة في الوقت الذي تؤكد فيه التقارير الحديثة أن تعهدات الدول الحالية بشأن المناخ ليست كافية لتجنب أسوأ تأثيرات ظاهرة الاحتباس الحراري.
 
وسيتمثل أحد القرارات المهمة التي يتعين على الدول اتخاذها في دبي - المدينة البراقة التي تتمتع بتقنيات عالية في بلد تغمره عائدات النفط - فيما إذا كانت ستوافق لأول مرة على "التخلص تدريجيا" من الاستهلاك العالمي للوقود الأحفوري واستبداله بمصادر أخرى مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها.
 
ومما يؤكد هذا الخلاف أن وكالة الطاقة الدولية وهي هيئة مراقبة الطاقة في الغرب أصدرت تقريرا قبل المؤتمر تحدد فيه موقفها. ووصفت الوكالة فكرة التقاط الكربون على نطاق واسع بأنها "وهم"، وقالت إن صناعة الوقود الأحفوري يجب أن تختار بين تعميق أزمة المناخ أو التحول إلى الطاقة النظيفة.
 
وأثار هذا التقرير رد فعل غاضبا من منظمة أوبك التي اتهمت وكالة الطاقة الدولية بتشويه صورة منتجي النفط.
 
وقالت أوبك في بيان "هذا يمثل إطارا ضيقا للغاية للتحديات التي نواجهها وربما يقلل سريعا من قضايا مثل أمن الطاقة والحصول عليها والقدرة على تحمل تكاليفها".
 
وانبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري هي أكبر سبب لحدوث تغير المناخ.
 
الأنظار على رجل النفط
وستتجه كل الأنظار نحو رئيس مؤتمر المناخ المقبل سلطان الجابر الذي أثار عمله كرئيس تنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) تساؤلات من نشطاء معنيين بالمناخ وبعض أعضاء الكونغرس الأميركي ومشرعين من الاتحاد الأوروبي عن إمكانية أن يكون وسيطا محايدا لإبرام اتفاق مناخي.
 
ونفى الجابر تقريرا نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي" ومركز معني بالمناخ يفيد بأنه يعتزم مناقشة صفقات غاز محتملة وغيرها من الصفقات التجارية مع أكثر من 12 حكومة قبل القمة.
 
وقال الجابر في مؤتمر صحافي اليوم الأربعاء "هذه ادعاءات كاذبة وغير صحيحة وغير دقيقة. وهي محاولة لتقويض عمل رئاسة كوب28".
 
وذكر أن الخفض التدريجي لإنتاج الوقود الأحفوري أمر "حتمي"، لكنه أشار أيضا إلى ضرورة مشاركة صناعة النفط في المناقشات حول مكافحة تغير المناخ. وقدم نفسه على أنه الشخص المثالي لأن يكون وسيطا.
 
ولم تُطمئن هذه التصريحات النشطاء المعنيين بالمناخ.
 
وقال آني داسجوبتا رئيس معهد الموارد العالمية وهو منظمة غير حكومية تعمل في مجال المناخ "نعيش في عالم ينتج وقودا أحفوريا أكثر من أي وقت مضى".
 
وتابع "ما يجب أن نبحث عنه هو الالتزام بخفض إنتاج الوقود الأحفوري فعليا".
 
وأضاف الجابر أنه يحشد الدعم من الشركات لتعهدات مؤتمر كوب28 الهادفة إلى خفض الانبعاثات الناتجة عن عمليات النفط والغاز.
 
وسيكون لتجمع هذا العام الذي سجل لحضوره 70 ألف شخص طابع المعرض التجاري أكثر من مؤتمرات المناخ السابقة إذ يتوقع المنظمون حضورا قياسيا يبلغ 70 ألفا، بما في ذلك أكبر مشاركة من الشركات في أي قمة مناخ تعقدها الأمم المتحدة حتى الآن.
 
ومن المقرر حضور شخصيات بارزة مثل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وملك بريطانيا تشارلز وإن كان سيغيب الرئيس الأميركي جو بايدن.
 
إجراء التقييم
تتمثل المهمة الكبرى التي يتعين على البلدان المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) في تقييم مدى ابتعادها عن المسار الصحيح للوفاء بوعودها بالحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية.
 
ولا بد من أن تسفر هذه العملية المعروفة باسم "التقييم العالمي" عن خطة رفيعة المستوى تبْلغ البلدان بما يتعين عليها فعله لتحقيق هذا الهدف. بعد ذلك سيكون الأمر متروكا للحكومات لتحويل هذه الخطة العالمية إلى سياسات وأهداف وطنية ثم تقديمها إلى الأمم المتحدة في عام 2025.
 
وخلال الفترة التي سبقت المؤتمر، حشد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والإمارات الدعم لاتفاق يهدف إلى زيادة الطاقة المتجددة العالمية القائمة ثلاث مرات بحلول عام 2030. وقال مسؤولون لرويترز إن أكثر من 100 دولة أيدت هذا الاتفاق، لكن دولا من بينها الصين والهند لم توافق عليه تماما بعد.
 
ويأمل المسؤولون الأميركيون وآخرون أن يؤدي اتفاق المناخ الأخير بين الولايات المتحدة والصين إلى إضفاء طابع إيجابي للمحادثات. وفي تلك الصفقة، اتفقت أكبر دولتين مصدرتين لانبعاثات الغازات في العالم على تعزيز الطاقة المتجددة و"تسريع عملية استبدال توليد الفحم والنفط والغاز".
 
تمويل المناخ
وتتمثل مهمة رئيسية أخرى للمؤتمر في إطلاق أول صندوق عالمي للأضرار الناجمة عن التغير المناخي، وهو مخصص لمساعدة البلدان التي عانت بالفعل من أضرار لا يمكن تداركها من تأثيرات تغير المناخ مثل الجفاف والفيضانات وارتفاع منسوب مياه البحر.
 
وتوصل ممثلون من البلدان المتقدمة والنامية إلى اتفاق مبدئي بشأن إنشائه. وستقوم جميع الدول بمراجعة هذا الاتفاق وقد يبدي البعض اعتراضات. وهذا الاتفاق لن يكون نهائيا حتى توافق عليه الدول المشاركة في مؤتمر كوب28.
 
وقال جاياني جابرييليان المفاوض الأرميني في مسألة الصندوق لرويترز إن من المهم الموافقة على اتفاقية صندوق "الخسائر والأضرار" الآن قبل انتخابات ستجرى العام المقبل في دول مثل الولايات المتحدة وربما تكسر الإجماع السياسي.
 
وهناك اختبار آخر يتمثل فيما إذا كانت الدول الغنية ستعلن عن تمويل للصندوق خلال المؤتمر بما يصل إلى مئات الملايين من الدولارات. وقال الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالفعل إنهما سيساهمان ويضغطان على دول مثل الصين والإمارات كي تحذو حذوهما.
 
وقال نجيب أحمد المستشار في وزارة المناخ الصومالية "من منطلق التجربة السابقة، لسوء الحظ، معظم الاتفاقيات العالمية ومعظم التعهدات المتعلقة بالمناخ في العالم لم تكتمل".
 
وأضاف "لكن مرة أخرى، لا يمكننا أن نفقد الأمل".