ما الذي سيحدث لليفربول بعد رحيل كلوب؟

وقف المراسل الشاب لقناة غرناطة التلفزيونية، توني ويلسون، عند ناصية شارع لايم وطريق لندن، وقال لمشجعي ليفربول غير المصدقين، إن المدير الفني المحبوب ذا الشخصية الجذابة بيل شانكلي سيرحل، وهو الأمر الذي تسبب في تحطيم قلوب جماهير النادي العاشقة للمدير الفني الأسكوتلندي. ولكي تعرف ما حدث مع شانكلي في عام 1974، يتعين علينا أن ننظر إلى ما حدث مع الألماني يورغن كلوب في 2024. ربما أصبحت الأخبار تُنقل بشكل مختلف تماماً بعد مرور نصف قرن من الزمان، لكن الشعور العميق بالصدمة والإحباط نتيجة انتهاء هذه الحقبة المميزة لليفربول هو الشعور نفسه الذي انتاب الجمهور عندما تم الإعلان عن رحيل شانكلي.

لقد انتشرت اللقطات القديمة الشهيرة لـ«السيد مانشستر» الذي يسعى للحصول على رد فعل على رحيل شانكلي، على جميع وسائل التواصل الاجتماعي في غضون دقائق قليلة من إعلان ليفربول عن الأخبار الصادمة التي تفيد بأن فترة ولاية كلوب، التي استمرت 9 سنوات، ستنتهي بنهاية هذا الموسم.

لقد تم الإعلان عن الأمرين - رحيل دالغليش وكلوب - في يوم جمعة، لكن أوجه التشابه بين قراري كلوب وشانكلي أعمق بكثير من مجرد التواريخ أو الشعور بالصدمة عند سماع خبر رحيلهما. لقد أشار الرجلان إلى أن سبب الرحيل عن النادي والمدينة التي عشقاها هو الشعور بالإرهاق وبأن طاقتهما قد نفدت نتيجة العمل المتواصل لسنوات: المدير الفني الأسكوتلندي بعد 15 عاماً من تحويل ليفربول من فريق يلعب في دوري الدرجة الثانية إلى القوة التي نعرفها اليوم، والمدير الفني الألماني بعد 9 سنوات من إعادة النادي الذي ضل طريقه إلى قمة كرة القدم الإنجليزية والأوروبية والعالمية. في الحقيقة، تبدو السنوات التسع التي قضاها كلوب على رأس القيادة الفنية لليفربول كأنها حقبة أبدية، نظراً لمتطلبات اللعبة الحديثة.

لقد ترك شانكلي الفريق وهو في مركز قوة، وهو ما ينطبق أيضاً على كلوب. كان ليفربول قد فاز للتو بكأس الاتحاد الإنجليزي عندما أعلن شانكلي عن رحيله. ولا يزال بإمكان كلوب خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من ولايته إضافة 4 ألقاب إلى سجل البطولات التي حصل عليها مع ليفربول، والتي تشمل دوري أبطال أوروبا، والدوري الإنجليزي الممتاز (بعد فترة غياب دامت 30 عاماً)، وكأس الاتحاد الإنجليزي، وكأس العالم للأندية، وكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، وكأس السوبر الأوروبي. لقد نجح المدير الفني الألماني في الدفع بعدد من المواهب الشابة الرائعة، ومساعدة اللاعبين الكبار في التألق، كما نجح في إعادة بناء خط الوسط من الصفر بسرعة كبيرة. وكانت «إعادة ليفربول إلى المسار الصحيح»، على حد تعبير كلوب، ليصبح التهديد الأكبر لهيمنة مانشستر سيتي على الساحة الكروية، هي الهدف الأساسي للمدير الفني الألماني البالغ من العمر 56 عاماً قبل تأكيده على أن هذا هو الوقت المناسب للرحيل.

ومع ذلك، هناك فارق جوهري بين المديرين الفنيين اللذين أحدثا ثورة كروية كبرى في ليفربول، وهو الفارق الذي يجعل المخاوف التي تشعر بها جماهير ليفربول بشأن ما سيحدث بعد رحيل كلوب مشروعة تماماً.

كان هناك خليفة طبيعي لشانكلي في عام 1974 وهو بوب بيزلي. ربما كان بيزلي متردداً للغاية في تولي المسؤولية، لكن الأجواء الرائعة والإيجابية للغاية داخل غرفة خلع الملابس ساعدته في تولي الأمور بسلاسة ورفع النادي إلى مستويات أعلى. استمرت خطة الخلافة وواصل النادي حصد الألقاب حتى رحيل دالغليش في عام 1991. لكن بعد رحيل كلوب سيدخل النادي مرحلة مجهولة خلال الصيف المقبل، وهو الأمر الذي يذكرنا تماماً بتداعيات مثل هذا الفراغ الإداري على أندية مثل مانشستر يونايتد وآرسنال، حيث سيترك المدير الفني الأسطوري فراغاً هائلاً بغض النظر عن اللاعبين الموهوبين الموجودين في الفريق والذين سيكونون متاحين تحت قيادة المدير الفني القادم.

لن يرحل كلوب وحده عن ليفربول في نهاية الموسم، بل سيرحل طاقمه التدريبي بالكامل، بما في ذلك مساعد المدير الفني بيبين ليندرز، الذي كان يتم وصفه في بعض الأوساط بأنه بديل محتمل لكلوب، وفيتور ماتوس، الذي لعب - بصفته مدرب تطوير النخبة - دوراً أساسياً في تصعيد كثير من خريجي أكاديمية الناشئين إلى الفريق الأول. وعلاوة على ذلك، سيبلغ محمد صلاح عامه الـ32 في يونيو (حزيران) المقبل، وعلى الرغم من أنه لا يزال مؤثراً للغاية ويحرز كثيراً من الأهداف الحاسمة، فمن المرجح أن تعمل الأندية السعودية خلال فترة الانتقالات الصيفية المقبلة على معرفة ما إذا كان يشعر بعدم الاستقرار بسبب رحيل كلوب، أم لا. وسيبلغ المدافع الهولندي العملاق فيرجيل فان دايك، الذي كان ركيزة أساسية في النجاحات التي حققها كلوب، 33 عاماً في يوليو (تموز). صحيح أن قائد ليفربول عاد إلى مستواه القوي هذا الموسم، لكن يجب البحث عن بديل له في المستقبل القريب.

إن علاقة كلوب بلاعبيه وثيقة وقوية للغاية، كما الحال مع الجمهور والمسؤولين في النادي. لقد وصف كلوب ذات مرة علاقته بلاعبيه قائلاً: «إنني صديقهم، لكنني لست أفضل صديق لهم». لقد نجح المدير الفني الألماني من خلال تدريب هؤلاء اللاعبين والتواصل معهم بشكل رائع، في قيادتهم نحو تحقيق الإنجازات باستمرار في عصر يتشكل بشكل مزداد من قبل منافسين مملوكين لدول ثرية. لكن الآن، سيدخل ليفربول إلى المجهول بعد رحيل كلوب، وسيبحث عن بديل لا يضمن ما إذا كان سيحقق النجاحات نفسها أم لا.

وفي المقابلة التي أعلن فيها كلوب رحيله، كان يسعى لطمأنة جمهور ليفربول بشأن مستقبل الفريق، حيث قال: «العالم الخارجي يريد استغلال هذا القرار، ويريد إزعاجنا. نحن ليفربول، لقد مررنا بأشياء أصعب معاً، وقد مررتم بأشياء أكثر صعوبة قبل مجيئي. دعونا نستغل ذلك لنصبح أكثر قوة، فسيكون هذا شيئاً رائعاً حقاً. دعونا نستغل كل شيء من هذا الموسم ونحقق شيئاً آخر نبتسم له عندما ننظر إلى الوراء في المستقبل».

من الممكن أن ينهي كلوب ولايته مع ليفربول برفع درع الدوري الإنجليزي الممتاز على ملعب آنفيلد في 19 مايو (أيار) ضد وولفرهامبتون، أو كأس الدوري الأوروبي في دبلن بعد 3 أيام. فهل يمكن لمثل هذا النجاح أن يعيد إشعال الطاقة التي يزعم أنه فقدها، ويدفعه إلى تغيير قرار الرحيل؟ دعونا لا نستبعد ذلك!