مجلس حقوق الإنسان الاممي يطالب بالحقيقة.. العدالة لشهداء المرفأ ولو بعد حين؟!

في حفل زفاف وليم نون على ماريا فارس كانت الضحيتان جو وسحر حاضرتين في الكنيسة كما في نبضات قلب كل من العروسين وأهلهما.  إكليل المجد والكرامة لم ينسيهما  مسيرة البحث عن الحقيقة في جريمة تفجير المرفأ. وأمام الحضور الذي ضم عددا من أهالي ضحايا جريمة المرفأ تعهدا بالمثابرة وعدم الإستسلام إلى أن يأتي موعد  قطف ثمار العدالة ومحاسبة المسؤولين عن ثاني أكبر إنفجار غير نووي في العالم. وجددا مطالبتهما أمام مذبح الرب بالسعي للتسريع بصدور قرار تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية.

وقبل أن تنطفئ شموع المذبح جاء الجواب في الموقف الصادر عن مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك الذي أكد في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ ٥٤ لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أنّه "بعد ثلاث سنوات من انفجار بيروت، لم تكن هناك مساءلة، والوقت حان للنظر في إرسال بعثة دولية لتقصي الحقائق للنظر في انتهاكات حقوق الإنسان ذات الصلة بهذه المأساة".

اول سؤال يمكن أن يُطرح عند قراءة هذا الموقف، كيف سيترجم؟ وهل اقتربنا من الحقيقة؟ هل سينام أهالي الضحايا مع دمعة رجاء أم تبقى الحسرة على فلذات أكبادهم الذين تشلعت أجسادهم بفعل إجرام مسؤولين ما زالوا يسرحون ويمرحون في باحات المجلس النيابي ولا من يحاسب؟

أهمية هذا الموقف بحسب ما تؤكد مصادر عليمة لـ "المركزية" أنه يُتلى للمرة الأولى.فقبل اليوم أو أقله قبل سنة لم يكن موجودا مما يعني أن ثمة تطوراً ما وأن الأمور تتجه في مسار مختلف.

السلبية التي تتحدث عنها المصادر على رغم بروز هذا الضوء في نفق العدالة والمسار القضائي اللبناني تتمثل في تأخير صدور قرار بتشكيل لجنة تقصي حقائق. وتلفت إلى أن هذا التأخير يؤدي إلى اختفاء أدلة-هذا إذا كانت هناك ثمة أدلة بعد-!. لكن تبقى الأهمية في التقرير الذي ستضعه اللجنة نظراً إلى المصداقية وباعتبار أنه سيعتمد في القضايا المرفوعة أمام المحاكم الدولية ، مع الإشارة إلى أن السلطات المحلية غير ملزمة بالتعاون مع لجنة تقصي الحقائق.

بحسب منظمات حقوق الإنسان فإن التصويت على قرار تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية يجب أن تتولاه إحدى الدول الأعضاء في المجلس . وعلى رغم التوجه العام في تحريك مسار ملف جريمة المرفأ دولياً إلا أنه بطيء جدا بحسب المصادر، لا بل هناك جو عام بعدم الذهاب في هذا الإتجاه نظرا إلى الفيتو الذي تضعه إدارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وكون الملف اللبناني في يد فرنسا فالمسؤولية مناطة بها. وتضيف المصادر أن كل المؤشرات تدل على أن هناك استفادة من تأخير صدور القرار لا بل هناك ضغط كبير لتغيير القرار من قبل الرئيس الفرنسي نفسه.

نعود إلى النصف الملآن. القرار الدولي يرسم مساراً جديدا، لكن الأكيد أنه لم ينضج بعد وكل المؤشرات تؤكد أن ما يصدر عن مجلس حقوق الإنسان ليس إلا "لجبر الخواطر" بحسب تعبير المصادر التي تعقّب بالقول بأن هذا التأخير سينعكس سلبا على مستويي الصحة النفسية لدى أهالي الضحايا والحوكمة في ظل استمرار مزاولة المجرمين مهامهم في السلطة.

في ٧ تموز الماضي وقع 35 نائبا عريضة صاغها تكتل الجمهورية القوية تدعو مجلس حقوق الإنسان إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في جريمة مرفأ بيروت. وفي المؤتمر الصحافي الذي عقد في 28 من الشهر نفسه بحضور فاعاليات بيروتية ونواب وديبلوماسيين وممثلين عن منظمات إنسانية وحقوقية دولية، كان الأمل بأن يُثمر هذا العمل بعد الجهود التي يبذلها هؤلاء كلّهم في مواجهة محاولات التعطيل التي تمارسها بعض القوى السياسية في ملف التحقيقيات بشأن جريمة المرفأ.

الثمار أينعت اليوم موقفاً صدر عن مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان  لكن يبقى موعد القطاف، وهذا ما أثنى عليه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي "تمنى أن يتم وضع موقف مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك موضع التنفيذ الفعلي والسريع إظهارا للحقيقة وتحقيقا للعدالة والمحاسبة وقطعا للطريق على التسويف المتواصل".

حتى اللحظة العدالة غائبة، والمحاسبة سائبة، والمجرمون يسرحون ويمرحون ولم يتغير شيء. لكن كما أهالي الضحايا كذلك كل لبناني يرفض أن يتطاير أولاده أشلاء ذات لحظة كما في 4 آب 2021، لا عودة إلى الوراء..."بدنا نحاسب المجرمين حتى لو بقي من عمرنا ساعة" تختم المصادر.