مخاطر الطرق في بعلبك - الهرمل: سرقة أغطية الريغارات وتهديد للسلامة العامة

تعاني قرى وبلدات بعلبك - الهرمل، خاصة الطرق الرئيسية فيها، لا سيما أوتوستراد رياق - بعلبك الدولي، وصولاً إلى بلدة القاع الحدودية، مشكلة خطيرة جداً، تتعلّق بحال الطرق. فإلى جانب غياب الإنارة الليلية، تتمّ سرقة أغطية "الريغارات" وأغطية مصارف مياه الأمطار من الطرقات الدولية والرئيسية، منذ نحو خمس سنوات، على أيدي لصوص يبيعونها لمحلات تشتري كلّ أنواع المعادن المستعملة من دون السؤال عن مصدرها أو توثيق أسماء وأرقام هواتف وعناوين الباعة.

كالعادة، تتقاذف الجهات المعنية المسؤوليات، في حين تتخذ وزارة الأشغال والنقل العامة دور المتفرج، مع الإشارة إلى أن أغطية الريغارات ومصارف مياه الأمطار تؤدّي دوراً حاسماً في منع تجمّع الأوساخ، وتحول دون خطر السيول المتنقّلة مع هطول الأمطار، ناهيك بكونها تُشكّل حماية للبنى التحتية. كذلك، تبدو وزارة الطاقة والمياه مستقيلة من أبسط واجباتها، وتتعاطى مع المشكلة وكأن الأمر لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد، فيما البلديات حجّتها جاهزة، وقد تكون مبرّرة أحياناً بأنها لا تملك الإمكانيات المادية اللازمة. أمّا القوى الأمنية فلم تقم بدورها الطبيعيّ بالكشف عن السارقين والمرتكبين واعتقالهم وتحويلهم إلى الجهات القضائية المختصة، ولم تقم بمحاسبة تجّار الحديد والخرضوات الذين يقدمون على شراء "أغطية مصارف المياه" من اللصوص، علماً بأن عددهم قليل، ومتابعتهم ومراقبتهم سهلة.

ولا بدّ من الإشارة إلى أنه عند تساقط الأمطار تختفي معالم الحفر عن جوانب الطرقات، وتتحوّل إلى أفخاج للسيارات والمارّة، فيما تتحوّل في أيام الصحو إلى مكبّات للقمامة والأوساخ.

وبما أن عشرات الحوادث المميتة حصلت بسبب تلك الأقنية المفتوحة على جانبي أوتوستراد رياق-حمص الدولي، الذي تنتشر على ضفّتيه عشرات البلدات والقرى، فقد بات موسومًا بطريق الموت.

على سبيل المثال، بمسافة 20 كلم فقط من الطريق الدولية أي بين رياق وبعلبك، يوجد ما يزيد عن 500 ريغار لأقنية الصرف، معظمها من دون أغطية.

وقد استبشر أهالي بعلبك - الهرمل خيراً بتولّي وزير الأشغال الحالي علي حمية وزارة الأشغال، وهو ابن تلك المنطقة المحرومة، إلا أن المراجعات من قبل عدد من رؤساء البلديات واتحاد البلديات لم تكن مجدية، وكذا المراسلات بشأن أهمية إعادة الأغطية المسروقة وتلحيمها بشكل لا يمكِّن اللصوص من سرقتها، بتكلفة لا تتجاوز الـ50 ألف دولار، حسب الدراسات الموجودة لدى البلديات. لقد بقيت الحال على ما هي عليه من دون أي معالجة، ومن دون تنظيف أقنية الصرف من قبل الجهة المتعهّدة.

واقع الأوتوستراد مأساوي، تنعدم فيه معايير السّلامة العامة، والحواجز الوسطى، وتتوزع عليه مئات الفتحات عشوائيّاً، من دون دراسات فنية، ممّا يرفع من احتمالات حوادث السير، ناهيك بالقسم المعروف بـ"طريق الكيال"، الذي لا يتجاوز طوله بضعة كيلومترات، ما بين مفرق بلدة دورس ودوار "الجبلي" وصولاً إلى مفرق بلدة إيعات. فقد بلغت تكلفة تأهيله في العام 2010 ثلاثة ملايين دولار أميركي بتمويل من وزارة الأشغال، و150 مليون ليرة مساهمة من بلدية بعلبك، من دون أن تُستكمل الأعمال فيه حتى اليوم. ولا نتحدّث في المقام عن الغياب الكليّ للإنارة والإشارات المرورية وقنوات الصرف التي تعلو في بعض الأماكن عن مستوى الطريق إلى ما يقرب من 40 سنتيمتراً.

من جهته، يقول رئيس بلدية الأنصار، طعان عبيد: "الطريق الدولية بين رياق وبعلبك حالتها مزرية منذ زمن بعيد، خاصة مع تنامي السرقات التي تطال أسلاك الكهرباء والريغارات، حتى وصل الأمر إلى حاويات النفايات، وسط عجز البلديات عن تحمّل تكلفة الصيانة وغيرها، نظرًا إلى ما تواجهه من عجز ماليّ".

ويؤكّد أن "الموازنة السنوية للمجلس البلدي لبلدة الأنصار الواقعة على الطريق الدولية لا تتجاوز الـ119 مليون ليرة، ولا تستطيع كغيرها من البلديات الأخرى تأمين رواتب موظّفيها، أو إزالة النفايات...وهذا ما يجعلها عاجزة عن تأمين الخدمات الأساسية".

ويرى عبيد أن "الحالة السيئة للطريق الدولية ليست أسوأ من حال طرقات البلديات الداخلية. فالوزارة المسؤولة تواجه عجزاً مماثلاً، وصرختنا اليوم بوجه المسؤولين في هذه الدولة كصرخة في الوادي، ولا حياة لمن تنادي".