مرجعيات تتخوف من هجرة كبيرة للمسيحيين من لبنان!

تتخوف مرجعيات مسيحية من موجة هجرة كبيرة لأبناء الطائفة، وذلك مع إعادة فتح مطار بيروت مطلع الشهر المقبل، بعدما أقفل أبوابه ضمن إجراءات مكافحة تفشي فيروس «كورونا».
وكانت أعداد المسيحيين قد تضاءلت بشكل كبير في السنوات الماضية، ما يهدد - بحسب هذه المرجعيات - الوجود المسيحي في لبنان. ولا تقتصر الرغبة في الهجرة على المسيحيين وحدهم، إذ بعد تدهور الوضع في البلد على كل المستويات منذ 17 تشرين الأول الماضي، وبعد تردي الأوضاع المالية والاقتصادية بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى ارتفاع نسب الفقر والبطالة، بات قسم كبير من اللبنانيين يسعى للهجرة.
وفي دراسة أجرتها المؤسسة «الدولية للمعلومات» للأبحاث والإحصاءات، مطلع العام الحالي، توقعت أن يصل عدد اللبنانيين الذين غادروا البلاد من دون عودة في عام 2019 إلى 61924 مقارنة بـ41766 في العام السابق، أي بزيادة بنسبة 42 في المائة.
إلا أن ما يجعل مخاوف المرجعيات المسيحية هي الأكبر مقارنة ببقية الطوائف، هو انخفاض أعدادهم بشكل كبير منذ آخر إحصاء رسمي لعدد سكان لبنان. فبينما كان المسيحيون يشكلون في عام 1932 نسبة 58.7 في المائة من اللبنانيين، مقابل 40 في المائة من المسلمين، انقلب المشهد تماماً في عام 2018؛ حيث انخفضت نسبة المسيحيين إلى 30.6 في المائة، وارتفعت نسبة المسلمين إلى 69.4 في المائة، بحسب إحصاء لـ«الدولية للمعلومات».
ويقول رئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن، إن أعداداً كبيرة من اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً تستعد للهجرة نتيجة الظروف الصعبة التي باتوا يرزحون تحتها، لافتاً إلى أن ما قد يرفع أعداد المهاجرين، التسهيلات التي تقدمها بعض الدول الأجنبية التي لم تعد تضع شروطاً قاسية لمنح تأشيرات الإقامة الدائمة والدراسة.
ويشير الخازن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المؤسسات والمرجعيات المسيحية تحاول التصدي لهجرة المسيحيين وتقديم المساعدات. والرغبة ببقاء المسيحيين كبيرة؛ لكن القدرات محدودة. ويضيف: «المشكلة أن الراغبين في الهجرة لا يطلبون مساعدات آنية، سواء غذائية أو غيرها، إنما العيش في حالة استقرار دائم، وهو ما لا يبدو متاحاً، أقله في المدى المنظور».
ويشارك الأب طوني خضرا، رئيس مؤسسة «لابورا» التي تُعنى بتأمين فرص عمل للشباب المسيحيين، الخازن مخاوفه من هجرة كبيرة للبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً، ويقول إن هذا الموضوع يتم النقاش بشأنه مع المرجعيات الكنسية، وتظهر الإحصاءات أن ما يفوق الـ60 في المائة من الشباب المسيحي يرغب في الهجرة.
ويعتبر خضرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن ما قد يحد من الهجرة هو رزوح معظم دول العالم تحت أوضاع اقتصادية صعبة، وارتفاع نسب البطالة في صفوف مواطنيها، لذلك هي لن تستقدم مزيداً من العاطلين عن العمل إلى بلدانها.
ويوضح خضرا أنه «قبل 17 تشرين كانت نسبة البطالة بشكل عام 39 في المائة، وفي صفوف الشباب 50 في المائة، أما اليوم فهي بحدود 42 في المائة بشكل عام، وتبلغ 60 في المائة بين الشباب».
ويشدد على أن الإشكالية الأساسية، إن كانت على الصعيد الوطني أو المسيحي، هي غياب استراتيجية طويلة الأمد: «فنحن نتعامل مع الأزمات عند وقوعها، علماً بأنه كان يجب أن نحاول التصدي لها قبل نحو 50 عاماً».