مشاعات الدولة مستباحة جنوباً... بالتواطؤ والاحتيال والسرقة!

يشهد العديد من القرى في منطقة النبطية إستباحة لمشاعات الدولة، حيث يتمّ وضع اليد على الأراضي «على عينك يا دولة»، فسرقة المشاعات تتزايد هذه الأيام، إستغلالاً للأزمة الحالية التي تشكّل فرصة ذهبية لوضع اليد عليها حيث يتمّ الاستيلاء عبر شراء قطعة أرض محاذية للمشاعات، فيتمّ الترخيص للاولى والبناء على المشاعات، كنوع من التذاكي. هذا عدا عن قيام بعض المتعهّدين ببيع أراض مشاع للناس على أساس أنّها عقارات خاصة، وهذا ما حصل مع يوسف الذي اكتشف بعد أربع سنوات من بناء منزله في احدى قرى النبطية أنه مشيّد على أرض مشاع اشتراها من أحد التجار، الذي برر الأمر بغلطة «مسّاح» واكتشف الخطأ عن طريق مسّاح آخر كان يجري مسحاً لعقار محاذٍ. هذا الفلتان في المشاعات من يضبطه؟ ومن يغطيه؟ وما دور القوى السياسية في الأمر لا سيّما وأنّ كل المعطيات تؤكّد أن التعدّيات تتم بمعظمها بغطاء سياسي فاضح؟

عادت أزمة التعدّي على المشاعات إلى الواجهة مجدّداً عبر سرقتها بشكل رسمي. وفق المعلومات، فإنّ عملية السرقة تتمّ عبر شراء أحد المواطنين قطعة أرض لا تتجاوز الـ٥٠٠ متر بمحاذاة أراض مشاع، و»يرشي» لجنة المسح، فتُضمّ العقارات إلى عقاره ليصبح ١٠ و١٥ دونماً بشطبة قلم، وبغطاء سياسي وإداري، فعلى قاعدة «إدفع بتمرق معاملتك ويغضّ الطرف على التعدّي على المشاعات» تسير القضية، فالقوى المعنية تغضّ النظر عما يحصل في المشاعات.

قضية المشاعات معقّدة نوعاً ما، فهي أحدثت ضجّة خلال السنوات الماضية مع فضيحة سرقة المشاعات في القرى بتواطؤ من المخاتير ولجنة المسح الفاحصة، أحد هؤلاء المخاتير ما زال قابعاً في السجن حتى اليوم، هذه الفضيحة لم تكفّ يد سارقي المشاعات، على العكس، فهي تنشط وبشكل كبير في حوالى 13 بلدة وقرية في قرى الشريط الحدودي ومن بينها بنت جبيل، بيت ياحون، شبعا، ميمس، عيناثا وغيرها، وهي قرى ما زالت قيد المسح الإجباري. ويقول خبير مسح عقاري لـ»نداء الوطن» إنّ «عملية سرقة المشاعات تتمّ عبر تواطؤ لجنة المسح المكلفة من الدولة والمؤلّفة من 6 أعضاء بينهم مختار وعضو اختياري ومتعهّد وبعض المواطنين»، أمّا عن عملية السرقة فيوضح الخبير أنّها «تتمّ عبر شراء أحد المواطنين قطعة ارض محاذية للمشاعات، ويقوم «برشوة» اللجنة ليتمّ «نفخ» عقاره وضمّ مشاعات إليه التي تتجاوز أحياناً الـ10 و15 دونماً، تأخذ اللجنة منها دونماً او اثنين، وهو أمر خطير، فالسرقة تتمّ بشكل كبير في القرى الـ13 وهناك سباق عليها».

الصراع على مشاعات الدولة بدأ يرتفع، وفق المعلومات فإنّ مواطناً اشترى نصف دونم أرض وسرق 10 دونمات من المشاع بتواطؤ لجنة المسح، ولا يخفي خبير المسح تورّط مخاتير في هذه القضية، لافتاً الى «أنّ عدداً منهم بات من أصحاب الملايين». تشير المعلومات الى أنّ سرقة المشاعات تتمّ في وضح النهار، لكن القضاء لا يتحرّك الا في حال وجود شكوى من أحد المتضررين، وبحسب الخبير، فإنّ الضرر لا يحصل إلا في حال وقع خلاف على تقاسم العقارات، ومجرى الدعوى يستغرق عاماً وأحياناً عامين وثلاثة.

يبدو أنّ الكل يريد الاستفادة من تحلّل الدولة، ويسعى النافذون للاستيلاء على المشاعات بغطاء سياسي وإداري، فالقوى الامنية تغضّ الطرف عن البناء الجديد داخل المشاعات طالما صاحب المبنى يدفع لها بكرم فتمرّر المخالفة «ويا دار ما دخلك شرّ».

في منطقة النبطية يوجد حيّ المشاع وهو حيّ بنيت كلّ منازله بشكل مخالف للقانون، ويبدو أنّ هذا الحي يستنسخ في العديد من القرى، مع فارق بسيط، أنّ السرقة والتعدّي محصوران بالاثرياء، اما الفقير الذي يرغب في بناء خيمة فتداهمه القوى الامنية على الفور، «لأنّو ما معو يدفع».