مشروع لإنهاء ملف "مكتومي القيد" ومنحهم الجنسية اللبنانية

ليس أقسى على من يحملون جواز إقامة قيد الدرس أو "مكتومي القيد"، من أن يفكر الواحد منهم بأنه قد يقضي عمره كله ثم يموت ولا يستطيع أن يحصل على بطاقة تعريف تشير إلى كونه مواطناً لبنانياً يحمل الهوية والجنسية بكل جدارة واستحقاق.

في وادي خالد

أشخاصٌ كثر تجاوزوا الخمسين والستين وأكثر من العمر، وما زالوا في تصنيف الدولة اللبنانية من مكتومي القيد، أي ممن لا يملكون ما يثبت جنسيتهم اللبنانية. وبالتالي، لا يتمتع هؤلاء بالحقوق التي يتمتع بها أي مواطن. سيدرا عامر فياض من قرية البقيعة في وادي خالد العكارية، طفلة تعيش القلق على مصيرها ومستقبلها. أصبحت الآن في الصف السابع الأساسي، وتسمع من أهلها باستمرار بأنها عندما تكبر لن تكون كغيرها من اللبنانيين واللبنانيات، فهي لن تتمكن من الحصول على وظيفة لأنها لا تملك هوية لبنانية. سيدرا ترغب في المستقبل أن تصبح صيدلانية، وتعاني منذ طفولتها من مشكلة الجنسية التي تجعلها في خوف دائم على مستقبلها. فحسب مخاتير وادي خالد، فإن وجود ما يقارب 50 عائلة من مكتومي القيد. ولو افترضنا أن العائلة تتألف من 5 أشخاص، فإن في وادي خالد ما يقارب 250 شخصاً من مكتومي القيد، لم يشملهم القانون 5247/94. وهذا العدد مرشحٌ للزيادة بفعل الولادة. وهؤلاء يسيّرون أمورهم بحدها الأدنى، من خلال الحصول على ورقة من مختار المحلة تخولهم المرور على الحواجز الأمنية ليس أكثر، طالما أنهم ما زالوا عند الدولة بحكم "قيد الدرس".

وكما في وادي خالد في عكار، هناك مناطق أخرى يوجد فيها مكتومي قيد كمناطق السهل في "تل اندي" مثلاً، وفي مناطق من القيطع. والجدير بالذكر أن هؤلاء قد نال آباؤهم وأمهاتهم الجنسية قبل أعوام. ولأسباب إدارية، بقوا هم في خانة من "سقط سهواً". عامر فياض من البقيعة يقول لـ"المدن": "أنا لبناني من أب وأم لبنانيين، ومع ذلك أعامل كالأجانب. وعندما أسافر إلى بلد لا يفرض فيزا على اللبنانيين أحتاج إلى فيزا. هذا الأمر يزعجني كثيراً، وأشعر بأنني لست كباقي المواطنين في بلدي. فأنا أدفع الضرائب وأقوم بما عليّ من واجبات تجاه الدولة. لكن بالمقابل لا أحصل على حقوقي كأي مواطن من دولته".

مشروع قانون في الداخلية!

حسب معلومات "المدن"، فإن في أروقة وزارة الداخلية مشروع قانون يهدف إلى تسجيل مكتومي القيد خلال مدة لا تتعدى السنة من تاريخ صدوره. وهو يطلب أن يؤمّن طالبو التسجيل كلبنانيين ثبوتيات، كوثيقة زواج خاصة بالوالدين، ووثيقة ولادة لطالب القيد، وشهادة تعريف من مختار البلدة أو المحلة، وفحص الحمض النووي DNA.

أرقام وزارة الداخلية تشير إلى وجود أكثر 40 ألف مكتوم قيد في لبنان. بعض المطلعين على ملف هؤلاء، يرى بأن هذه الأرقام مبالغ فيها. فوادي خالد التي تحدثت تقارير إعلامية سابقة عن وجود ما يقارب 4000 مكتوم قيد فيها، يتبين أن هذا العدد غير دقيق. ففي كل عكار لا يصل عدد هؤلاء إلى الألف. ولذلك، يتخوف البعض من أن يكون الهدف تكبير الأرقام لكي يشمل القانون سوريين أو ما شابه. وهو ما ترد عليه المصادر في وزارة الداخلية بالقول: "هذا المشروع هو معد حصراً للأشخاص من أصول لبنانية، وعليهم أن يثبتوا ذلك قبل أن يحصلوا على التسجيل المطلوب. وأرقام الوزارة في هذا الصدد خاضعة للمكننة ولا مبالغات أو زيادات".

لدى الأمن العام اللبناني داتا كاملة بالأشخاص مكتومي القيد في لبنان، والعائلات معروفة بالأسماء والأماكن. وإذا كان هناك من تغيرات، فإنه من السهل جداً إحصاء ذلك بأسرع وقت.

فهل سيتحقق حلم مكتومي القيد بالحصول على التسجيل كلبنانيين مكتملي صفة المواطنة؟ أم ستبقى أمورهم معلّقة على حبال التوازن الطائفي والتجاذبات السياسية؟