المصدر: الانباء الكويتية
الكاتب: داود رمال
الثلاثاء 4 تشرين الثاني 2025 23:37:19
قال مصدر سياسي لـ «الأنباء»: «تنطلق مقاربة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون لمسألة التفاوض لإيجاد حل للصراع اللبناني ـ الإسرائيلي، من قراءة وطنية شاملة تتجاوز الحسابات الضيقة، وتستند إلى منطق الدولة التي تبحث عن استقرارها من دون أن تمس بثوابتها. ولا ينظر إلى التفاوض كخيار فردي أو مغامرة سياسية، بل كمسار وطني يستند إلى إجماع لبناني، هدفه تثبيت الحقوق لا المقايضة عليها، وحماية السيادة لا المساومة عليها».
وأضاف المصدر «يميز عون بوضوح بين القبول بالتفاوض كأداة سياسية مشروعة، وبين الرضوخ لإملاءات الخارج. فالتفاوض لا يعني التنازل، بل هو شكل من أشكال الدفاع عن المصلحة الوطنية عبر الوسائل السلمية، بعدما أثبتت الحروب والمواجهات المتكررة أنها لم تنتج إلا خسائر. وخيار الحوار يكتسب قيمته من قدرة الدولة على فرض معادلات تحفظ كرامتها وتضمن أمنها. ومن هذا المنطلق، فإن التفاوض لا يتم إلا انطلاقا من وحدة الموقف الداخلي التي تشكل الدرع الواقية لأي مسار سياسي دقيق من هذا النوع».
وبحسب المصدر «ينطلق عون من تجربة لبنان التاريخية التي برهنت أن الانقسام الداخلي هو السلاح الأخطر بيد الأعداء، فيما الإجماع الوطني هو شرط الصمود والسيادة. لذا، فإن أي انخراط في مسار تفاوضي يجب أن يكون بقرار لبناني حر، لا بضغط دولي أو مساومة إقليمية. والدولة اللبنانية وحدها مخولة اتخاذ هذا القرار باسم جميع اللبنانيين. والدولة القوية بجيشها ومؤسساتها واقتصادها وقضائها المستقل، هي وحدها القادرة على حماية موقعها التفاوضي، وعلى فرض شروطها لا قبول شروط الآخرين».
ويشرح المصدر أن عون «ينظر إلى السياسة من منظور المسؤولية الوطنية لا من باب التكتيك أو الكسب السياسي. والفارق بين رجل الدولة والسياسي، هو أن الأول يتحرك وفق مبدأ المصلحة العام. بينما يراهن الثاني على اللحظة والمصلحة الشخصية. لذا يرفض استخدام ملف التفاوض في الصراعات الداخلية أو جعله ورقة للمزايدات، وأن أي خطوة من هذا النوع يجب أن تخدم مشروع الدولة لا مشروع الفئة».
وأضاف المصدر «يربط رئيس الجمهورية بين الإصلاح الداخلي والقدرة على خوض مفاوضات تحفظ السيادة. فإصلاح القضاء والإدارة وإعادة الثقة بالاقتصاد ليست أهدافا معزولة، بل أدوات لبناء دولة قادرة على الدفاع عن حقوقها في أي محفل دولي. ومن هنا حرصه على التأكيد أن لبنان يسير في مسار إصلاحي يهيئ أرضية صلبة لقرارات سيادية نابعة من الداخل. فالقوة السياسية لا تستمد من التحالفات الخارجية بل من صلابة الجبهة الداخلية ووحدة الموقف الوطني».
أما على الصعيد الإقليمي، فيشير المصدر إلى أن عون «يتعامل مع الملفات المتشابكة، خصوصا العلاقة مع سورية، من موقع الدفاع عن المصلحة اللبنانية العليا. فهو يسعى إلى تنظيم العلاقات والحدود بما يخدم الاستقرار الداخلي ويخفف أعباء النزوح، من دون أن يدخل لبنان في محاور متنازعة. وأي مفاوضات مع إسرائيل يجب أن تأتي في سياق سياسة لبنانية شاملة تحافظ على التوازن بين الانفتاح على العالم والتمسك بالثوابت الوطنية والعربية».
ويختم المصدر بالتأكيد أن «رؤية عون للتفاوض تنبع من إيمانه بأن لبنان لا يمكن أن يعيش معزولا أو محاصرا داخل جدران الخوف، لكنه في الوقت عينه لا يقبل أن يدار بالوكالة أو أن يسلب قراره الحر. فالتفاوض هو فعل سيادة لا خضوع، وهو خيار دولة تعرف ماذا تريد وكيف تحمي ما تريده. لذا فإن القبول بالتفاوض، هو تعبير عن نضج وطني ومسؤولية تاريخية، لا عن ضعف أو تراجع، لأن لبنان الذي يحاور من موقع الإجماع والقوة يبقى قادرا على فرض حضوره وحماية حدوده ومستقبله».