معارضو المماطلة يعوّلون على المادة 38

حتى انتهاء الدوام الرسمي الثلثاء، لم يكن مشروع القانون المعجّل الذي أقرّته الحكومة في شأن تعديلات قانون الانتخاب لناحية اقتراع المغتربين قد وصل إلى الأمانة العامة لمجلس النواب. ومن المنتظر وصوله في الساعات المقبلة، ليحدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري كيفية تعامله معه، إن لناحية إدراجه على جدول أعمال الهيئة العامة، أم إحالته إلى اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة برئاسة الياس بو صعب لمناقشته من ضمن سلّة القوانين الانتخابية الأخرى.

حتى اللحظة، لا يبدو برّي في وارد سلوك طريق الهيئة العامة. إذ تشير معلومات "نداء الوطن" إلى أنه لا يزال على موقفه القائل "إن مسألة قانون الانتخاب تعالج بالسياسة والتوافق، قبل القوانين والتصويت"، وطالما أن التوافق لم ينضج بعد، فنقاشات اللجان المشتركة هي التي من المفترض أن تمهّد الوضع لأرضية مشتركة، يمكن الانطلاق منها لاتفاق سياسي يتوّج بالتصويت في هذا الاتجاه أو ذاك في جلسة تشريعية.

في المقابل، يرفض معارضو بري هذا المنطق، مصرّين على ضرورة طرح الموضوع في الهيئة العامة، منعًا للمماطلة، وحرصًا على الاستحقاق الانتخابي في مواعيده، معتبرين أن " بري سيحاول الإبطاء بالموضوع وتعقيده وصولًا للتسوية في اللحظة الأخيرة".

ويعتبر هؤلاء أن الإحالة إلى اللجان مخالفة، وتخفي نيّة بمشكل إضافي في اللجنة الفرعية في حال إحالته إليها. علمًا أن النواب المقاطعين للجنة لن يبدّلوا موقفهم، طالما أنهم على رأيهم من ضرورة بت وجهات النظر المختلفة في الهيئة العامة.

هنا أيضًا يتحدّث مؤيّدو توجّه بري على أن طرح مسألة قانون الانتخاب في الهيئة العامة لا يقتصر على تعديل اقتراع المغتربين، بل يتعلّق أيضًا بالصوتين التفضيليين، وخفض سن الاقتراع إلى 18 عامًا ومسائل أخرى لا يمكن البت بها إلّا بالتوافق.

كباش الدستور والنظام

وإذا كانت المواقف السياسية متباعدة، فتأويل الدستور والنظام الداخلي وتفسيرهما يزيدان الأمور تعقيدًا بدورهما. وبينما عوّل بعضهم على ما يمكن أن يقوم به رئيس الجمهورية على هذا الصعيد، ملوّحين بقدرته على إصدار المشروع بمرسوم، بعد 40 يومًا، يستند مؤيّدو وجهة نظر بري إلى المادة 58 من الدستور بقولهم إن هذه الخطوة غير ممكنة، مطالبين بالعودة إلى حرفية المادة التي تقول "إن كل مشروع قانون تقرر الحكومة كونه مستعجلًا بموافقة مجلس الوزراء، مشيرة لذلك في مرسوم الإحالة، يمكن لرئيس الجمهورية بعد مضيّ أربعين يومًا من طرحه في المجلس، وبعد إدراجه على جدول أعمال جلسة عامة، وتلاوته فيها، ومضيّ المهلة من دون أن يبت به، أن يصدر مرسومًا قاضيًا بتنفيذه بعد موافقة مجلس الوزراء".

وبالتالي، ما لم يطرح الموضوع في الهيئة العامة، لا تسري مهلة الأربعين يومًا، ولا يمكن لرئيس الجمهورية إصداره بمرسوم، وهو ما تؤكّده، بحسب رأيهم، المادة 105 من النظام الداخلي لمجلس النواب والتي تنص على أنه "عندما تمارس الحكومة حقها المنصوص عليه في المادة 58 من الدستور، لا تبدأ مدة الأربعين يومًا إلّا من تاريخ طرح المشروع على المجلس بعد إدراجه في جدول أعمال جلسة عامة وتلاوته فيها ومضيّ هذه المهلة من دون البت فيه".

لكن المعترضين على "تنييم المشروع"، يستندون بدورهم إلى المادة 38 من النظام الداخلي، مستبقين إمكان إحالته من قبل بري على فرعية قانون الانتخاب. إذ تنص المادة على أنه "على اللجان أن تنهي دراستها وترفع تقريرها في المشاريع والاقتراحات وسائر المواضيع المحالة عليها في مهلة أقصاها شهر اعتبارًا من تاريخ ورودها.  أما المشاريع المستعجلة فيجب إنهاء درسها ورفع التقرير بشأنها خلال أسبوعين على الأكثر، وفي نهاية هذه المدة، يطرح رئيس المجلس المشروع على اللجان المشتركة أو على المجلس، سواء انتهت اللجنة من درسه أو لم تنته".

وبالتالي، يعتبر معارضو بري، أن "الوقت غير مفتوح إلى ما لا نهاية في لعبة كسب الوقت والتأخير. فحتى وإن كان مصير المشروع اللجان، فالبت يجب أن يكون خلال أسبوعين، وبعدها تعود الكرة إلى الهيئة العامة". وهم بذلك يرون أن ما حصل في مجلس الوزراء، شكّل قوة ضغط سياسية وقانونية للانتهاء من الدوران في حلقة مفرغة.

بناء على ما تقدّم، واستنادًا إلى ما كان يحصل سابقًا، تحتاج فكفكة العقد إلى وصفة سياسية، يسهل معها تفسير المواد الدستورية والقانونية. وبحسب المعنيين، لم تأت بعد ساعة التنازلات والتوافقات. وسنكون أمام جولة جديدة من التصعيد السياسي والكلامي والجدل البيزنطي... حتى ذلك الحين.