مغارة جعيتا تعود إلى واجهة السياحة اللبنانية بلوحاتها الممهورة بأنامل الطبيعة

تعدّ مغارة جعيتا واحدة من أهم الرموز السياحية في لبنان. فلطالما اندهش زوارها من أجانب وعرب بتكويناتها الصخرية التي رسمتها الطبيعة. وفي عام 2011 حاول لبنان إدراجها على لائحة العجائب السبع. وكانت الكهف الوحيد المرشّح لهذه المكانة العالمية. وصلت المغارة يومها التصفيات النهائية، ولكنها لم تتمكن من الوصول إلى القائمة النهائية. وفي عام 1961 كانت جعيتا قد تحوّلت إلى رمز وطني رسمي، عندما أصدرت السلطات اللبنانية طابعاً يضم الكهف السفلي للترويج للسياحة الوطنية. وظهرت مغارة جعيتا أيضاً على العملة الورقية القديمة للبنان في عام 1964.

إعادة فتح المغارة من جديد

بعد نحو 8 أشهر من الإقفال كانت مغارة جعيتا قد عادت وفتحت أبوابها من جديد أمام الزوار، وذلك بعد اتفاق بالتراضي حصل بين بلدية جعيتا ووزارة السياحة في لبنان.

ومنذ اللحظات الأولى لهذه العودة شهدت المغارة وفوداً سياحية عربية وأجنبية ومحلية لزيارتها.

وتتميّز المغارة بكتل صخرية متدلية من سقفها بأحجام مختلفة، تشكلت على مرّ العصور من الترسبات الكلسية، وفيها قاعات نحتتها المياه لتؤلّف مشهدية طبيعية تخرج عن المألوف. وتخترقها أضواء خافتة بين الشقوق وكأنها لوحة فنية تشكيلية.

وارتدت المغارة مع عودتها إلى الحياة حلّة حديثة، تمثّلت في إعادة تشغيل التلفريك، وصيانة الإنارة وتنظيف المسارات. ثم تطورت الأعمال نحو تحديث المرافق. فحملت شاشات عرض جديدة وتجهيزات تقنية متقدمة، وتطوير آليات التصوير بإشراف شركة متخصصة. كما خضع فريق العمل لدورات تدريبية، لا تتعلّق فقط بالجوانب التقنية، بل بكيفية التعامل مع الزوار، وفي كيفية تقديم تجربة سياحية شاملة، تحفظ للمغارة هيبتها وتمنح السائح لحظات لا تنسى.

موقع المغارة وموضعها

تقع مغارة جعيتا في وادي نهر الكلب التابع لقضاء كسروان. وهي على بعد نحو 20 كلم شمال بيروت. وتتكون من طبقتين: المغارة العليا والمغارة السفلى.

افتتحت المغارة العليا في كانون الثاني 1969، بعد أن تم اكتشافها عام 1958. وجرى تأهيلها للزيارة على يد المهندس والنحات اللبناني غسان كلينك، وذلك في احتفالية موسيقية أقيمت داخلها أعدّها خصيصاً لهذه المناسبة الموسيقار الفرنسي فرنسوا بايل. وشهدت المغارة العليا بعد فترة مهرجاناً موسيقياً مماثلاً في شهر تشرين الثاني من العام عينه، عُزفت فيه مقطوعات عالمية للموسيقار الألماني كارل هاينز شتوكهاوزن. وتتميز هذه الطبقة من المغارة بأنها تمنح زوارها متعة السير على الأقدام لمسافة، وذلك بعد أن يعبروا نفقاً يبلغ طوله نحو 120 متراً، ويطلّ على الأقبية شاهقة الارتفاع، والموزعة فيها الأغوار بالإضافة إلى الصواعد والهوابط والأعمدة الكلسية وما إليها من أشكال مُبهرة. وتعرف المغارة بحرارتها المنخفضة طيلة أيام السنة. ولذلك ينصح من يريد زيارتها بارتداء ما يقيه من البرد.

المغارة السفلى

يعود تاريخ اكتشاف الجزء السفلي من المغارة إلى ثلاثينات القرن الـ19 خلال رحلة قام بها الأميركي ويليام طومسون. وكان طومسون قد توغل فيها نحو 50 متراً. وبعد أن أطلق النار من بندقية الصيد التي كان يحملها وأدرك من خلال الصدى الذي أحدثه صوت إطلاق النار، بأن للمغارة امتداداً جوفياً على جانب كبير من الأهمية. وتجري زيارتها بواسطة قارب خشبي يقوده أحد السائقين المدربين على ذلك، فيقوم الزائر بجولة في أركان المغارة السفلى يتفرّج خلالها على أشكال المياه المجمّدة وتعرف بالفرنسية بـ«ستالاغميت وستالاكتيت».

نشاطات عديدة يمكن ممارستها خلال الزيارة

يشير رئيس بلدية جعيتا وليد بارود في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأن خدمات عدة يمكن للزائر أن يستفيد منها خلال زيارة المغارة. هناك المصعد الهوائي «تلفريك» الذي ينقل الزوار لدخول المغارة، أما الوسيلة الثانية للغاية نفسها فتتمثّل بقطار كهربائي يمكن للزائر أن يستقلّه عند المغادرة أو للوصول إلى المغارة.

ويتابع بارود: «هناك محطات خاصة داخل المغارة العليا لالتقاط الصور الفوتوغرافية، ويمكن أن ترسل لصاحبها بتقنية الديجيتال أو عن طريق الطبع. كما توجد شاشات كبيرة يمكن لصاحب الصورة أن يرى صورته معروضة عليها».

ويذكر بارود بأن هناك مساحة داخل المغارة العليا خاصة بالأولاد. وقد وضعت فيها أقفاص عصافير تجذبهم ليتصوروا معها. أما حرارة المياه في الصيف والشتاء فهي ثابتة، وتبلغ 18 درجة مئوية في المغارة العليا و16 درجة مئوية في السفلى. ويحيط بالمغارة عدد من المطاعم والمقاهي التي توفّر للزبائن أطباق طعام منوعة، وبينها اللبنانية وأخرى من المطبخ العالمي. كما توجد محلات تجارية لشراء هدايا تذكارية.