المصدر: النهار
الكاتب: ميشال حلاق
الأحد 21 أيلول 2025 11:09:44
مع حلول فصل الخريف، بدأت أسراب الطيور المهاجرة على نحو مبكر هذا العام، بالعبور فوق لبنان من الشمال في اتجاه الجنوب نحو مواطن الدفء، في موسم هجرات متتالية، الامر الذي رفع من مستوى التحدي للجهات الرسمية المعنية ولكل الأجهزة الأمنية المعنية ايضاً، لتأمين عبور آمن لهذه الطيور التي غالباً ما تتعرض لإطلاق نار من بنادق الصيد كما من بنادق حربية، الأمر الذي يتسبب دائماً بنفوق العديد منها في حرب إبادة حقيقية. فلبنان ممر أساسي للطيور المهاجرة ما بين أوروبا وإفريقيا ولا سيما منها اللقلاق والبجع والعقبان وغيرها، مما يمثل أحد أهم مسارات الطيور العالمية خلال هجرتها السنوية.
يذكر أن مجلس الوزراء وافق في 16 أيار 2018 على انضمام لبنان الى معاهدة المحافظة على الأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية .CMS
وتأتي أهمية الانضمام الى هذه المعاهدة الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، انطلاقاً من أنها المعاهدة الدولية الوحيدة التي تركّز على الحفاظ والاستخدام المستدام لأنواع الحيوانات المهاجرة البرية والمائية والطيور وعلى موائلها. وتوفّر هذه المعاهدة، التي وقعت في بون- المانيا عام 1979 ودخلت حيّز التنفيذ عام 1983، منبراً عالمياً للحفاظ على الحياة البرية وبيئاتها الطبيعية على النطاق الدولي.
ويُثبت لبنان من خلال انضمامه الى هذه المعاهدة التزامه الاستخدام المستدام للأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية والحفاظ عليها، وخصوصاً أنه يشكل معبراً مهماً للطيور المحلّقة، إذ تعبر أجواءه مرتين في السنة، ملايين الطيور خلال هجرتها من أوروبا وآسيا الى افريقيا في فصل الخريف، وخلال عودتها الى مناطق تكاثرها في فصل الربيع.
وترتبط هذه المعاهدة ارتباطاً وثيقاً باتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي التي انضم إليها لبنان بموجب القانون الرقم 360 الصادر عام 1994. واتفاقية رامسار بشأن الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية وخصوصاً بصفتها موائل للطيور المائية والتي صادق عليها لبنان عام 1999.
وكان لبنان قد صادق على اثنتين من الاتفاقيات المنبثقة عن معاهدة المحافظة على الأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية هما: اتفاقية الطيور المائية المهاجرة الأورو-آسيوية/الافريقية AEWA ) القانون الرقم 412 تاريخ 5/6/2002)، واتفاقية حفظ حوتيات البحر الاسود والبحر الابيض المتوسط والمنطقة الاطلسية المتاخمة) ACCOBAMS القانون الرقم 571 تاريخ 11/2/2004). كما وقّع لبنان عام 2014 على مذكرة تفاهم حول المحافظة على الانواع المهاجرة من الطيور الجارحة في افريقيا واوروبا وآسيا المندرجة من ضمن معاهدة .CMS
ويعلّق العالم أهمية على لبنان الذي هو عنق الزجاجة بالنسبة الى الطيور المهاجرة من أوروبا وغرب آسيا وأفريقيا وبالعكس، والذي هو على خط الهجرة الرئيسي.
والطيور المائية تتميز بطريق هجرة طويل وهذا يعني ازدياد تعرضها للخطر. كذلك فإنها تستعمل أثناء هجرتها محطات هي عبارة عن مناطق رطبة. وهذه المناطق الرطبة على خط الهجرة في منطقة الشرق الأوسط محصورة بالدردنيل في تركيا ومستنقع عميق في لبنان وبحيرة الحولة في فلسطين.
ويناشد الناشطون البيئيون وزارات البيئة والزراعة والداخلية والدفاع اتخاذ التدابير الرادعة ميدانياً للحد من الإعتداءات الجائرة السافرة والمتكررة، ومحاسبة المعتدين على الطيور اياً يكونوا.
كذلك يناشدون البلديات ممارسة دورها في مساعدة الأجهزة الأمنية على منع اطلاق النار على الطيور المهاجرة، حفاظاً على بيئة لبنان وصدقية التزامه المواثيق والمعاهدات الدولية وتقديمه مثالاً لأكثر البلدان أماناً من أجل تأمين عبور آمن لهذه الطيور .
وسجل في الأيام الأخيرة عبور أسراب عدة من طيور اللقلاق في فضاء محافظة عكار ساحلاً وجبلاً، جبهت بإطلاق النار بكثافة وبشكل هستيري من أسلحة مختلفة!
ويشار الى أن الناشطين البيئين سبق لهم ان سجلوا عدداً من الإعتداءات المماثلة التي تسببت بإصابة عدد من الطيور الجارحة كالنسور التي يعالج بعضها في مركز "الجمعية اللبنانية لمراقبة الطيور".
ومن أبرز الطيور المهاجرة التي تعبر في هذه الأيام اضافة الى طيور اللقلاق، البجع ابو جراب، الكرك الشائع، العقبان، النسور، الحوام، الرخمات، الخواضات والطيور المائية (النورس و المالك الحزين).
والمثير للإهتمام ان الصيد الجائر يتفاقم ويتحول الى تجارة وبخاصة صيد الشباك مع ارتفاع سعر خرطوش الصيد، إذ تعرض على الفايسبوك بوضوح عصافير وقعت ضحية الصيادين للبيع بشكل مخالف للقانون، علماً أن بعض المطاعم و"الكيوسكات" تساهم في تشجيع هذه الخروق الكبيرة... والخطيرة.
اضافة الى تهريب العصفور التيان (عصفور التين) عبر الحدود من سوريا الى لبنان، حيث يباع الكيلوغرام في سوريا بـ12 دولاراً، اما في لبنان فيباع الكيلوغرام بأكثر من 25 دولاراً.
وهناك شكاوى في هذا الصدد لدى وزارة الزراعة، لم تبت حتى الآن.