مقدمو الخدمات باقون في انتظار اقتراحات "الناظمة".. "الكهرباء": لا بديل حالياً ونحضّر دفتر شروط

تنتظر الملفات الحيوية في قطاع الطاقة، ولادة الهيئة الناظمة التي يعول عليها لانطلاق المعالجات الجذرية لعضال لبنان الكهربائي. فتعيين الهيئة وإطلاق يدها، باب رئيسي ستعبر من خلاله الإصلاحات إلى النور، والإنارة المستدامة إلى اللبنانيين.

ويأتي ملف مقدمي الخدمات ضمن الأولويات القصوى، بعد التمديد لهم لتسيير عمل القطاع، وإعادة تنظيم العقود مع من سيبقى منهم، ومع الشركات الجديدة، وفق دفتر الشروط الذي تعكف مؤسسة كهرباء لبنان على تحضيره. 


تعود العقود التي وقعتها وزارة الطاقة مع شركات مقدمي الخدمات إلى عام 2012. ووفق مؤسسة كهرباء لبنان ثمة "مهمات عدة لهؤلاء (التعبئة، مسح الشبكات، إعداد البرامج والخطط، إعداد الدراسات الفنية، دراسة توسيع الشبكة، خدمة الزبائن، أشغال الصيانة والتصليحات، أشغال الإنشاءات الجديدة، تركيب الشبكة الذكية، قراءة تأشيرات العدادات وجباية الفواتير(...) تشكل كلها وحدة متكاملة تدار وتقيّم من طريق احتساب مؤشرات الأداء KPIs كضوابط وأهداف".


ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف الانتقادات للشركات، في ظل فشل بعضهم في تنفيذ المهمات الموكلة إليهم، وكان آخرها من نقابة عمال مؤسسة كهرباء لبنان التي اعتبرت أن "المشروع فاشل"، لافتة إلى أن "المتأخرات تراكمت عشرات المرات عما كانت في فترة جباة الإكراء عبر المؤسسة".


وعلى الرغم من التفاوت في أداء الشركات، يبدو أن وزير الطاقة والمياه جو صدي مصرّ على عدم التجديد لهم، فيما تعكف مؤسسة الكهرباء على إعداد دفتر شروط جديد. فهل هذا يعنيأان المؤسسة ستبقي على "موديل" مقدمي الخدمات مع تعديلات يمكن أن تطرأ على دفتر الشروط؟


مصادر إدارة مؤسسة الكهرباء توضح لـ"النهار" أن "مشروع مقدمي الخدمات أتى بقرارات متتالية من مجلس الوزراء ومتابعة اللجنة الوزارية، وهو جزء من الخطة الوطنية للكهرباء. البنك الدولي (World Bank) يدرس نماذج الشراكة وفق طريقة الـ Affermage أو Concessions  في انتظار تعيين الهيئة الناظمة المولجة تقديم الاقتراحات الإستراتيجية لقطاع التوزيع. وفي غياب أي اقتراح آخر، تم تمديد العقود بموافقة وزارة الطاقة والمياه فترة إضافية لضمان استمرارية المرفق العام، مع إعداد مسودة دفتر شروط جديد بالتعاون مع الوزارة يتضمن تحسينات بحسب الخبرات المتراكمة لهذا النوع من العقود، إلى حين صدور رؤية البنك الدولي (World Bank) والحكومة والهيئة الناظمة المرتقب تعيينها".
ووفق المصادر فإن "المسودة الأولية لوثائق التأهيل المسبق أصبحت جاهزة تقريبا، وأرسلت نسخة إلى وزارة الطاقة والمياه، في انتظار الملاحظات والتوجيهات تمهيدا للبدء بإطلاق المناقصة".


بحسب العقود الموقعة مع الشركات، يمكن التمديد لها تلقائيا لمدة شهرين حتى تتمكن مؤسسة الكهرباء من تأمين بديل، ويمكن أن تستفيد من قانون تمديد المهل القانونية، أي 15 شهرا إضافيا. فهل ثمة نية للتمديد لها فترة قصيرة، أو هل ثمة شركات جديدة جاهزة لتسلم القطاع؟ ترد المصادر بالقول إن "التمديد ليس تلقائيا بل هو لتسيير المرفق العام إلى حين إنجاز التلزيم الجديد. حتى الآن لم يتقدم أحد بأي اقتراح بديل من صيغة مقدمي الخدمات. وتاليا لا يمكننا أن نبتّ مسبقا نتيجة المناقصة، خصوصا أن الموضوع مرهون بثقة القطاع الخاص في حينه، وذلك مرتبط بالواقع المالي والنقدي والاقتصادي في لبنان".


دفتر الشروط الذي جرت على أساسه مناقصة مقدمي الخدمات أعدته شركة NEEDS، أما حاليا فيعمل على تطوير الدفتر المعمول به وتعريبه، بمجهود مستخدمي مؤسسة كهرباء لبنان حصرا، رغم تعقيدات الملف في هذه الظروف الصعبة.


لا تحبذ المصادر تقييم تجربة مقدمي الخدمات بمعزل عن الظروف المحيطة بالتنفيذ: "الاحتجاجات الشعبية عام 2019، جائحة كورونا، الأزمة الاقتصادية، انفجار المرفأ، الحرب في الجنوب والظروف الأمنية في البلاد... كلها أثرت على الجباية والأداء. رغم ذلك صمدت الشركات اللبنانية، وتقوم حاليا بمهمات إعادة الإعمار بعد العدوان الأخير بسرعة قياسية. تمت مناقشة ملاحظاتهم. أما منحهم صلاحيات ضبط المخالفات أو أي صلاحيات أخرى حددتها القوانين والأنظمة المرعية الإجراء لمؤسسة كهرباء لبنان، فيحتاج إلى قانون على غرار قانون كهرباء زحلة".


والمعلوم أن ديوان المحاسبة كان قد أكد أن "منح شركات مقدمي خدمات التوزيع صلاحيات إضافية هو أصلا من اختصاص المؤسسة، يتطلب إصدار قانون، ولا سيما لجهة أربع نقاط: إصدار الفواتير، عمليات قبض الفواتير ومحاضر الضبط، تقسيط وتسعير لمحاضر المخالفات، إلغاء القيمة النقدية للفاتورة". 


وفيما تأمل وزارة الطاقة أن تبصر الهيئة الناظمة للكهرباء خلال اسبوع أو أسبوعين على الأكثر، تؤكد مصادر الكهرباء أنه "فور تعيينها، يعرض عليها الملف كاملا لتصبح صاحبة الصلاحية في تحديد مستقبل قطاع التوزيع في لبنان. حتى ذلك الحين، وفي ظل عدم تقديم بديل من أي جهة معنية، المؤسسة ملتزمة قرارات مجلس الوزراء وتوجيهات وزير الطاقة والمياه، بالتنسيق مع البنك الدولي World Bank  ".