المصدر: النهار
الكاتب: إسكندر خشاشو
الأربعاء 5 تشرين الثاني 2025 07:31:21
انتهت جلسة استجواب القاضي طارق البيطار أمس بعد 13 دقيقة فقط على بدئها، وقرّر القاضي حبيب رزق الله تأجيلها إلى الخميس المقبل، في انتظار تبليغ النيابة العامة التمييزية التي لم تُبلّغ بموعدها.
وكان البيطار مثل أمام رزق الله في حضور وكيلي النائب علي حسن خليل والمدير العام السابق للجمارك بدري ضاهر اللذين انضما إلى أساس شكوى ادعاء النيابة العامة التمييزية على البيطار بجرم "انتحال صفحة محقق عدلي واغتصاب السلطة".
هذه الخطوة وضعت مجدداً السلطة القضائية اللبنانية أمام اختبار صعب، إذ يمثل البيطار، المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت، أمام القضاء مدّعىً عليه من النائب العام التمييزي السابق غسان عويدات بتهمة "اغتصاب السلطة وانتحال صفة محقق عدلي".
ولكن خلف هذا التطوّر الداخلي، يبرز ملفّ آخر لا يقلّ أهمية، هو منع سفر البيطار الذي يعطّل واحدة من أكثر المحطات حساسية في مسار التحقيق: استجواب مالك السفينة "روسوس"، الروسي القبرصي إيغور غريتشوشكن، الموقوف في بلغاريا منذ أيلول الماضي.
فالقاضي البيطار يجهد للسفر إلى صوفيا لاستجوابه، إلا أن قرار منع السفر الصادر في حقه يحول دون ذلك، ما أجبر لبنان على الاكتفاء بمراسلات قضائية وانتظار الجواب الرسمي من السلطات البلغارية.
وبحسب مصادر متابعة، فإن المؤشرات تميل إلى موافقة بلغاريا على طلب لبنان استجواب غريتشوشكن، إما عبر وفد قضائي لبناني وإما من خلال اعتماد آلية تحقيق مشتركة في العاصمة البلغارية.
وتؤكد المصادر أن التحضيرات الإدارية والقانونية في بيروت شبه جاهزة، لكن أي خطوة عملية تبقى رهناً بقرار لبناني داخلي يتيح للمحقق العدلي استكمال مهمته خارج البلاد، وهذا ما يحتاج إلى إسقاط منع السفر عنه في أسرع وقت.
إلى ذلك، تؤكد المصادر أنه إذا سارت الأمور منطقيا فالمطلوب جلستان ليتم بعدهما رفع قرار منع السفر عن المحقق والسماح له باستكمال مهماته، وخصوصا أن توقيف صاحب السفينة تجاوز المهل القانونية التي يتم تمديدها تباعا، وفي حال المماطلة من لبنان يكون فقد كنزا من المعلومات يمكن أن يقدمها صاحب السفينة.
ويتزامن تأجيل جلسة البيطار مع استمرار الانقسام داخل الجسم القضائي حول صلاحياته. فبينما يرى خصومه أنه تجاوز حدود مهمته حين استأنف تحقيقاته مطلع هذا العام، رغم عشرات دعاوى الردّ والمخاصمة، يعتبر داعموه أنه القاضي الوحيد الذي تجرّأ على مقاربة الملف من دون محسوبيات، وأن ملاحقته ليست سوى محاولة لإجهاض مسار العدالة.
في الخلاصة، تتقاطع القضيتان مع جلسة استجواب البيطار المؤجلة ومنعه من السفر، لتشكّلا مشهداً واحداً عنوانه شلل العدالة.
فالقاضي الذي يُلاحَق بتهمة "اغتصاب السلطة"، يُمنع في الوقت نفسه من ملاحقة المتورطين في أسوأ كارثة شهدها لبنان منذ عقود!