مناورات إيرانية ضخمة قرب أذربيجان ومخاوف من حرب قوقازية

بينما دخلت الاحتجاجات الإيرانية شهرها الثاني وسط عجز السلطات عن إيقافها، أطلق «الحرس الثوري» الإيراني مناورات ضخمة بالذخيرة الحية عند الحدود الشمالية لناحية أذربيجان وأرمينيا، حيث تشهد المنطقة القوقازية توتراً بين باكو ويريفان، يمس مصالح أساسية لطهران.

وأكد مصدر في قيادة الأركان الإيرانية، لـ «الجريدة»، أن الجيش نقل العشرات من طائراته المقاتلة والقاذفة والمئات من المسيرات، إضافة إلى معدات ثقيلة تشمل دبابات ومدرعات، إلى قواعد قرب الحدود مع أذربيجان وأرمينيا للمشاركة في المناورات. وانطلقت مناورات القوات البرية لـ «الحرس الثوري» تحت شعار «إيران القوية» في محافظتَي أردبيل وأذربيجان الشرقية غرب البلاد.

وأعلن قائد سلاح البر العميد محمد باكبور بدء المرحلة الرئيسية لـ «مناورات الاقتدار» التي يجريها في منطقة أرس العامة برعاية القائد العام لقوات الحرس اللواء حسين سلام لمدة 3 أيام.

وذكر أن المناورات ستشهد إقامة جسر عائم على نهر أرس لعبور المعدات العكسرية لأول مرة. وستتضمن التدريبات مشاركة سلاح المظلات للاستيلاء على مرتفعات وتدمير خطوط الهجوم المعادية.

وشدد قائد الحرس على أن المناورات تحمل رسالة إلى دول الجوار مفادها أن بلاده سترد الصاع صاعين لكل من تسول له نفسه أن يشكل تهديداً ضدها.

مشادة وتلويح

ويأتي التحرك الإيراني العسكري، بعد أيام من تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتهم فيها روسيا بزعزعة الاستقرار في جنوب القوقاز بهدف تقسيم الغرب، والتدخل في النزاع حول ناغورني كاراباخ لمصلحة أذربيجان بالتواطؤ مع تركيا العضو بحلف شمال الأطلسي «الناتو». وفي هذا السياق، كشف مصدر رافق الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في زيارته الأخيرة لكازاخستان، أن اللقاء الذي جمع الأخير مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف على هامش قمة الاستانة لمنظمة «سيكا» الآسيوية الخميس الماضي، لم يكن ودياً، وشهد مشادة وصلت إلى حد التلاسن بين قادة الدولتين الجارتين.

وقال المصدر، لـ «الجريدة»، إن المشادة بدأت بعد أن انتقد علييف الحشود العسكرية الإيرانية عند الحدود الأذربيجانية، معتبراً أن الخطوة تمثل تهديداً لأمن باكو.
وجاء رد علييف الحاد بعد أن أجابه رئيسي بأن الحشود العسكرية، التي قدرها المصدر بـ 100 ألف جندي، لم تُرسل إلى تلك المنطقة الحدودية للنزهة أو القيام بتدريبات فقط، بل لإرساء الأمن والاستقرار، ولمواجهة أي مخطط يرمي لإحداث تغييرات ميدانية تمس أو تقطع الممر البري بين إيران وأرمينيا وإن لزم الأمر لخوض حرب.

وأشار المصدر إلى أن علييف اتهم طهران بدعم أرمينيا عسكرياً وتسليحها لمواجهة أذربيجان، وهو ما نفاه رئيسي واتهم نظيره الأذربيجاني بالاستماع إلى «فبركات صهيونية»، منتقداً التنسيق الأمني بين باكو وتل أبيب، والزيارة الأخيرة التي أجرها وفد أمني إسرائيلي رفيع للعاصمة الأذربيجانية.

وبحسب المصدر، اتهم رئيسي علييف بـ «احتضان أذريين إيرانيين انفصاليين» ومنحهم الإذن لتأسيس وسائل إعلام خاصة بهم على أراضي بلاده، وذلك في خضم الاحتجاجات التي تشهدها إيران، الأمر الذي رد عليه علييف باتهام طهران بعدم التخلي عن مبدأ تصدير الثورة. وجاء ذلك في وقت اتهمت باكو يريفان بشن هجوم جديد على مناطق متنازع عليها في كاراباخ.

ورد نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيديف على ماكرون السبت الماضي، واصفاً اتهاماته بـ»الحقيرة».

احتجاجات وأحداث إيفين

من جانب آخر، خرجت احتجاجات جديدة مناهضة للنظام الإيراني، ليل الأحد ـ الاثنين، في عدة مدن رئيسية بينها طهران ويزد وكرج بكردستان.

وفي حين ألقى رئيس السلطة القضائية الإيرانية غلام محسني ايجئي باللوم على «عدد قليل من عملاء العدو» في ارتكاب الاضطرابات التي وقعت بسجن إيفين السياسي سيئ السمعة في العاصمة طهران، أعلن المركز الإعلامي التابع للسلطة القضائية ارتفاع عدد ضحايا أحداث السجن إلى 8 أشخاص.