من أزمة سياسية لأخرى أمنية.. متحف اللوفر يفجر غضب الفرنسيين

أحدث اقتحام لصوص لمتحف اللوفر بباريس، وسرقتهم لمجوهرات ذات قيمة تراثية لا تُقدّر بثمن، صدمة واسعة في فرنسا وأعطى صورة سلبية عن البلاد أمام العالم.

لكن الحادثة لم تقتصر على كونها أزمة أمنية، بل سرعان ما تحولت إلى موضوع سياسي ساخن، مع تبادل الاتهامات بين الأحزاب حول تقصير الدولة في حماية التراث الوطني.

ردود الأفعال بين النقد والدعوة للوحدة
وأعرب حزب التجمع الوطني، (RN)، عن استنكاره الشديد للسرقة المذهلة في متحف اللوفر، واصفا الحادثة بأنها "إهانة" حسبما صرح رئيس الحزب جوردان بارديلّا، و"جُرح في الروح الفرنسية" وفقا لزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان. 

من جهته، دعا الرئيس الفرنسي الأسبق وعضو البرلمان عن الحزب الاشتراكي، فرانسوا أولاند، إلى عدم "إثارة الجدل"، مؤكّدا أن أولى الاستجابات للهجوم هي التكاتف والوحدة.

وقال أولاند في مقابلة على قناة "BFMTV" إن "السرقة في اللوفر عمل خطير، وهجوم على تراثنا"، مشيرا إلى أن الحادثة تأتي بعد سلسلة من السرقات في متاحف مهمة أخرى.

وأضاف أولاند: "بالطبع يجب تعزيز الأمن في المتاحف، لكن من الضروري أيضا ملاحقة هذه الجماعات والعصابات، حتى المتورطين من الخارج، الذين غالبا ما يسعون للاستيلاء على قطع ذات قيمة استثنائية".

أما رئيس مجموعة حزب الجمهوريين في الجمعية الوطنية، لوران فوكيه فقد قال "لقد سُرقت فرنسا. يجب علينا حماية أعظم ما نملك: تاريخنا".

وزير العدل ووزيرة الثقافة يعلنان خططا عاجلة
وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان اعتبر أن سرقة ثماني مجوهرات من متحف اللوفر يعكس فشلا كبيرا للسلطات، مشيرا إلى أن الحادثة "تعطي صورة سلبية جداً عن فرنسا". 

وأوضح دارمانان في تصريحات على إذاعة "فرانس إنتر" أن المسؤولين الأمنيين "فشلوا" في منع عملية السرقة، حيث تمكن اللصوص من وضع رافعة على الطريق العام وصعدوا بسرعة لسرقة المجوهرات "ذات القيمة التي لا تُقدر"؛ ما أسفر عن ما وصفه الوزير بـ"الصورة المروعة لفرنسا".

في المقابل، شددت وزيرة الثقافة رشيدة داتي على أن مشروع (Louvre-Renaissance) الذي أعلن عنه مطلع العام الحالي، والذي تبلغ ميزانيته نحو 700 إلى 800 مليون يورو على مدى عشر سنوات، سيعزز بشكل كبير من الإجراءات الأمنية، بعد سنوات من التقصير والإهمال.

تقرير صادم لمحكمة المحاسبات 
يشار إلى أنه في أعقاب ما وصف بـ"سرقة القرن" في متحف اللوفر، كشف تقرير حديث من محكمة المحاسبات (Cour des comptes) عن تأخر كبير ومستمر في تحديث وتطوير أنظمة الأمن بالمتحف؛ إذ تبين أن ثلث قاعات العرض فقط مزودة بكاميرات مراقبة، وأن معظم التجهيزات الأمنية تعاني من تقادم سريع بسبب زيادة أعداد الزوار مقابل بطء الاستثمار في الصيانة والتجديد.  

وأشار تقرير المحكمة إلى أن مشاكل الأمن كانت معروفة منذ سنوات طويلة، إلا أن تنفيذ الخطط والإصلاحات الأمنية تأخر لعقود، بما في ذلك تحديث أنظمة الإنذار والكاميرات وأنظمة مكافحة الحريق.

وبالرغم من تخصيص ميزانيات ضخمة للفعاليات "الراقية" مثل الحفلات الخاصة وزيارات كبار الشخصيات، شهدت السنوات الأخيرة تخفيضات في عدد موظفي الأمن؛ ما فاقم ضعف الحماية في وقت كانت فيه شعبية المتحف تزداد يوماً بعد يوم.