من برج البراجنة إلى الجنوب... مسار السلاح الفلسطيني سيتواصل

من المتوقع أن تحسم حركة "فتح" البلبلة التي رافقت المرحلة الأولى من تسليم السلاح الفلسطيني انطلاقًا من مخيّم برج البراجنة في بيروت، بخطوة أخرى تتمثل باستكمال تسليم السلاح من ثلاثة مخيّمات تقع جنوب الليطاني: هي الرشيدية، والبص، والبرج الشمالي.

وقالت أوساط فلسطينية بارزة لـ "نداء الوطن"، إن حركة "فتح" اتخذت قرارًا بالتقدّم خطوة جديدة باتجاه تسليم السلاح جنوبًا وأقلها من مخيم البص، لتأكيد التزامها بما تمّ الاتفاق عليه بين الرئيسين جوزاف عون ومحمود عباس في أيار الماضي بشأن حصرية السلاح في يد الدولة اللبنانية بما فيها المخيّمات.

وبينما تتواصل التحضيرات للخطوة الثانية وسط أجواء من التكتم الشديد، أثارت الخطوة الأولى استياء القوى الفلسطينية المعارضة، واعتبر مسؤول فيها أنها جاءت من دون تشاور مع أحد، ودلّت على الرغبة في اختيار مسارٍ منفردٍ بعيدًا من الحوار الداخلي عبر "هيئة العمل الفلسطيني المشترك"، أو الحوار مع الدولة عبر لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني.

وكان تحالف القوى الفلسطينية قد أعدّ تصوّرًا يقوم على تنظيم وضبط السلاح من خلال "القوة الأمنية المشتركة" بدل تسليمه، وبإشراف "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" وبالتنسيق مع الجيش اللبناني. لكنه لم يناقشه حتى الآن لا مع "فتح"، ولا ضمن "هيئة العمل المشترك"، ولا مع "لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني".

ويؤكّد التصوّر ضرورة أن تكون مقاربة الوجود الفلسطيني في لبنان شاملة (إنسانية، قانونية، سياسية... إلخ)، وليست فقط أمنية، كما يؤكّد احترام اللاجئين الفلسطينيين سيادة لبنان وقوانينه وأمنه واستقراره، بما يعني عدم القيام بأي عمل يمسّ الأمن القومي اللبناني، والتمسّك بحق العودة، ورفض التوطين والتهجير والوطن البديل.

مسار السلاح

منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول 2024، دخل ملف السلاح الفلسطيني في لبنان مرحلة جديدة، بعدما تولّى الجيش اللبناني السيطرة على مواقع عسكرية كانت خاضعة لتنظيمي "القيادة العامة" و "فتح الانتفاضة" على الحدود مع سوريا وصولًا إلى الناعمة، لينتهي بذلك أي وجود معلن للسلاح الفلسطيني خارج المخيّمات.

وتسارعت التطوّرات مع انتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية في 9 كانون الثاني 2025، إذ جاء خطاب القسم ليؤكّد أنّ الدولة وحدها هي المرجعية الأمنية، قبل أن يكرّس البيان الوزاري لحكومة نواف سلام (26 شباط 2025) هذا التوجّه عبر بند واضح حول حصر السلاح بيد المؤسسات الرسمية.

وفي 4 آذار 2025، جمعت القاهرة لقاءً بين الرئيسين عون وعباس، انتهى بإعلان الأخير استعداده لدعم الخطوات اللبنانية. ولم يتأخر الأمر، إذ حطّ الرئيس الفلسطيني في بيروت في 21 أيار 2025، حيث اتفق الطرفان على إطلاق مرحلة أولى لسحب السلاح من المخيمات، بدءًا بثلاثة مخيّمات في بيروت (برج البراجنة، مار الياس، شاتيلا)، مقابل منح اللاجئين الفلسطينيين حزمة من الحقوق المدنية والاجتماعية.

لكنّ الموعد المقرّر للانطلاق في 16 حزيران 2025 تأجّل بفعل العدوان الإسرائيلي على إيران، وغياب وحدة الموقف الفلسطيني الداخلي. ومنذ ذلك الحين، بقي الملف معلّقًا إلى أن عاد إلى الواجهة عبر سلسلة تغييرات داخل حركة "فتح"، وزيارات متلاحقة شملت نجل الرئيس عباس ومستشاره الخاص ياسر عباس، وقائد قوات الأمن الوطني اللواء العبد إبراهيم خليل، فضلًا عن مباشرة السفير الفلسطيني الجديد في بيروت محمد الأسعد عمله.