من جحيم الدّعم الى جهنّم الإقتصاد المُقاوِم... يرحّبون بنا في حفلة النّار الآكِلَة!

كتب أنطون الفتى في وكالة "أخبار اليوم":

قد يتمنى اللبنانيون رفع الدّعم اليوم قبل الغد بالفعل، كخطوة تضع حدّاً لعذاباتهم في "معارك" الحصول على الأدوية من الصيدليات، وعلى البنزين من المحطات، وحتى على الكثير من الأطعمة. ولكن ماذا في مرحلة ما بعد رفع الدّعم؟ وهل سنجد كلّ ما كنّا نشتريه في الماضي، في الأسواق، مستقبلاً؟

تغيير جذري

مرحلة ما بعد رفع الدّعم قد لا تكون "زهرية" بالضّرورة، أي ان ارتفاع الأسعار قد لا يكون وحده المشكلة، إذا أخذنا في الاعتبار أن ما ينتظرنا هو اقتصاد مُقاوِم، كنّا بُشِّرنا به منذ ما قبل 17 تشرين الأول 2019. فهذا النّوع من الاقتصادات، يعني تغييراً جذرياً في كلّ شيء، الى درجة فقدان الكثير من السّلع والبضائع التي لطالما اعتدنا على شرائها في الماضي، في مختلف المجالات.

 قرارات

أوضح الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة أن "ما نمرّ به حالياً، لا علاقة له بالإقتصاد المُقاوِم".

وشرح في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" أن "الإقتصاد المُقاوِم هو أن تتّخذ دولة قرارات إقتصادية توجّهها نحو الأمور التي تسمح لها بالمقاومة، وبتجييش المجتمع، وبجَعْل الرأي العام متأهّباً في شكل دائم. وبالتالي، تُتَّخَذ الخيارات الإقتصادية في تلك الحالة، على أساس كل ما هو مُفيد للقيام بالمقاومة".

 ترشيد الإنفاق

ولفت حبيقة الى أن "الإنزعاج الشعبي من الأزمة الإقتصادية الحالية يعود في أساسه الى أننا كنّا نعيش بما يفوق قدراتنا وإمكانياتنا، على مدى سنوات طويلة، وما عاد مُمكناً الإستمرار بهذا النّمط من الحياة بعد اليوم".

وأضاف: "معايير المجتمعات السعيدة في العالم، لا تقوم على أساس الإنفاق غير الواعي، والهدر، والبذخ، بل على كلّ ما يتعلّق بترشيد الإنفاق. فشعوب أهمّ دول العالم الحضارية والحرّة، تحسب ميزانيّة إنفاقها يومياً، وعلى الورق. وأما نحن في لبنان، ورغم الأزمة التي نمرّ بها، نجد أن 90 في المئة من العائلات تُنفق دون أي حساب".

تحوُّل فكري

ورأى حبيقة أنه "كان لا بدّ من مرحلة انتقالية، تسبق تأقلُم الشعب اللبناني مع الوضع الجديد، ومع ضرورة تخفيف الإنفاق على أمور كثيرة غير نافعة، تمهيداً للعودة الى الحقيقة والمنطق والخيارات الصحيحة، من الناحية الإستهلاكية والإقتصادية".

وقال: "لا شيء يمنع من توفُّر كلّ السلع مستقبلاً، كما في الماضي، طالما أن بعض فئات المجتمع اللبناني تطلبها، وهي قادرة على استهلاكها. ولكن لا بدّ للّبناني من أن يصحّح طُرُق عيشه، والخروج من فوضى الإنفاق، والإلتزام بحاجته وقدراته. وأصعب ما في هذا المسار، هو أنه يستوجب تحوُّلاً في طريقة التفكير السابقة، ولا ينحصر بالصّعوبات الماليّة فقط".

تدريجياً

ودعا حبيقة الى "الاتّعاظ من طُرُق عيش المواطن السويدي والفنلندي والنروجي والفرنسي والأميركي مثلاً، وغيرهم. فهؤلاء يحسبون إنفاقهم بدقّة، رغم أنهم في دول متقدّمة".

وتابع: "لو كانت القيادات اللبنانية واعية، لكانت عملت على تغيير الأنماط الإستهلاكيّة السابقة، منذ نحو 15 عاماً. فلو تمّ ذلك، لما كنّا وصلنا الى مرحلة بات يشعر فيها بعض النّاس بتعاسة الوضع الحالي، كما هو عليه".

وختم: "المسؤولون السياسيون مذنبون، لأنهم تركوا الشعب يصل الى مرحلة الاضطّرار الى التعوُّد على حياة قاسية، دفعة واحدة، بجهلهم وسوء إدارتهم، بدلاً من الدّفع باتّجاه التغيير تدريجياً".