من شواطىء لبنان مروراً بوادي خالد والمنية... انطلاق حرب النيران المفتوحة!

من لبنان الى ناغورني كاراباخ، منطقة تشتعل على وقع تطايُر رسائل أميركية - روسية - أوروبية - فرنسية - تركية - إيرانية، تنطلق من مياه البحر المتوسّط ونفطه، وصولاً الى الإقليم المُتنازَع عليه بين أرمينيا وأذربيجان منذ سنوات، حيث المسافة القريبة من منابع نفط بحر قزوين، وحيث بوابة مرور استراتيجية مهمّة بين أوروبا من جهة، وموارد وأسواق الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، تضمن وصول النفط من قزوين إلى الأسواق الدولية.

الإرهاب أعاد تحريك نفسه في لبنان، بموازاة تحريك قوارب الموت من الشواطىء اللّبنانية الى أوروبا. وهو واقع يمرّ بكثير من المدّ والجَزْر السوري القائم بين أبرز اللّاعبين على الأرض السورية، و(يمرّ) بتأرجُح في الأوضاع العراقية وسط قمّة التصارُع الأميركي - العربي - الإيراني، وبالمسار التطبيعي الخليجي - الإسرائيلي، الذي يُرخي بظلاله على الملف الفلسطيني، دون أن ننسى أزمات اليمن وأفغانستان. وهذا يصبّ كلّه شرقاً، في ناغورني كاراباخ.

 

صدفة؟

رأى الخبير الاستراتيجي الدكتور سامي نادر أن "فَوْرَة الإرهاب في لبنان، خلال اليومَيْن الماضيَّيْن، يمكن ربطها بما يحصل على مستوى التعثّر الحكومي. فما هي هذه الصدفة في أن تظهر ورقة الإرهاب، وزعزعة استقرار لبنان، بموازاة التشدّد الدولي تجاه التهرُّب اللّبناني من الإستحقاقات الداخلية الداهمة".

وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "أطرافاً دولية كثيرة، وعلى رأسها فرنسا، تطالب بتشكيل حكومة لبنانية سريعاً، فيما نحن وسط أزمة تُواجَه داخلياً من قِبَل ثورة تعترض على انهيار الأوضاع على المستوى الإقتصادي، وتنتفض على قَمْع الحريات. وهذا كلّه وسط عالم عربي يُكرّر مواقفه من "حزب الله"، وعالم غربي يفرض عليه عقوبات. ويأتي الإرهاب ليطلّ برأسه من جديد في لبنان، في ظلّ هذا الجوّ".

 

رابط

وردّاً على سؤال حول إمكانية الرّبط بين ما حصل في لبنان على مستوى الإرهاب مؤخّراً، وبين ما يحصل في إقليم ناغورني كاراباخ، أجاب نادر:"الرّبط في هذا الإطار يأتي من باب دخول القوى الإقليمية، وتثبيت مواقعها، وتوسيع ساحات نفوذها، وذلك من خلال نوافذ الجراح المفتوحة".

وقال:"جراح مفتوحة كثيرة تتحكّم بالشرق الأوسط. ففي لبنان، أزمة على السلطة، وهي لا تُحَلّ بين الطوائف. وفي سوريا أزمة مفتوحة أيضاً. بالإضافة الى جرح مفتوح في اليمن، وفي فلسطين، ونرى كيف أن القوى الإقليمية من تركيا الى إيران، وصولاً الى روسيا، تتسلّل وتدخل الى كلّ تلك الأزمات، كلاعب أساسي فيها. وضمن هذا الإطار، يعود نزاع ناغورني كاراباخ".

وأضاف:"من هذه الناحية، يمكن إيجاد رابط بين كلّ تلك الأمور مع ورقة استنهاض الإرهاب في لبنان اليوم، لا سيّما أن اللّاعبين الأساسيّين في ناغورني كاراباخ، وهم أنقرة وطهران وموسكو، هم أنفسهم يلعبون على الأرض السورية، وحتى في لبنان، خصوصاً أن الدور الروسي في لبنان في طور النموّ".

 

عقيدة جديدة

وأوضح نادر أن "صراع ناغورني كاراباخ خفَتَ مع كلّ الصّراعات التي همدت نيرانها في مرحلة ما بعد انهيار جدار برلين، وانهيار العالم السوفياتي، وهيمنة الولايات المتّحدة الآحادية عالمياً، ولا سيّما في منطقتنا. وهذه الحالة بدأت تنحسر مع انتخاب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، واتّخاذه قرار الإنسحاب من المنطقة، وتأسيس شراكة دولية في صناعة السلام الدولي، وفي إدارة الأزمات".

وختم:"أتى الرئيس الأميركي دونالد ترامب من بعده، ليقول إن واشنطن انسحبت من أماكن كثيرة بطريقة فوضوية، وإن هذا أتى على حساب مصلحتها. وهو أعاد التأسيس لشراكات ثنائية "على القطعة"، وليس على قاعدة الشراكة الدولية المتعدّدة، تقوم على عقد صفقات تكون فيها الولايات المتحدة قُطباً، وهي عقيدة جديدة أتى بها ترامب بعد أوباما. وهذا كلّه يُرخي بظلاله على التعاطي الأميركي مع أزمات المنطقة والعالم".