من لبنان إلى اليمن.. إسرائيل أمام 3 سيناريوهات لصراع متعدد الجبهات

تتصاعد، في الأسابيع الأخيرة، المؤشرات على احتمال انتقال إسرائيل من إدارة مواجهة واحدة إلى التحضير لصراع متعدد الجبهات يشمل ميليشيات، "حزب الله" في لبنان و"الحوثيين" في اليمن. 

ويرى خبراء دوليون أن هذا التوجه قد يكون جزءًا من استراتيجية ردع إقليمي أوسع، رغم ما تحمله من مخاطر عسكرية وسياسية مرتفعة. 

استعداد إسرائيلي
وأثار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في تصريحات علنية، تهديدًا واضحًا للحوثيين وحزب الله معًا. 

وبحسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز"، أكد نتنياهو استعداد إسرائيل "للتحرك بقوة" ضد الجماعات المدعومة من إيران في اليمن ولبنان، بهدف منع تحولها إلى تهديد إقليمي متجدد.

وشنّت إسرائيل خلال الأشهر الماضية ضربات جوية على منشآت تابعة للحوثيين في اليمن، في إطار ما وصفته بـ"تقويض قدراتهم الصاروخية" ومنع تهريب الأسلحة عبر البحر الأحمر.

وقال السفير البولندي السابق والمحلل السياسي في شؤون الشرق الأوسط، كشيشتوف بومينسكي، في تصريح خاص لـ"إرم نيوز" إن لدى نتنياهو مصالح في تجدد الحرب. حرب غزة لم تنتهِ بعد. لا أستطيع التنبؤ بالتطورات، لكنني أعتقد أن جولة جديدة ستكون متوقعة — في لبنان واليمن، وربما إيران أيضاً". 

قدرات عسكرية
وحسب تحليل لمعهد الأبحاث البريطاني، المتخصص في الشؤون الدولية "تشاتام هاوس"، فإن الضربات الجوية الإسرائيلية وحدها قد لا تكون كافية لتحقيق نصر شامل على الحوثيين.

وأكد المحلل الإسرائيلي، إيتاي بار-ليف، أن الحوثيين يمتلكون قوة لا مركزية، متمركزة في تضاريس جبلية صعبة، مع خطوط تهريب متنوعة لإعادة التزود بالذخيرة. 

كما يشير تقرير خبراء الأمم المتحدة، إلى أن الدعم الخارجي للحوثيين وصل إلى مستوى غير مسبوق، من خلال تدريبات وتوريدات عسكرية من إيران، وكذلك تعاون مع حزب الله في بناء القدرات العملياتية. 

أما على الجبهة اللبنانية، فتواصل إسرائيل متابعة تحركات حزب الله؛ الذي أكد في مناسبات عدة، أنه لن يستسلم تحت الضغوط، وأنه متمسّك بأسلحته، رغم إعلان إسرائيل أنها تستهدف قدراته العسكرية بعد وقف إطلاق النار.

ومنذ مارس/أذار 2025، تشن إسرائيل غارات باستمرار على ضواحي بيروت الجنوبية، ما يعكس تشديدًا إسرائيليًا في الضغط العسكري. 

استراتيجية مزدوجة
وترى تحليلات غربية أن استراتيجية إسرائيل قد تكون مزدوجة: من جهة، ضرب قدرات حزب الله والحوثيين لتقويض "محور المقاومة" الإيراني، ومن جهة أخرى، إرسال رسالة ردع قوية لأعدائها الإقليميين بأن إسرائيل قادرة على العمل بعيدًا عن حدودها.

كما تشير بعض المصادر إلى أن إسرائيل تسعى إلى تكثيف الضربات النوعية - ليست مجرد حرب شاملة - من خلال استهداف مراكز أساسية للحوثيين أو مواقع استراتيجية لحزب الله، دون الانزلاق إلى مواجهة استنزافية طويلة.

ويشير المحللون والخبراء إلى أن العمليات الإسرائيلية تتضمن 3 سيناريوهات محتملة: فقد تشن إسرائيل حملة واسعة في لبنان واليمن معًا، لكن هذا السيناريو يحمل مخاطرة عسكرية ومالية كبيرة.

ثانياً: حملة استهداف استراتيجية، من المرجّح أن تعتمد فيها إسرائيل على ضربات دقيقة بعيدة المدى، مع التنسيق مع حلفائها، لتحقيق أقصى تأثير مع أقل تكلفة ممكنة، أما السيناريو الثالث فقد يكون ردعاً رمزياً عبر التهديد المستمر والعمل العسكري المحدود، يمكن لإسرائيل أن تبني ردعًا فعالًا دون الدخول في صراع مفتوح دائم. 

تحديات إسرائيلية
ويرى الخبراء أن إطلاق صراع مزدوج يحمل إسرائيل مخاطر استراتيجية، أولها، أن هناك تكلفة محورية كبيرة على إسرائيل إذا افتتحت جبهتين نشطتين.

وثانيها، نجاح مثل هذه الاستراتيجية يعتمد كثيرًا على الاستخبارات والدقة في الضربات، لأن الحوثيين لديهم شبكة تهريب مرنة، وحزب الله يمتلك قدرات صاروخية متجذّرة. ثالثًا، أي تصعيد كبير قد يثير ردود فعل إقليمية أو دولية ضد إسرائيل.

وتميل تحليلات الخبراء اليوم إلى أن إسرائيل تنظر إلى كل من الحوثيين وحزب الله كمكونات تهديد تمهيدية لاستراتيجية ردع إقليمي جديدة، ولكنها ليست في وضع تستطيع فيه فتح حرب شاملة بسهولة؛ بدلاً من ذلك، يبدو أن الخيار المفضل هو مزيج من الضربات الاستراتيجية، التهديد المستمر، واستخدام التحالفات الإقليمية.