المصدر: نداء الوطن
الكاتب: رماح هاشم
الثلاثاء 2 أيلول 2025 06:37:58
أحال وزير المالية ياسين جابر الأسبوع الفائت إلى رئاسة مجلس الوزراء مشروع قانون موازنة العام 2026، والتي تضمّنت تغييرات لافتة في الأرقام، خصوصًا لجهة الإيرادات المرشّحة للارتفاع بفضل النهج الإصلاحي السائد في العهد الجديد.
أرفق وزير المالية، مشروع قانون الموازنة الذي رفعه إلى الأمانة العامة في مجلس الوزراء، بتقرير يُحلّل فيه الاعتمادات المطلوبة والفروقات المهمة بين أرقام المشروع وبين أرقام موازنة السنة الجارية. على أنْ "يُصار إلى درسه وإقراره وإحالته إلى المجلس النيابي وفق الأصول".
خطوة أساسيّة
وفي الإطار، أكّد الخبير الاقتصادي وعضو هيئة مكتب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في لبنان د. أنيس بو دياب لـ "نداء الوطن"، أنّ "الخطوة الأساسية والإيجابية للعام الثاني على التوالي، هي أنّ الموازنة أُعِدّت وأُحيلت إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء ضمن مواعيدها المُحدّدة، ما يعكس انتظامًا في الماليّة العامة".
النقطة الإيجابية الثانية، حسب بو دياب، "تتمثّل في أنّ موازنة 2026، بحسب ما يتّضح، خالية من العجز، حيث تتساوى الإيرادات مع النفقات، مع تسجيل زيادة في حجم الإيرادات المتوقّعة بنسبة تتراوح بين 12 % و 15 % مقارنة بموازنة 2025. ورغم أنّ النسبة ليست مرتفعة كما كان متوقّعًا، إلّا أنّها تبقى مؤشرًا جيّدًا، خصوصًا أنّها تحقّقت عبر تحسين الجباية لا عبر زيادة الضرائب. وقد ظهر ذلك بوضوح في 2025، حيث ارتفعت الإيرادات الجمركية ثلاثة أضعاف لتبلغ نحو 457 مليون دولار".
الرواتب والأجور
على صعيد الإنفاق، يُوضح أنّ "الموازنة تُخصّص نحو 3 مليارات دولار للرواتب والأجور، أي ما يقارب نصف الإنفاق العام، يذهب معظمها إلى العاملين والمتقاعدين في القطاع العام. كما تتضمّن الموازنة مساهمة في إعادة إعمار نحو 500 مبنى متضرّر".
لكنّ بو دياب يتوّقف عند نقطة مهمّة وهي "غياب رؤية واضحة للإنفاق الاستثماري في البنى التحتية، مثل تطوير مطار القليعات، أو إنشاء أوتوسترادات جديدة لتخفيف أزمة السير، أو الاستثمار في قطاع الكهرباء بالشراكة مع القطاعين العام والخاص".
"تقليديّة"
من جهة أخرى، يرى أنّه "ورغم أنّ الموازنة هي "تقليدية" وشبيهة بالموازنات السابقة، إلّا أنّها تفتقد إلى "النفحة الإصلاحية" المطلوبة، سواء في السياسة الضريبية عبر التحوّل نحو الضريبة المباشرة التي تحمي أصحاب الدخل المحدود، أو في تبنّي موازنة قائمة على الأداء والبرامج بدلًا من مجرّد بنود إنفاق وإيرادات".
ويُضيف: "تقدَّر الموازنة بحوالى 25 إلى 27 % من الناتج المحلي، أي ما يقارب 6 مليارات دولار فقط، مقارنة بـ 17 مليار دولار قبل الأزمة. غير أنّها تبقى غامضة في ما يتعلّق بملف الدين العام وجدولة الاستحقاقات، وكذلك بمصير الرواتب والأجور: هل ستبقى المساعدات الاجتماعية (التي تشكّل 90 % من الإنفاق على الرواتب) خارج أساس الراتب، أم ستُدمَج فيه، وهل هناك سلسلة جديدة للأجور؟".
حجم القطاع العام
يختم بو دياب بالقول: "كلّ هذه الأسئلة ستُحسم بعد مناقشة الموازنة في لجنة المال والموازنة"، آملًا أنْ "يتمّ الالتزام بالمواعيد المحدّدة لتعزيز انتظام المالية العامة. كما يتمنّى أنْ "يُرفق المشروع ببيان يُظهر حجم القطاع العام من أجل إعادة هيكلته، انسجامًا مع توجّه وضع موازنة إصلاحية حقيقية ترتكز على خطط واضحة متوسطة الأمد".