المصدر: نداء الوطن
الكاتب: رماح الهاشم
السبت 24 أيار 2025 06:46:33
رغم تلبيتهم "نداء الواجب" لإنجاز الاستحقاق الدستوري المُتمثّل بالانتخابات البلديّة والاختياريّة، إلّا أنّ موظفي القطاع العامّ لم يحصلوا في المُقابل من الدولة على أي من مطالبهم، ما سيدفعهم بعد هذا الاستحقاق إلى التفكير الجدّي بالتحرّك على الأرض لتحصيل حقوقهم بعد أنّ عوّدتهم السلطة بأن عليهم انتزاع الحقوق بالقوّة.
"لم تقدّم الدولة أيّ شيء ولم تعطِ أيّ زيادة لموظفّي القطاع العامّ الذين ما زالت أوضاعهم على حالها، بالرغم من الوضع المعيشي والاقتصادي المزري، (رغم كل الزيادات من خارج الرواتب، لم تتجاوز القدرة الشرائيّة لرواتب الموظفين 25 % ممّا كانت عليه عشيّة الأزمة الاقتصادية عام 2019 )، وفق ما يؤكّده عضو الهيئة الإداريّة في رابطة موظفي الإدارة العامة ابراهيم نحال.
يقول نحال لـ "نداء الوطن": "ما زلنا في مرحلة التسويف والمُماطلة وتضييع الوقت"، مُستغرباً "التشديد على مسألة الدوام".
"تحرّك طرابلس"
عن التحرّك الأخير في طرابلس، يُوضح أنّ "هذا تحرّكٌ للقطاع الخاص، وبرأيي كان تحرّكاً ناجحاً لرئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في لبنان الشمالي النقيب شادي السيد، وكنت أتمنّى أنّ نكون جميعنا يداً بيد ويتوّحد القطاعان العام والخاص، ونقوم بتحرّك واحد يفيد الجميع، ونتمكّن من النزول إلى الشارع، خاصة بعد الانتخابات البلدية. لقد أعطينا فرصة خلال مرحلة الانتخابات لأننا نعتبرها عرساً وطنيّاً وتجسيداً للديمقراطية في البلد. لكن الدولة، لم تأخذ بالاعتبار تلك الفرص التي قدّمناها ولم تتجاوب معنا أو تقدّم أي مبادرة تدل على استعدادها لتقديم أيّ شيء".
السلطة في مكانٍ آخر
يُضيف نحال: نرى السلطة في أماكن أخرى تتشدّد في مسألة الدوام لكنها لا تريد تقديم أي شيء في المُقابل، وبأنّ على الموظف واجبات عليه القيام بها ويذكروننا مجدّداً بنظام الموظفين الذي يعود تاريخه إلى 60 عاماً مضت، وكأننا لم نتجاوز هذه الأمور. والحقيقة أننا تجاوزناها ونخضع للدستور اللبناني وتحرّكاتنا ضمن القانون، ويحاولون منعنا من العمل النقابي. طالبوا بأن يكون الدوام حتى الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر، فاعترضنا وأعربنا عن رفضنا لهذا الأمر، عند إقرار سلسلة الرتب والرواتب عام 2017 عمدوا إلى زيادة الدوام. قلنا لهم: "لا عمل من دون أجر، أنتم مدّدتم لنا الدوام وكأنكم تقولون إنكم ترفعون لنا الراتب. أنتم لم تزيدوا لنا الراتب بل قمتم بعملية تصحيح أجور بقيت عشرين عاماً مجمّدة، منذ العام 1997 حتى الـ 2017، ولم تقوموا بواجباتكم، في الوقت الذي تريدون أنْ تحاسبونا وتلزمونا على الحضور إلى العمل بالقوة ولأوقات إضافية. اليوم نذكركم مجدّداً بهذا الجواب بأن لا عمل من دون أجر ونحن مصرّون على مطلبنا الأساسي بأن يعود الدوام حتى الساعة الثانية بعد الظهر والجمعة حتى الحادية عشرة من قبل الظهر، إلى حين عودة الرواتب كما كانت عليه قبل الأزمة الاقتصادية عام 2019. أعيدوا الراتب كما كان ونحن مستعدّون للدوام بشكل طبيعي. نحن دعاة عمل وخدمات ولسنا جماعة إضرابات أو تحركات مطلبية أو تضييع وقتنا كجماعة فاسدة".
وهنا يُشير نحال إلى أنّ "أحد المستشارين يقول رواتب القطاع العامّ هي دون المعيار الصحيح ويحقّ لموظف القطاع العام بالعيْش الكريم لكن هذا لا علاقة له بواجباته تجاه إدارته. فهل يجوز ذلك؟ فكيف يُذكّر الموظف بواجباته وأنّ عليه أنْ يُداوم ولا يذكر بأن لديه حقوقاً".
ماذا عن التحرّكات؟
وعن التحرّكات التي سيقوم بها القطاع العام، يُجيب: "بعد انتهاء الانتخابات سنقوم بسلسلة اتصالات واستشارات بيننا كإداريين وبين كل المتضررين. سنجتمع مع الجميع ونطرح كل الشؤون من جديد وسنقول إنّ الانتخابات انتهت وانتهت معها فترة السماح التي أعطيناها للدولة، والتشاور في التحرّكات التي سنقوم بها".
ويُتابع: "بالطبع سنتحرّك على الأرض لكن تحت سقف القانون والدستور اللبناني الذي يُجيز لنا الإضراب مروراً بالاعتصام وصولاً إلى العصيان الوظيفي وكل التحرّكات المسموحة في القانون سنستخدمها وبتسلسل. سنتبع خطوات مدروسة وموثوقة وجيّدة. وفي الوقت عينه، ستكون يدنا ممدودة للتفاوض. لسنا من هواة الإضراب والتعطيل وإلا لقمنا بتحرّكاتنا خلال فترة الانتخابات. وكما كنا في السابق العمود الفقري للدولة بقينا كذلك في فترة الحرب صمدنا وقدّمنا الخدمة وسقط لنا شهداء وعانينا على أبواب المستشفيات ومحطات الوقود والأفران. على الدولة أنْ تعي أنه يتوجب على هذه المعاناة أنْ تتوّقف وأنْ يعيش الموظف بكرامة".
محاسبة الفاسدين
يُشدّد نحال على أنّ "المطلوب من الدولة محاسبة الفاسدين إذا ما كان هناك من فساد، بدءاً من رأس الهرم وصولاً إلى أصغر موظف وإعادة الأموال التي سرقت من الشعب، وفتح المجال أمام محاسبة الموظفين الفاسدين من جهة، وتطوير الإدارة من جهة أخرى، وإنهاء الشغور الذي بلغت نسبته 70 في المئة، كما أنّ نسبة كبيرة من الموظفين أصبحت في سن متقدم، وتثبيت العاملين تحت كافة التسميات، وإجراء الترقيات من ضمن الإدارة بعيداً عن التنفيعات السياسية والتركيبات الهجينة من إدارات ووزارات أخرى، وفتح باب التوظيف بعدها لإدخال دم جديد. وليس كما قال أحدهم بأن يدفعوا الموظفين لتقديم استقالاتهم والذهاب نحو التعاقد الوظيفي، والهدف ضرب الملاك والإدارة، رضوخاً لإملاءات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والدول المانحة والخصخصة".
ويلفت إلى أنّه "يجب العمل على إصلاح النظام الضريبي على أنْ يتكوّن من 85 % ضرائب مباشرة وتصاعدية على الأرباح و 15 % ضرائب غير مباشرة، كما تحويل الاقتصاد من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد مُنتج".
المطالب الأساسيّة
ويعود نحال ويُذكّر بمطالبهم الأساسيّة، وهي كالتالي:
- تصحيح الرواتب والأجور لتعود قيمتها كما كانت عشية الأزمة الاقتصادية ودمج كل الزيادات في صلب الراتب، والشروع فوراً في إعداد سلسلة رتب ورواتب مُنصفة وعادلة للجميع ليستطيع الموظف العيش بكرامة وبحبوحة، وفق مؤشر الغلاء والتضخم واعتماد سلم متحرك للأجور.
- إعادة احتساب المعاش التقاعدي على قاعدة 100 % من الراتب الأساسي.
- إعادة احتساب تعويضات نهاية الخدمة والمعاش التقاعدي لجميع الذين أنهوا خدماتهم منذ العام 2019 وحتى تاريخ صدور سلسلة رتب ورواتب جديدة على أساس القيمة الفعلية للدولار التي يحسبها المصرف المركزي ( 89500 ل.ل ) بدل احتسابه على أساس 1500 ل.ل.
- وقف سياسة الدولرة في تسعير السلع والخدمات الاستهلاكية والغذائية وباقي أبواب الإنفاق واعتماد الليرة اللبنانية بدلاً من ذلك.
- دعم الهيئات الضامنة (تعاونية موظفي الدولة والضمان الاجتماعي....) وذلك بزيادة الاعتمادات المرصودة لها لتمكينها من توفير التقديمات الاجتماعية والخدمات الصحية والاستشفائية والمدرسيّة والمنح الاجتماعية.
- دعم المدرسة الرسميّة والجامعة اللبنانية والمستشفيات الحكوميّة.
مصادر التمويل
يختم نحال حديثه، بالقول: "مطالبنا واضحة، وقد سبق وبيّنا للسلطة السياسية مصادر التمويل: استرداد الأموال المنهوبة والمُهرّبة إلى الخارج، استرداد أموال الهندسات الماليّة، فرض غرامات واسترداد الأملاك البحرية والنهرية وإدارتها من قبل الدولة ممّا يتيح خلق آلاف فرص العمل للشباب، وقف التهريب الضرائبي والجمركي، وقف دعم الجمعيات الوهمية، إعادة تأجير أملاك الدولة بأسعار مناسبة وحقيقية، واعتماد الاقتصاد المُنتج بدل الريعي، فرض ضريبة تصاعديّة على الأرباح".