ميقاتي بين خيارين: حكومة من 30 وزيراً أو أزمة دستورية نهاية العهد!

حركت زيارة رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي امس، الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا المياه الراكدة حكومياً، حيث تم خلال اللقاء البحث في الاوضاع العامة وملف تأليف الحكومة العتيدة، ولو ان الرهان على الوصول الى خواتم سعيدة ما زال ضعيفاً طالما ان «للحديث صلة» كما قال ميقاتي، وطالما ان هناك افكاراً واقتراحات طرحت واتصالات ستجري للتداول بها.

وبعد اللقاء ادلى الرئيس ميقاتي بتصريح مقتضب قال فيه: في 29 حزيران الماضي قدمت الى الرئيس عون تشكيلة للحكومة، وتم خلال لقاء اليوم البحث في هذه التشكيلة، وللحديث صلة. وسنتواصل لأنني أستطيع أن اقول أن وجهات النظر متقاربة.

وعلمت «اللواء» من مصادر تابعت اللقاء «ان اجواءه كانت إيجابية وسادته رغبة من الرئيسين بالتعاون وفقاً للأصول». وتناول البحث اكثرمن ملف، بدءاً من نقاش وضع تشكيل الحكومة، وجرى بحث التشكيلة التي قدمها ميقاتي في حزيران، وكان هناك تفاهم على ان معالجة الازمة الحكومية تنطلق من التشكيلة الاولى على ان تؤخذ بالاعتبار الملاحظات التي قدمها الرئيس عون للرئيس ميقاتي وتتم دراسة السبل الكفيلة بإيجاد تشكيلة حكومية متوافق عليها.

وجرى بحث بعض الافكار بين الرئيسين وقررا استكمال البحث لاحقاً، في ضوء الاتصالات التي سيجريها الرئيسان للوصول الى نتائج إيجابية تساعد في تسهيل تشكيل الحكومة، بعدما ظهرت نيّة حقيقية بالسير بتشكيل الحكومة، واتفقا على مواصلة المشاورات والبحث عن المخارج للتشكيلة الوزارية. 

واطلع ميقاتي عون على أجواء مداولات الاجتماع الوزاري الذي عقده ميقاتي امس الاول، وبعض النقاط التي طرحت فيه لا سيما كيفية معالجة الازمات الاقتصادية والمالية والمعيشية، لا سيما معالجة ازمات الكهرباء والمحروقات. وتم التفاهم على بعض النقاط لمعالجة هذه المواضيع والتي سيتم استكمال البحث فيها في الاجتماع المقبل ومن خلال الوزراء المعنيين الذين سيتبلغون كلٌّ في مجاله ما تم التفاهم عليه بين الرئيسين.

وافادت معلومات اخرى، انه تم الحديث عن تعديلات طفيفة يمكن ان تطرأ على التشكيلة الحكومية بناء لملاحظات الرئيس عون السابقة.

اما «مصادر السرايا الحكومية» فوزعت معلومات مفادها «إنّ «هناك إيجابيّة، والرئيس ميقاتي كان حريصاً على الردّ على المشككين بأنّه لا يُريد تشكيل حكومة بالقول إنّه قدّم تشكيلته في 29 حزيران، والبحث مستمر بها».

واستغربت مصادر السراي «التسريبات المعروفة الأهداف، والتي تُوحي بأنّ ميقاتي زار رئيس الجمهوريّة بعد التلويح بعدم تسليم السلطة لحكومة تصريف أعمال غير مكتملة الصلاحيات، وأكّدت المصادر أنّ هذا الكلام غير صحيح لأنّه خلال الإتّصال الهاتفي الذي أجراه ميقاتي مع رئيس الجمهوريّة للمعايدة بعيد السيّدة العذراء، دعاه عون إلى قصر بعبدا للتشاور».

وحذّرت مصادر السراي «مُجدّداً من دخول أطراف لا علاقة لها بعمليّة التأليف مباشرة على خطّ العرقلة، كما حصل في السابق».

بالمقابل، قالت، مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن إعادة تحريك ملف الحكومة جاء بناء على اتصالات ونصائح اسديت إلى المعنيين دون إغفال موقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي تحدث فيه عن تأليف الحكومة ولم يشر إلى ملف الأستحقاق الرئاسي.

وسألت المصادر ما إذا كان هناك من تبديل حصل وحتم التواصل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف بعد الجمود الحكومي مشيرة الى ان ثمة قناعة توصل إليها المعنيون وتعزز التأكيد أنه لا بد من محاولة معينة أفضل من خيارات أخرى.

ولفتت إلى أن الاتصال بينهما والذي سبق الاجتماع سهل الأمر على أن الواضح أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف قررا إعطاء فرصة جديدة للتاليف دون أن يعني ذلك ان الامر حسم لأن المحاذير ما زالت قائمة.

وأشارت إلى أن البحث بينهما انطلق من التشكيلة الأخيرة التي قدمها ميقاتي إلى الرئيس عون في ٢٩ حزيران الماضي، والتي تقرر أن يعاد البحث بها مع إمكانية إجراء تعديل في بعض الأسماء والحقائب، غبر ان الخشية تبقى قائمة من عدم حصول التوافق.

وأكدت أن هناك رغبة في قيام حكومة جديدة وإن أفكارا طرحت وقد تطرح في اجتماع قريب بينهما.

وكانت اوساط مطلعة قد أشارت إلى أن الرئيس ميقاتي طرح التشكيلة التي كان تقدم بها، وتوافقا على السير بتشكيل الحكومة من خلال التفاهم على بعض الحقائب والاسماء الواردة في الصيغة.

وفي المعلومات أن رئيس الحكومة المكلف وضع رئيس الجمهورية في جو الاجتماع الوزاري الذي عقد في السراي. وكان بحث في الأمور الحياتية الطارئة من كهرباء وطحين.

إلى ذلك، علم ان قرارا قد أعده وزير المال يوسف خليل لاعتماد ٢٠ الف ليرة للدولار الجمركي وفرمل. وفي المعلومات أن الملف برمته أصبح في عهدة وزير المال وحاكم مصرف لبنان أي انه منوط بهما في ضوء وضع مالية الدولة مع العلم أن رئيس الجمهورية يمانع فرض أعباء جديدة على المواطنين وبالتالي فير موافق على مبلغ العشرين الف، أو سعر منصة صيرفة.

وأشارت مصادر سياسية الى ان لقاء الرئيس عون مع الرئيس ميقاتي تناول خلال البحث بتشكيل الحكومة، خيارين، اولهما إجراء تعديل محدود على التشكيلة التي قدمها ميقاتي لعون نهاية حزيران الماضي، على أن يقتصر التعديل على اسمين او ثلاثة اسماء يقترحهم الاخير مع الحقائب التي سيشغلونها، او الابقاء على الحكومة الحالية مع إجراء تعديلين على حقيبتين اثنين فقط، لم يكشف النقاب عنهما ولكن فهم انها تشمل الطاقة، نظرا لارتباطها بالخطة الاصلاحية المطروحة مع صندوق النقد الدولي والثانية الاقتصاد الوطني، في حين بقيت مواقف الرئيسين لجهة شكل وتركيبة الحكومة، متباعدة نسبيا، وان اتفقا على العودة للتشاور مجددا، لان رئيس الجمهورية اقترح مجددا ان تضم التشكيلة ست وزراء دولة يمثلون الطوائف الاساسية لاعطائها طابعا سياسيا، فيما أصر ميقاتي عل شكل التشكيلة التي قدمها، المشابهة لحكومة تصريف الأعمال معتبرا، ان تجربة الحكومة الحالية مشجعة ومشيدا بالتعاون الايجابي والفعال بين وزرائها.

واشارت المصادر إلى ان كل محاولات اختراع البدع والتفسيرات الملتوية للدستور، التي ينتهجها رئيس التيار الوطني الحر، لابقاء عون بسدة الرئاسة بعد إنتهاء ولايته، محكومة بالفشل الذريع مهما حاول التلطي بالذرائع الطائفية، لان هناك معارضة شعبية واسعة ضده، ورفض خارجي له ايضا، ما يجعل كل المخارج المصطنعة عديمة الجدوى وساقطة.

وتكشف المصادر الى ان اكثر من سفير دولة كبرى وفي مقدمتهم سفيرا الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا على وجه الخصوص، ابلغه كبار المسؤولين وكل السياسين والمعنيين، بضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية بموعدها، ورفضهم المطلق، لأي محاولة للتمديد لعون، أو التلكؤ، او التمرد بمغادرة موقعه الرئاسي بعد انتهاء ولايته دستوريا، تحت طائلة اتخاذ مواقف صارمة، قد تصل إلى فرض عقوبات اميركية واوروبية غير محسوبة، وهذا ما يجب التنبه له واخذه على محمل الجد وبعين الاعتبار.

في هذا الخضم المضطرب، بدا ان الموازنة قائمة بين خيارين: الأول انجاز تأليف حكومة جديدة، ولو لشهر او شهرين، والثاني ارجاء الخطوة والسير بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبعدها تشكيل حكومة جديدة مع فريق عمل.

وحسب المعلومات، فإن ترويج تأليف الحكومة ينطلق من توجس حقيقي بعدم انتخاب الرئيس في المهلة الدستورية التي تفتح في اوائل ايلول المقبل، اي قبل شهرين، على ان تصبح الايام العشرة الاخيرة من شهر ت1 مواعيد ملحة لانجاز الانتخاب..

وعليه، يصبح من الضروري البحث في كيفية ملء الفراغ، في ظل ما تناهى من معلومات ان الرئيس عون ابلغ الجانب الفرنسي، وحزب الله انه ليس بوارد تسليم قصر بعبدا، وهو «باقٍ في القصر ما لم يتم تشكيل حكومة جديدة».

وحسب مصادر قيادية في «الثنائي الشيعي» فإن تأليف حكومة ليس بالامر السهل، لا سيما ان العقدة الحقيقية هي توسيع الحكومة الحالية الى 30 وزيراً، بينهم 6 وزراء دولة من السياسيين، يمثلون الطوائف الست الرئيسية في البلد، فضلاً عن تغيير 5 وزراء، عرف منهم وزراء المهجرين والطاقة والاقتصاد والمال، وربما العدل..

وفي المعلومات ان حزب الله يذهب مذهب فريق بعبدا من ان حكومة مستقيلة لا يمكن ان تتسلم مهام الرئاسة الاولى، وبالتالي فإن خيار الازمة في الواجهة، مما يعني ان لقاء بعبدا وضع الرئيس ميقاتي امام خيارين احلاهما مر: حكومة بلمسات عونية او فراغ في السلطة تؤدي الى ازمة حكم كبرى، على غرار المشهد عام 1988، مما يعجل او يؤخر عقد طاولة حوار وطني لاعادة النظر بالنظام القائم.

يشار على هذا الصعيد ان الرئيس ميقاتي نفى ان يكون البحث تطرق الى اضافة 6وزراء، معتبراً ان الصيغة التي قدمها في 29 حزيران الماضي هي القاعدة للبحث بأي حكومة جديدة، قبل ان يعلن ان للبحث صلة.